لماذا حزبا المحافظين والعمال فقط يتناظران تلفزيونيًا؟
تتجه المملكة المتحدة نحو الانتخابات العامة المقرر عقدها في الـ4 من تموز/يوليو، ومع اقتراب الموعد، تُطرح تساؤلات عن استبعاد الأحزاب الصغيرة والمستقلة من المناظرات التلفزيونية.
وفي ضوء استطلاعات الرأي الأخيرة، التي تُظهر دعمًا متزايدًا لأحزاب مثل: الحزب الوطني الاسكتلندي وحزب الخضر وحزب العاملين البريطاني (غالاوي) والديمقراطيين الأحرار، يظهر جليًّا ضعف احتمال استبعادها من المشهد.
استحواذ المحافظين والعمال على المناظرات
ومع ارتفاع نسبة التأييد لبعض الأحزاب الصغيرة، مثل حزب العاملين (غالاوي) وحزب الخضر، تشير استطلاعات الرأي إلى تغير المشهد السياسي.
فبينما يتقدم حزب العمال بنسبة تتراوح بين 43 في المئة و45 في المئة، تشير الأرقام إلى تراجع دعم حزب المحافظين إلى نسبة تتراوح بين 25 في المئة و27 في المئة. وقد حظي الديمقراطيون الأحرار بنسبة دعم تتراوح بين 9 في المئة و10 في المئة.
ويشهد حزب الخضر زيادة كبيرة وصلت إلى نحو 7 في المئة، ما يمثل أقوى أداء له حتى الآن في توقعات الانتخابات العامة وفقًا لموقع (Politics.co.uk).
البحث عن أصوات جديدة
ويتمتع الحزب الوطني الاسكتلندي بقاعدة شعبية كبيرة في اسكتلندا، حيث حصل على جزء كبير من المقاعد الانتخابية.
وعلى نحو مماثل، اكتسب حزب الخضر وحزب العاملين البريطاني شعبية كبيرة، من خلال الدعوة إلى سياسات بيئية قوية والتنبيه إلى حقوق الموظفين.
ومن ثَمّ فإن غياب هذه الأحزاب عن المناظرات يحرم الناخبين من فرصة الاستماع إلى مجموعة مهمة من الآراء السياسية ووجهات النظر.
فضلًا عن ذلك، كانت هذه الأحزاب صريحة فيما يتعلق بالقضايا الدولية، مثل الوضع في غزة، وقد قوبل هذا باستجابة ضعيفة من حزبي المحافظين والعمال.
ووفقًا لتحليلات الخبراء، يشكل التعامل مع مثل هذه العلاقات الدولية الحساسة مصدر قلق بالغ للعديد من الناخبين، الذين يطمحون إلى مجيء حكومة تتماشى مع قيمهم الأخلاقية والإنسانية.
جدير بالذكر أن ثقة المواطنين بالحزبين الرئيسَين -المحافظين والعمال- انخفضت وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، ما يشير إلى الرغبة في التغيير والبحث عن أصوات جديدة تخدم مصالحهم على نحو أفضل.
استبعاد الأحزاب الصغيرة
وعلى الرغم من هذه المستويات الكبيرة من الدعم الشعبي، لا تزال هذه الأحزاب مهمشة في المناظرات التلفزيونية، التي كان يهيمن عليها تقليديًّا حزبا المحافظين والعمال. وينبع هذا الاستبعاد من عدة عوامل:
1- حق النقض التاريخي: حتى عام 2010، استخدم قادة المحافظين والعمال حق النقض باستمرار ضد مقترحات بث المناظرات الانتخابية.
وسمحت هذه الممارسة للحزبين الرئيسَين باحتكار المشهد لمصلحتهم، وفي الغالب استُبعِدت الأحزاب الصغيرة من هذه المناظرات وفقًا لما ذكرته مدونات كلية لندن للاقتصاد.
2- عدم استقرار شكل المناظرة: منذ عام 2010، كانت أشكال المناظرة في المملكة المتحدة غير مستقرة، وكانت تتغير مع كل انتخابات.
وبخلاف البلدان التي لديها معايير أكثر تنظيمًا لإدراج المناظرات -مثل كندا أو ألمانيا- تفتقر المملكة المتحدة إلى قواعد ثابتة لإشراك الأحزاب.
وتتفاوض هيئات البث بشكل منفصل مع الأحزاب في كل دورة انتخابية، ما يُمكِّن الأحزاب الكبرى من توجيه المناظرات بما يخدم مصالحها.
3- نظام الفائز الأول: يميل هذا النظام إلى تهميش الأحزاب الصغيرة، ما يجعلها تبدو أقل أهمية في المناقشات الوطنية على الرغم من الدعم الشعبي الكبير، وفقًا لموقع (A Level Politics).
4- المناقشات التي تركز على القائد: هناك تركيز متزايد على قادة الأحزاب بصفة خاصة بدلًا من سياسات الحزب، ما يبرر في الغالب استبعاد الأحزاب الصغيرة التي يُنظَر إلى قادتها على أنهم أقل حظًّا في تقلّد منصب رئاسة الوزراء.
ووفقًا للخبراء، فإن الممارسة الحالية المتمثلة في استبعاد الأصوات السياسية المهمة من المناظرات التلفزيونية لا تقوض العملية الديمقراطية فحسب، بل تقيد أيضًا فهم الناخبين للبدائل السياسية المتاحة.
ومن الضروري للحفاظ على الديمقراطية في المملكة المتحدة أن يعاد النظر في معايير المشاركة في المناظرات التلفزيونية، ومراجعتها لتُبرِز التنوع السياسي في بريطانيا اليوم، ومن ثَمّ ضمان منح كل الأحزاب المهمة منبرًا للاستماع إليها.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇