الذكاء الاصطناعي قد يُحدث ثورة في مكافحة جرائم الطعن بالسكاكين

في خطوة قد تُحدث تحولًا جذريًّا في آليات التصدي لجرائم الطعن، طوّر معهد الذكاء الاصطناعي بجامعة سري البريطانية نظامًا مبتكرًا يحمل اسم Knife Hunter، يسعى إلى مساعدة قوات الشرطة في رصد الأسلحة البيضاء وتتبع مصادرها بسرعة ودقة غير مسبوقتين. وجاء تطوير هذا النظام بالتعاون مع شرطة العاصمة البريطانية، في إطار جهود مكافحة تصاعد حوادث الطعن التي تُشكّل عقبة كبيرة للسلطات الأمنية.
ووفقًا لفريق البحث، فإن هذا النظام يُمكّن الشرطة من تسجيل الأسلحة المضبوطة أو المستعادة أو المُصادرة بكفاءة أعلى، إلى جانب تتبع قنوات البيع بالتجزئة أو الاستيراد غير المشروع، وتحليل الاتجاهات الجغرافية لانتشار هذه الجرائم. كما يُتيح استخراج تقارير مفصلة عن أنماط جرائم الطعن، بما يُسهم في دعم عمليات إنفاذ القانون وصياغة سياسات أكثر فاعلية في التصدي لهذه الظاهرة.
تحول جذري في تحليل الأدلة الجنائية

أوضح البروفيسور ميروسلاف بوبير، قائد المشروع في معهد الذكاء الاصطناعي بجامعة سري، أن النظام الجديد يُمثل تطورًا نوعيًّا في طريقة معالجة وتحليل الشرطة للصور ومقاطع الفيديو، حيث يعتمد على تقنيات متقدمة تُتيح رصد الأسلحة بسرعة وكفاءة أعلى من أي وقت مضى.
وقال بوبير: “يُشكل Knife Hunter نقلة نوعية في آليات تحليل الأدلة الجنائية الرقمية، إذ يُمكن للشرطة من خلاله تتبع مسار الأسلحة من نقطة الإنتاج إلى التداول، ما يُساعد في الكشف عن مصادر انتشارها داخل المجتمع”.
وبحسَب الإحصاءات الرسمية، فقد سُجل أكثر من 50ألف جريمة طعن في إنجلترا وويلز خلال الفترة الممتدة حتى يونيو 2024، بزيادة بلغت 4 في المئة مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس ضرورة تبني حلول مبتكرة للحد من هذه الظاهرة.
نحو تعميم التكنولوجيا على مستوى وطني

أكد بوبير أن نجاح النظام في الاختبارات الأولية ضمن عملية سبيكتر، التي تُعد واحدة من أبرز المبادرات التي أطلقتها شرطة العاصمة البريطانية لمكافحة جرائم الطعن، يُعزز فرص اعتماده على نطاق أوسع في مختلف أجهزة إنفاذ القانون بالمملكة المتحدة.
وأضاف: “على مدار السنوات الثلاث الماضية، عملنا بالشراكة مع شرطة العاصمة البريطانية على تطوير هذا النظام، ونرى أنه قد يُحدث ثورة حقيقية في أسلوب تعامل قوات الأمن مع جرائم الطعن في المستقبل القريب. ونتطلع إلى تعزيز التعاون بين الشرطة والمجتمعات المحلية؛ لضمان تعزيز السلامة على الطرق”.
ويعتمد النظام على قاعدة بيانات ضخمة تضم أكثر من 25,000 صورة لـ550 نوعًا مختلفًا من السكاكين، ما يجعله قادرًا على معرفة أدق التفاصيل المميزة لكل سلاح، بصرف النظر عن زاوية التصوير أو ظروف الإضاءة.
من جانبه نبّه البروفيسور أدريان هيلتون، مدير معهد الذكاء الاصطناعي بجامعة سري، أهمية المشروع باعتباره نموذجًا بارزًا على توظيف التقنيات الحديثة لخدمة المجتمع، قائلًا:
“يأتي هذا الابتكار البحثي في وقت محوري، إذ تتجه الحكومة البريطانية نحو إعادة صياغة سياساتها في مجال الذكاء الاصطناعي، بالانتقال من التركيز على إدارة المخاطر إلى الاستفادة القصوى من الفرص التي توفرها هذه التكنولوجيا لتحسين حياة المواطنين. نحن نُظهر اليوم كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان أن يُسهم في تعزيز الأمن العام”.
دعم حكومي لتوظيف الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجريمة

رحّب وزير العلوم والتكنولوجيا البريطاني بيتر كايل بهذه المبادرة، مُشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يُمثل أداة قوية لدعم قوات الشرطة في مكافحة الجريمة، وأضاف:
“يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة لتمكين الشرطة من إحباط هذه الاعتداءات المروعة وإنقاذ الأرواح. وما نراه اليوم ليس إلا البداية، إذ يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إحداث ثورة في مختلف القطاعات، بدءًا من تحسين خدمات الرعاية الصحية، وصولًا إلى تعزيز الإنتاج وتوفير المزيد من الوقت للناس، وكل ذلك يتماشى مع خطتنا للتغيير”.
مع استمرار الجهود لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الأمن العام، يُتوقع أن يُشكل Knife Hunter نموذجًا رائدًا في استراتيجيات مكافحة الجريمة، ليس في بريطانيا فقط، بل ربما على المستوى الدولي، في ظل تصاعد الحاجة إلى حلول تقنية مبتكرة لمواجهة الصعوبات الأمنية المتزايدة.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇