البرلمان البريطاني يصوت لصالح مشروع قانون القتل الرحيم … فماذا بعد ذلك؟
في تطور قانوني تاريخي، صوت البرلمان البريطاني لصالح مشروع قانون القتل الرحيم الذي يتيح للأشخاص المصابين بأمراض مميتة طلب المساعدة الطبية لإنهاء حياتهم. وجاء هذا القرار بعد نقاشات حادة ومثيرة للجدل داخل البرلمان وبين أفراد المجتمع.
ومشروع القانون، الذي قدمته النائبة العمالية كيم ليدبيتر، يحدد شروطًا صارمة لتنفيذه، بما في ذلك أن يكون المرضى فوق سن 18 عامًا وأن تكون حياتهم المتوقعة أقل من ستة أشهر. كما يتطلب موافقة طبيبين وقاضٍ لضمان استيفاء الشروط كافة. ووصفته ليدبيتر بأنه خطوة نحو “تصحيح الظلم وتقليل المعاناة الإنسانية”.
وصوّت النواب بأغلبية 330 صوتًا، من بينهم 275 صوتًا لصالح القانون، ما يمثل أول مرحلة من مراحل إقراره. وحظي المشروع بدعم سياسي كبير، حيث كان رئيس الوزراء، السير كير ستارمر، من بين المؤيدين.
ومع ذلك، فإن الطريق لا يزال طويلًا، حيث سينتقل القانون الآن إلى مرحلة اللجنة البرلمانية، حيث سيخضع لمزيد من التدقيق والمراجعة من قبل عدد أقل من النواب. من المتوقع أن يُعرض المشروع للتصويت مرة أخرى في العام المقبل.
انقسامات داخل البرلمان البريطاني
رغم تمرير القانون في هذه المرحلة، إلا أنه يواجه معارضة من داخل الحكومة نفسها. فوزير الصحة ويس ستريتينج ووزيرة العدل شابانا محمود، وهما من الشخصيات الرئيسة لتنفيذ القانون إذا أُقرَّ، صوّتا ضده.
وفي تصريحاته، دعا النائب المحافظ داني كروغر إلى مراجعة “خطوة بخطوة” لمشروع القانون في اللجنة البرلمانية، مشيرًا إلى أهمية تقديم الحكومة تحليلًا شاملًا لتأثيراته على النظام الصحي والقضائي.
ويمثل هذا التصويت مجرد بداية لعملية تشريعية طويلة ومعقدة. فبعد اجتياز القراءة الثانية، سينتقل القانون إلى مرحلة اللجنة، حيث يمكن للنواب تقديم تعديلات عليه. بعدها سيعود إلى مجلس العموم للتصويت عليه مرة أخرى، ثم يُرسل إلى مجلس اللوردات لمزيد من المراجعة.
وإذا تمت الموافقة عليه في جميع هذه المراحل، سيحصل القانون على الموافقة الملكية ليصبح ساريًا. وليدبيتر أشارت إلى أن العملية قد تستغرق ما يصل إلى عامين قبل دخوله حيز التنفيذ.
ويثير القانون مخاوف عديدة بين معارضيه. إذ يخشى بعضهم أن يُوسّع نطاق تطبيقه لاحقًا ليشمل حالات أخرى، كما حدث في بلدان مثل كندا وبلجيكا.
ففي كندا، حيث شُرّع القتل الرحيم منذ ثماني سنوات، ارتفع عدد الحالات إلى أكثر من 10,000 حالة سنويًا، ما يمثل 3.3% من إجمالي الوفيات. وفي بلجيكا، توسع القانون ليشمل مرضى الخرف وحتى الأطفال القاصرين.
ويخشى المعارضون أيضًا أن يشعر المرضى بضغط نفسي لإنهاء حياتهم بسبب التكاليف الصحية أو الأعباء العائلية. وللحد من هذه المخاطر، ينص القانون على عقوبات صارمة تصل إلى السجن 14 عامًا لأي شخص يمارس الضغط على مريض لطلب القتل الرحيم.
ما تأثير قانون القتل الرحيم على النظام الصحي؟
من جهة أخرى، يرى المؤيدون أن القانون يتيح للمرضى إنهاء حياتهم بكرامة ويجنبهم معاناة مروعة في أيامهم الأخيرة. لكنّ معارضين، مثل وزير الصحة ويس ستريتينج، يشيرون إلى أن تطبيق القانون قد يستنزف موارد النظام الصحي الوطني (NHS)، ما قد يتطلب تقليص خدمات أخرى لتغطية التكاليف.
علمًا أنه إذا أُقرَّ القانون، فسيقتصر تطبيقه على إنجلترا وويلز. أما في اسكتلندا، فقد قدم النائب ليام مكارثر مشروع قانون مشابه ينتظر التصويت عليه في البرلمان الاسكتلندي العام المقبل. وفي أيرلندا الشمالية، يتطلب إقرار أي قانون مماثل تصويتًا منفصلًا في برلمان ستورمونت.
ومع استمرار النقاشات داخل البرلمان وخارجه، يبقى مستقبل القانون غير واضح. السؤال الرئيس هو: هل ينجح المشروع في تحقيق توازن بين حق المرضى في اختيار نهايتهم وبين حماية الفئات الضعيفة من الاستغلال أو الضغط؟
المصدر: آي نيوز
اقرأ أيضًا
الرابط المختصر هنا ⬇