اتفاقية ترامب التجارية تفرض شروطًا على ملكية مصانع الصلب البريطانية
كشفت مصادر حكومية بريطانية أن الاتفاق التجاري الذي أُبرِم مؤخرًا بين الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن الرسوم الجمركية على الصلب يتضمن شروطًا صارمة تتعلق بـ”طبيعة ملكية” مصانع الصلب البريطانية، في خطوة تستهدف منع دخول الصلب الصيني إلى السوق الأمريكية.
وأفادت المصادر أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت وراء إدراج هذه الشروط ضمن جهودها المتواصلة لمحاصرة النفوذ الاقتصادي الصيني في قطاع الصلب العالمي، وذلك بعد مخاوف أمريكية من أن مصنع “بريتش ستيل” (British Steel) في مدينة “سكَنتورب” (Scunthorpe)، المملوك لمجموعة “جينغي” الصينية، قد يتحول إلى منفذ خلفي لتصدير الصلب الصيني إلى الولايات المتحدة والالتفاف على الرسوم الأمريكية.
غير أن الحكومة البريطانية اتخذت مؤخرًا خطوات استباقية للاستحواذ على المصنع، وهو ما أعطى واشنطن ضمانات بأن المصنع أصبح فعليًّا تحت الإشراف الحكومي، عبر وزير الأعمال البريطاني جوناثان رينولدز، وبات بعيدًا عن سيطرة المالكين الصينيين.
وكان القلق الأمريكي قد تصاعد قبل تلك الإجراءات، حيث رأت واشنطن أن المصنع قد يُستخدم لمعالجة الصلب الصيني وإعادة تصديره للولايات المتحدة وفق شروط أكثر سهولة.
ارتياح في قطاعي السيارات والصلب بعد إلغاء الرسوم الجمركية
الاتفاق، الذي أُعلن يوم الخميس، استُقبل بارتياح واسع من قطاعات صناعة السيارات والصلب في بريطانيا، حيث نص على خفض الرسوم الجمركية على صادرات السيارات إلى الولايات المتحدة إلى 10 في المئة، وإلغاء رسوم الصلب بالكامل بشرط استيفاء بعض المعايير.
وقد أشارت الحكومة إلى أن الاتفاق ساعد في إنقاذ آلاف الوظائف التي كانت على وشك أن تُفقد، لا سيما في مصنع “جاكوار لاند روفر” في منطقة ويست ميدلاندز.
وقال السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة، بيتر ماندلسون، في مقابلة مع شبكة CNN: “هذه الصفقة أنقذت الوظائف في مصنع جاكوار لاند روفر في منطقة ويست ميدلاندز. إنها إنجاز كبير من وجهة نظري، وأنا سعيد جدًّا لأن الرئيس وقّع عليها”.
كما ذكرت مصادر حكومية أن شركة (JLR) كانت تستعد لإعلان تخفيضات وظيفية بين موظفيها البالغ عددهم 30 ألفًا في بريطانيا، لكنها أرجأت الإعلان في انتظار التوصل إلى اتفاق مع واشنطن يزيل الرسوم المفروضة على صادراتها من السيارات.
وفي هذا الإطار، صرّح زعيم حزب العمال كير ستارمر أن الاتفاق سيُسهِم في “حماية وإنقاذ آلاف الوظائف” في قطاعات مثل: الصلب وصناعة السيارات والدواء.
تفاصيل غامضة وشروط معلقة قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ
رغم التقدم الذي أحرزه الاتفاق، فإن بعض تفاصيله لا تزال غامضة، خصوصًا ما يتعلق بالشروط التقنية لتفعيل الإعفاءات الجمركية على الصلب.
إذ تواصل لندن وواشنطن بحث صيغة نهائية واضحة بشأن الحصص المسموح بتصديرها دون رسوم، وما إذا كانت تلك الحصص مرتبطة بعناصر مثل سلامة سلاسل التوريد وطبيعة ملكية المنشآت الصناعية.
وقد نصت الوثيقة الرسمية للاتفاق على أن خفض الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 25 في المئة سيتم فقط في حال استيفاء شروط تتعلق بـ”أمن سلاسل التوريد” و”ملكية منشآت الإنتاج ذات الصلة”.
وجاء فيها: “استنادًا إلى التزام بريطانيا باستيفاء هذه المتطلبات، ستعمد الولايات المتحدة على الفور إلى بناء نظام حصص بأسعار الدولة الأولى برعاية (MFN) على صادرات الصلب والألمنيوم البريطانية، وبعض المنتجات المشتقة منهما”.
وفي تصريح مثير للجدل، قال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك: “الحكومة البريطانية عمدت، ضمن هذا الاتفاق، إلى تأميم بريتش ستيل”. غير أن مصادر حكومية بريطانية نفت هذا الزعم، موضحة أن بريطانيا لم تُجبر على التأميم، لكنها اتخذت إجراءات حاسمة تجاه المالكين الصينيين نالت استحسانًا أمريكيًّا.
أما كريسا غليسترا، مديرة السياسات التجارية في اتحاد الصلب البريطاني (UK Steel)، فقالت: إن “الاتفاق يتضمن عددًا من العقبات التي يجب تجاوزها قبل أن يتمكن قطاع الصلب من الاستفادة الفعلية منه”.
ولفتت إلى أن صادرات بريطانيا السنوية من الصلب إلى الولايات المتحدة تُقدّر بنحو 200 ألف طن، بقيمة تقارب 400 مليون باوند، مضيفة أن الغموض لا يزال يلف توقيت دخول الإعفاءات حيز التنفيذ وشروطها الدقيقة.
وقالت غليسترا: “لكي نفهم التأثير الحقيقي على قطاعنا، علينا أولًا أن نحدد متطلبات سلاسل التوريد، وطريقة احتساب الحصص، وتوقيت تطبيق هذه الشروط”.
توترات غير معلنة مع الصين
من جهته قال الرئيس دونالد ترامب، الذي بات يُركّز الآن على الجولة الأولى من المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين المقررة في جنيف يوم السبت: إن “التفاصيل النهائية لصفقة بريطانيا ستُكتب في الأسابيع المقبلة”.
وكانت تقارير قد أفادت بأن الصفقة منحت واشنطن حق النقض (الفيتو) على الاستثمارات الصينية في القطاعات البريطانية المشمولة بالاتفاق، لكن مكتب رئيس الوزراء البريطاني نفى ذلك.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
18°C
