قرارات صعبة في الآفاق مع وصول الدين البريطاني إلى 100% من الناتج المحلي
تواجه الحكومة البريطانية تحديات مالية كبرى مع اقتراب موعد إعلان ميزانية الخريف، حيث ارتفع الدين الوطني إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى له منذ ستينيات القرن الماضي.
وارتفاع مستوى الدين العام يزيد من الضغوط المالية على وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، التي تستعد الآن لاتخاذ قرارات حاسمة وصعبة لمعالجة الوضع المالي المتأزم.
ارتفاع الدين العام البريطاني إلى أعلى مستوى منذ الستينيات
وبحسب بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، بلغ الاقتراض الحكومي في أغسطس 13.7 مليار باوند، بزيادة قدرها 3.3 مليار باوند عن العام السابق، ليصبح ثالث أعلى عجز لشهر أغسطس منذ بدء تسجيل البيانات الشهرية في عام 1993.
ويأتي هذا العجز نتيجة زيادة الإنفاق على المعونات العامة والخدمات الحكومية، إضافة إلى ارتفاع أجور موظفي القطاع العام.
وفي ظل هذه الأرقام المقلقة، حذر حزب العمال مرارًا من القرارات “المؤلمة” التي سيضطر لاتخاذها في قراءة الميزانية المقبلة في 30 أكتوبر. وقال إن الدين العام الذي خلفه حزب المحافظين هو السبب.
وتشمل هذه القرارات زيادات محتملة في الضرائب، إلى جانب تخفيضات في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والخدمات العامة.
وكانت ريفز قد أعلنت في أغسطس عن إلغاء مدفوعات الوقود الشتوية لمعظم المتقاعدين، إضافة إلى تجميد خطط إصلاح الرعاية الاجتماعية وتعليق الاستثمارات في البنية التحتية مثل الطرق والسكك الحديدية والمستشفيات.
وهذه الإجراءات جاءت كجزء من خطة أوسع لتقليص الاقتراض الحكومي، إلا أنها أثارت مخاوف متزايدة بشأن تأثيرها على الفئات الأكثر ضعفًا وعلى الاقتصاد بشكل عام.
ومن جانب آخر، أظهرت بيانات من شركة الأبحاث GfK أن ثقة المستهلكين تراجعت بشكل حاد في سبتمبر، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ مارس.
وأرجع المحللون هذا التراجع إلى القلق المتزايد بين الأسر بشأن تأثير تخفيضات الإنفاق الحكومي، وخاصة ما يتعلق بتقليص مدفوعات الوقود الشتوية وتوقعات بإجراءات تقشفية إضافية في الميزانية المقبلة.
ضغوط مالية متزايدة على وزيرة الخزانة راشيل ريفز
وحذر خبراء الاقتصاد من أن أي تشديد مفرط في السياسات المالية قد يؤدي إلى تراجع أكبر في ثقة المستهلكين ويضر بالنمو الاقتصادي. وقال إليوت جوردان-دوك، كبير الاقتصاديين في شركة “بانثيون ماكرو إيكونوميكس”: “ستحتاج الحكومة إلى توخي الحذر لتجنب الإفراط في التشدد المالي في الميزانية المقبلة، حيث إن ذلك قد يؤثر سلبًا على ثقة المستهلكين ويزيد من تباطؤ النمو”.
وفي ظل تصاعد الدين إلى مستويات غير مسبوقة، أكد دارين جونز، السكرتير الرئيس للخزانة، أن الوضع المالي الحالي يعكس التحديات الكبرى التي خلفتها سياسات المحافظين.
وعلى الرغم من أن بعض التقديرات السابقة كانت قد أشارت إلى تجاوز نسبة الدين 100% في العام الماضي، إلا أن مكتب الإحصاءات الوطنية أكد أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 1961 التي يعادل فيها الدين مستوى الناتج المحلي الإجمالي بعد مراجعة البيانات.
ومع اقتراب منتصف السنة المالية، حذر المحللون من أن الأوضاع المالية قد تتفاقم في الأشهر المقبلة. وقال مات سوانيل، المستشار الاقتصادي الرئيس في “نادي آيتم” التابع لشركة EY: “ما زالت المالية العامة تواجه ضغوطًا كبيرة، وقد تتدهور أكثر مع نهاية العام”.
وأشار سوانيل إلى أن الحكومة ستضطر على الأرجح إلى زيادة الإنفاق، خاصة مع التزامها بتوصيات رفع الأجور في القطاع العام وارتفاع التكاليف التشغيلية في عدد من القطاعات الحكومية.
في ظل هذه الظروف، تواجه الحكومة البريطانية قرارات صعبة قد تغير ملامح الاقتصاد الوطني في الأشهر المقبلة.
اقرأ أيضًا
الحكومة البريطانية تسجل أعلى فائض في الميزانية على الإطلاق في يناير 2024
مدارس تتجه نحو تقليص أعداد المعلمين وساعات الدراسة لضبط الميزانية
الرابط المختصر هنا ⬇