طاهٍ بريطاني يكشف معاناة لاجئي كاليه في رمضان

في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها اللاجئون في مدينة كاليه الفرنسية، يسعى الطاهي البريطاني بن كوتام إلى توفير وجبات غذائية تتناسب مع احتياجات الصائمين خلال شهر رمضان، ضمن جهوده المستمرة في مطبخ مجتمع اللاجئين، الذي يُقدّم وجبات مجانية يوميًّا للنازحين الفارين من الحروب والفقر والاضطهاد.
من مطابخ لندن الفاخرة إلى العمل الإنساني في كاليه
قبل أن ينتقل إلى شمال فرنسا، كان بن كوتام، البالغ من العمر 36 عامًا، يعمل في مطاعم راقية بلندن، حيث خاض تجارب مهنية متنوعة، من العمل في نوادٍ خاصة إلى إدارة شركة تموين خاصة به. لكنه قرر مغادرة مشهد الطهي الفاخر في العاصمة البريطانية بحثًا عن تجربة أكثر إنسانية، فانضم إلى فريق الطهي في كاليه منذ ثمانية أشهر.
وعن دوافع هذا التحول، قال كوتام لوكالة (PA) للأنباء:
“كل وظيفة عملت بها في لندن كانت مرتبطة بضغط نفسي كبير وإحساس دائم بالتوتر والرهبة، وهو ما دفعني في النهاية إلى البحث عن بيئة عمل مختلفة. لم أعد قادرًا على تحمّل هذا النمط من الحياة”.
وأضاف: “لكن الأمور هنا تسير بسلاسة، فالمطبخ يعمل وفق نظام احترافي متقن، وبخاصة أنه قائم منذ نحو عشر سنوات، ما جعله يعمل بكفاءة عالية”.
قائمة طعام رمضانية تلائم احتياجات اللاجئين
ويُقدّم مطبخ مجتمع اللاجئين (Refugee Community Kitchen) يوميًّا وجبات متكاملة، تشمل حساء الكاري، إلى جانب الأرز أو المعكرونة، والسلطة، ومجموعة متنوعة من الصلصات والمقبلات. وتُوزّع هذه الوجبات في خدمتين يوميًّا، إحداهما وقت الغداء والأخرى في المساء.
ومع دخول شهر رمضان، بدأ كوتام في تعديل قائمة الطعام لدعم اللاجئين الصائمين، من خلال إعداد وجبات يمكن حفظها لوقت لاحق.
وقال في هذا السياق: “نحرص على إعداد وجبات يمكن لفّها ليأخذها الناس معهم، إلى جانب أطعمة مقلية مثل الباجي والباكورا، وهي مأكولات تبقى لذيذة حتى بعد مرور الوقت”.
وأشار إلى أن معظم اللاجئين في كاليه “لا يمتلكون وسائل للطهي أو إعادة تسخين الطعام، لذا نحاول تقديم خيارات تناسب وضعهم المعيشي”.
كما تسعى المنظمة إلى جمع التبرعات من أجل توفير وجبة خاصة بمناسبة عيد الفطر؛ احتفالًا بنهاية شهر رمضان.
طاهٍ بريطاني يكشف معاناة اللاجئين
ويُولي كوتام وفريقه اهتمامًا خاصًّا بالعناصر الغذائية في الوجبات المقدمة؛ نظرًا للظروف القاسية التي يعيشها اللاجئون، والتي تؤثر سلبًا على صحتهم.
وأوضح: “كثير من هؤلاء اللاجئين يعيشون في هذه الأوضاع منذ وقت طويل، وهو ما يضعف جهازهم المناعي كثيرًا. لذلك نحاول تقديم وجبات تساعد في دعم صحة الأمعاء وتعزيز المناعة”.
لطالما كانت كاليه نقطة تجمع رئيسة للمهاجرين واللاجئين الساعين للوصول إلى المملكة المتحدة، لكنهم يواجهون ظروفًا قاسية داخل مخيمات مؤقتة، في ظل مخاطر الانتهاكات الأمنية وعمليات الإخلاء المستمرة.
وبشأن ذلك قال كوتام: “هناك أزمة إنسانية حقيقية تجري على بُعد مسافة قصيرة من لندن. من الضروري أن يكون الناس على دراية بما يحدث هنا، ولا سيما العنف الذي يتعرض له اللاجئون على أيدي الشرطة”.
تزايد أعداد العابرين للقنال الإنجليزي رغم القيود
ورغم تشديد بريطانيا لإجراءاتها الحدودية، لا يزال آلاف المهاجرين يحاولون عبور القنال الإنجليزي سنويًّا بحثًا عن حياة أفضل.
ووفقًا لبيانات وزارة الداخلية البريطانية، شهد عام 2024 عبور 36,816 شخصًا القنال الإنجليزي، بزيادة 25 في المئة عن عام 2023، الذي بلغ فيه عدد العابرين 29,437 شخصًا. لكن هذه الأرقام لا تزال أقل من الذروة المسجلة عام 2022، عندما عبر 45,774 شخصًا إلى المملكة المتحدة.
وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى دور المتطوعين مثل كوتام حاسمًا في تقديم الدعم الإنساني لأولئك الذين يعيشون على الهامش، في انتظار فرصة لحياة أكثر استقرارًا.
المصدر: guernseypress
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇