طالب لجوء كردي عراقي يشعل النار في منزل بعد شعوره بالإهمال

في واقعة أثارت جدلًا واسعًا بشأن ظروف طالبي اللجوء في بريطانيا، أصدرت محكمة التاج بمدينة ليدز حكمًا بالسجن على طالب لجوء كردي من العراق، بعد إدانته بإشعال حريق في المنزل الذي أُسند إليه، في لحظة وصفها القاضي بـ”اليأس العميق”.
وأوضحت المحكمة أن الشاب زيدان حسان طه، البالغ من العمر 24 عامًا، أضرم النار عمدًا داخل مسكن مشترك في منطقة آرملي غرب ليدز، بعد أن شعر بالإهمال، زاعمًا أن أحدًا لم يصغِ إلى شكواه، قبل أن يغادر المكان دون إطلاق أي إنذار، معرضًا حياة الآخرين للخطر.
من العراق إلى بريطانيا.. من خيبة الأمل إلى الانفجار
كان طه قد وصل إلى بريطانيا قادمًا من كردستان العراق، حيث قال إنه تمرد على خلفيته الدينية وطلب حياة أفضل في الغرب. لكن الواقع الذي واجهه – بحسب روايته – كان أكثر قسوة مما توقع، إذ وُضع في منزل مشترك بشارع ريدشو، يتقاسم الإقامة فيه مع آخرين، وظل يعيش على معونة أسبوعية لا تتجاوز 49 باوند، دون إذن بالعمل أو سبل للاندماج.
في إبريل من العام الماضي، أجرى طه اتصالًا بشركة الإسكان المشرفة على العقار، معربًا عن امتعاضه من ظروف الإقامة، وهدد في المكالمة بإحراق المنزل. ورغم اعتقاله حينها وإطلاق سراحه لاحقًا، فإن الحادث تكرّر بعد أسابيع، حين أبلغت فرق الإطفاء عن حريق في المنزل ذاته في 2 مايو.
وتبيّن لاحقًا أن طه استخدم ولاعة لإشعال بطانية في المطبخ، ثم ألقاها على الأريكة محاولًا إشعال المكان قبل مغادرته. ولم يكن في المنزل أحد في ذلك الوقت، وقد دوّى جهاز إنذار الدخان، إلا أن النيران لم تتمدد واقتصرت الأضرار على منطقة المطبخ.
الاعتداء على الشرطة.. والانهيار النفسي
لاحقًا، ألقت الشرطة القبض على طه في ساعات الفجر الأولى، غير أن سلوكه في مركز الشرطة اتسم بالعدوانية، حيث بصق في وجه أحد الضباط. وقال محاميه إن موكله شعر حينها أن عناصر الشرطة “يسخرون منه”، ما دفعه إلى رد فعل انفعالي.
كما كشف الدفاع أن طه كان يعاني – في وقت ارتكاب الحادث – من اضطراب ذهاني حاد ومتعدد الأعراض، تسبب له بحالة من التوهّم والانهيار النفسي، ما شكّل عاملًا مهمًا في سلوكه، وإن لم يكن مبررًا له.
وأفاد المحامي ستيفن ليتلوود بأن موكله كان يتعرّض لسلسلة من الانتهاكات داخل المنزل، حيث سُرِق طعامه، وتعرّض للضرب، وحُبس خارج غرفته، واضطر للنوم على الأريكة، دون أن يجد آذانًا صاغية لمعاناته.
وفي تصريح صادم، قال طه أمام المحكمة إنه يريد أن يُرحَّل إلى العراق، مؤكّدًا أنه لا يملك روابط أسرية هناك، لكنه لم يعد يحتمل الحياة في بريطانيا.
الحكم: “فعل يائس”.. لكنه خطير
القاضية كيت ريفيلد وصفت تصرّف طه بأنه “فعل نابع من يأس”، لكنها شددت على أنه عرّض الأرواح للخطر، لا سيما أن المنزل الذي أُشعلت فيه النيران يقع ضمن صف منازل متلاصقة، ما كان قد يتسبب بكارثة واسعة في حال انتشار الحريق.
وحكمت المحكمة بسجنه لمدة 26 شهرًا، مع إشارة واضحة إلى أنه سيُرحَّل على الأرجح بعد انتهاء فترة العقوبة.
تؤكّد منصة “العرب في بريطانيا (AUK)” أن هذه الحادثة، رغم خصوصيتها، تُسلّط الضوء على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية المتدهورة التي يعيشها كثير من طالبي اللجوء في المملكة المتحدة، لا سيما أولئك الذين يعانون من صدمات نفسية أو عزلة ثقافية.
وترى المنصة أن غياب آليات الدعم النفسي والاجتماعي الفعّال، إضافة إلى ظروف الإقامة القاسية ومنع طالبي اللجوء من العمل والاندماج، يخلق بيئة تُغذّي اليأس والانفجار.
وتدعو AUK إلى مراجعة شاملة لسياسات استقبال طالبي اللجوء، وتوفير أنظمة دعم متكاملة، توازن بين حماية المجتمع، وحماية الإنسان المحتاج للحماية.
المصدر: يوركشاير بوست
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇