اتفاق دفاعي بريطاني-إسرائيلي يظل سريًا رغم الهجمات على غزة

1447 جمادى الأولى 22 | 13 نوفمبر 2025
كشفت تحقيقات حديثة عن استمرار اتفاق عسكري سري بين بريطانيا وإسرائيل منذ ديسمبر 2020، في وقت تتهم فيه إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وكان جيش الاحتلال قد أعلن عبر تغريدة توقيعه الاتفاق، مشيرًا إلى أن القادة العسكريين في البلدين اتفقوا على “توطيد وتعزيز الشراكة الدفاعية ودعم الشراكة المتنامية بين إسرائيل وبريطانيا”.
إلا أن الحكومة البريطانية لم تمنح الاتفاق أي اهتمام رسمي ، وظل الصمت سيد الموقف، دون أي بيان من وزارة الدفاع أو تغطية إعلامية وطنية. وكسر هذا الصمت النائب كيني ماكسكيل في مايو 2021 بسؤاله البرلمان عن نشر نص الاتفاق.
ورد وزير الدفاع المحافظ آنذاك جيمس هيبي بأن الاتفاق “مصنف ضمن أعلى درجات السرية ولن يُنشر للعامة”، مؤكدًا أنه “يعزز العلاقة الدفاعية بين بريطانيا وإسرائيل” ويُعد “جزءًا مهمًا من الدبلوماسية الدفاعية”. لكنه أضاف تفاصيل غامضة، قائلاً إن الاتفاق “يشكل آلية لتنظيم العلاقة بين البلدين… ويسهم في تخطيط الأنشطة المشتركة، بما في ذلك التدريب الطبي العسكري، ومفاهيم التصميم التنظيمي، والتعليم الدفاعي”.
مع بدء الهجمات الإسرائيلية على غزة، أعاد ماكسكيل طرح السؤال مجددًا، لكن هيبي رفض مرة أخرى نشر نص الاتفاق، مكتفيًا بالقول إنه “يتضمن مجموعة من الأنشطة الدفاعية المشتركة، بما في ذلك التعليم الدفاعي والتدريب المشترك”.
وعندما تولى حزب العمال السلطة في 2024، استمر التعتيم ذاته، وأكد وزير الدفاع لوك بولارد أن “نشر الاتفاق غير ممكن لأنه مصنف ضمن أعلى درجات السرية”.
وفي رد حديث على طلب حرية المعلومات (FOI)، أكدت وزارة الدفاع أن “لا تعديلات أو تغييرات على الاتفاق موجودة”، ما يثبت استمرار سريانه، وهو اعتراف مهم بأن الوزراء البريطانيين ظلوا راضين عن استمرار التعاون العسكري مع دولة متهمة بارتكاب إبادة جماعية.

رفضت وزارة الدفاع الكشف عن نص الاتفاق الكامل، مشيرة إلى أن ذلك “قد يضر بمصالح بريطانيا دوليًا”، في إشارة واضحة إلى إسرائيل. وأضافت الوزارة أن نشر النص “سيؤثر على قدرة وكفاءة قواتنا المسلحة”، وهو ما يبرر استمرار التعتيم.
وبالتالي، ظل الاتفاق ساريًا طوال فترة الإبادة الجماعية، خصوصًا خلال ولاية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من ديسمبر 2022 حتى نوفمبر 2024، والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بتهم ارتكاب جرائم حرب، تشمل استخدام المجاعة كأداة حرب وتوجيه هجمات متعمدة ضد المدنيين.
ويشمل الاتهام ضد غالانت “جرائم ضد الإنسانية تشمل القتل والاضطهاد وأفعال غير إنسانية أخرى” في الفترة من 8 أكتوبر 2023 حتى 20 مايو 2024 على الأقل”.

علق النائب كريس لو عن دائرة دندي المركزية على موقف الحكومة البريطانية قائلاً إن رفض نشر تفاصيل الاتفاق العسكري يكشف عن نقص شديد في الشفافية والمساءلة بشأن العلاقة المستمرة مع الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف أن وزارة الدفاع قدمت دعمًا حاسمًا لجيش الاحتلال منذ أكتوبر 2023، رغم غياب أي معلومات عن تفاصيل الاتفاق العسكري لعام 2020. وشدد على أن طرح أسئلة حول سبب عدم تعديل أو تحديث الاتفاق في ضوء أفعال إسرائيل خلال العامين الماضيين أمر ضروري.
وأكد لو أن البرلمان والجمهور والصحافة يجب أن يواصلوا الضغط على الحكومة لإنهاء جميع العلاقات العسكرية مع إسرائيل، بما في ذلك الكشف الكامل عن محتويات الاتفاق العسكري لعام 2020. واختتم حديثه بالتأكيد على أن اتخاذ الحكومة إجراءات عاجلة لضمان عدم استمرار دعمها العسكري لدولة متورطة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أصبح ضرورة ملحة.

استمر التعاون البريطاني مع وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد {يسرائيل كاتس} بعد رحيل غالانت، في وقت وصفت فيه لجنة أممية أنشطة جيش الاحتلال بأنها تشكل إبادة جماعية.
وأوضحت اللجنة في سبتمبر 2025 أن العمليات العسكرية في غزة شملت قتل وإلحاق أضرار جسيمة بأعداد غير مسبوقة من الفلسطينيين، وفرض حصار كامل يشمل حجب المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى المجاعة، إلى جانب تدمير النظام الصحي والتعليمي بشكل منهجي.
ورغم هذه التوصيات الأممية، قررت وزارة الدفاع البريطانية عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية ضد الأفراد أو الجهات المتورطة، واستمر التعاون العسكري مع كاتس ، الذي اقترح في يوليو نقل 600 ألف فلسطيني إلى ما وصفه المراقبون بـ”معسكرات اعتقال” في جنوب غزة، مع خطط لتوسيعها لتشمل كامل سكان القطاع.
وأشار رد طلب حرية المعلومات (FOI) إلى أن هذا الاتفاق هو “الاتفاق الوحيد” الذي وقعته وزارة الدفاع مع إسرائيل، ما يشير إلى أنه يشكل الأساس للدعم العسكري البريطاني لإسرائيل، ويشمل:
كما وقعت بريطانيا وإسرائيل في 2023 “خريطة طريق” تتعهد فيها الدولتان بشراكة استراتيجية وثيقة تشمل تعاونًا واسع النطاق في الدفاع والأمن، فيما أشار وزير الخارجية ديفيد لامي إلى أن هذه الاتفاقية قيد المراجعة.
وكشف تحقيق صحفي لموقع ديكلاسيفايد عن اتفاق سري آخر بين بريطانيا وإسرائيل يعرف باسم HEZUK، بدأ في 2019-2020، وكان يهدف إلى تعزيز قدرة إسرائيل على مواجهة إيران وحزب الله، تحت إشراف مباشر من الجيش البريطاني.
توضح هذه الوقائع أهمية الشفافية والمساءلة في العلاقات العسكرية، خصوصًا عند التعاون مع أطراف متورطة في جرائم حرب. وتبرز الحاجة لممارسة الرقابة المستمرة على الحكومة البريطانية، مع المطالبة بالكشف الكامل عن أي اتفاقيات عسكرية سرية ومراجعة سياسات الدعم العسكري لضمان احترام القانون الدولي وحماية القيم الإنسانية.
المصدر : ديكلاسيفايد
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇