القضاء يجيز بقاء شاب مصري رغم الجدل بشأنه
في قرار أثار جدلًا واسع النطاق داخل الأوساط القانونية والإعلامية في بريطانيا، سمحت محكمة الهجرة العليا لشاب مصري وُصف بأنه “يشكّل خطرًا على المجتمع” بالبقاء داخل بريطانيا، بعدما رأت القاضية أن إعادته إلى بلده قد تعرّضه للتعذيب أو سوء المعاملة.
ويبلغ الشاب من العمر 24 عامًا، وقد ارتكب -وفق ما ورد في جلسات المحكمة- ما لا يقل عن 19 جريمة في بريطانيا، بينها السرقة والاعتداء والعنف ضد موظفي الخدمة العامة، إلا أن المحكمة اعتبرت أن حالته النفسية وتاريخ عائلته السياسي في مصر يُبرران منحه الحماية الإنسانية.
من رحلة تهريب إلى أروقة القضاء
بدأت قصة الشاب قبل نحو عشر سنوات، حين دخل الأراضي البريطانية في سن الرابعة عشرة على ظهر شاحنة قادمة من أوروبا، بعد أن خضع لسيطرة شبكات تهريب البشر خلال رحلته.
وبعد وصوله، حصل على إقامة مؤقتة بصفته “طفلًا طالب لجوء دون مرافق”، لكن طلب حمايته رُفض في عام 2016. وعلى مدى السنوات اللاحقة، خاض سلسلة طويلة من الاستئنافات القانونية إلى أن قبلت المحكمة أخيرًا استئنافه على أسس إنسانية وحقوقية.
وخلال جلسات الاستماع، قال محامي الشاب: إن موكله سيواجه خطرًا حقيقيًّا إذا أُعيد إلى مصر، مشيرًا إلى أن والده كان من المشاركين في احتجاجات سياسية ضمن جماعة الإخوان المسلمين، وقد اعتُقل وسُجن ثم تمكن من الهرب، ويعيش حاليًّا مختبئًا في جبال شمال شرق البلاد.
واعتبرت القاضية غاينور بروس أن عودة الابن قد تعرّضه للاعتقال أو التعذيب بغرض معرفة مكان والده، وهو ما يشكّل انتهاكًا لاتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية التي تلتزم بها بريطانيا.
سجل إجرامي ومعاناة نفسية

الملف القضائي للشاب تضمن إدانات متكررة في جرائم عنف وسرقة وشجار عام، ما أدى إلى سجنه في مقاطعتي كِنت ونوتنغهام. وأوضحت المحكمة أن المتهم يعاني من اضطرابات نفسية حادة وإدمان للمخدرات والكحول منذ سنوات، ما جعل حالته “عاملًا أساسيًّا” في سلوكه الإجرامي.
وجاء في حيثيات الحكم: “إن الاضطرابات النفسية، وما تبعها من تعاطٍ للمواد المخدرة، كان لها دور كبير في الجرائم التي ارتكبها الطاعن. وحين يكون في حالة علاجية مستقرة، يُظهر ندمًا وفهمًا لسلوكه ويُحسن التعامل مع مشكلاته”.
لكن القاضية أضافت: إن ذلك “لا يُغيّر حقيقة أنه يواصل ارتكاب الجرائم، ما يجعله قانونيًّا مجرمًا أجنبيًّا وخطرًا على المجتمع بموجب قانون الهجرة البريطاني لعام 2002”.
وخلصت القاضية بروس إلى أن إبعاده عن المملكة المتحدة سيشكل انتهاكًا للالتزامات الدولية لبريطانيا، ولا سيما المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
وكتبت القاضية في حكمها الصادر بلندن: “على الرغم من أن الطاعن لم يتمكن من دحض افتراض كونه خطرًا على المجتمع، فإن استئنافه يُقبل على أساس الحماية الإنسانية؛ لأن ترحيله إلى مصر قد يعرّضه للتعذيب أو المعاملة المهينة”.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن هذا الحكم يعكس تعقيد المشهد الإنساني والقانوني في بريطانيا، حيث تتقاطع قضايا اللجوء مع الأمن العام والمخاوف المجتمعية من الجريمة.
وتؤكد المنصة أن القرار القضائي، رغم ما يثيره من جدل، يجسد التزام القضاء البريطاني بمبادئ حقوق الإنسان الدولية التي تضع حماية الأفراد من التعذيب فوق الاعتبارات السياسية والأمنية.
وفي الوقت ذاته، تدعو المنصة إلى مراجعة شاملة لسياسات الاندماج والدعم النفسي والاجتماعي للمهاجرين؛ لضمان عدم تحوّل الاضطرابات النفسية أو الظروف الصعبة إلى مسارات تؤدي للجريمة أو العزلة، مع الحفاظ على أمن المجتمع واحترام الكرامة الإنسانية في آن واحد.
المصدر: My London
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
