العرب في بريطانيا | الصحفية مريم السايح تكشف لـ"العرب في بريطا...

1447 ربيع الثاني 18 | 11 أكتوبر 2025

الصحفية مريم السايح تكشف لـ”العرب في بريطانيا” تفاصيل حملة الترهيب ضدها

الصحفية مريم السايح تكشف لـ"العرب في بريطانيا" تفاصيل حملة الترهيب ضدها
فريق التحرير October 9, 2025

في حوار خاص، تكشف السايح كيف تحوّل دفاعها عن فلسطين إلى معركة من أجل البقاء، وتروي تفاصيل ما تعرّضت له من ترهيب وتهديد وتقصير رسمي يطال جوهر حرية الصحافة في بريطانيا.


منذ عامين، تعيش الصحفية البريطانية مريم السايح تحت ظلال حملة ترهيب متواصلة، بدأت بهجمات لفظية وجسدية خلال تغطيتها للتظاهرات المؤيدة لفلسطين، ثم امتدّت إلى حملة تشهير إلكترونية واسعة، وصلت أصداؤها إلى منزلها وأطفالها.

السايح، وهي عضو منتخب في مجلس الأخلاقيات التابع للنقابة الوطنية للصحفيين (NUJ)، لم تعد تمارس عملها كما اعتادت؛ فقد تحوّل الفضاء الذي كانت تتحرك فيه بحرية إلى مساحةٍ يملؤها الخوف والمراقبة.

تقرير صادر عن منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان في الثامن من أكتوبر الجاري وصف ما تواجهه السايح بأنه “حملة ممنهجة وخطيرة تمسّ سلامتها وتمثل اعتداءً مباشرًا على حرية الصحافة في المملكة المتحدة”، مشيرًا إلى تصاعد حوادث المضايقة والملاحقة من قبل شخصيات تنتمي إلى اليمين المتطرف وحزب ريفورم البريطاني.

اعتداءات ميدانية وتحريض إلكتروني

الصحفية مريم السايح تكشف لـ"العرب في بريطانيا" تفاصيل حملة الترهيب ضدها

وثّق تقرير المنظمة سلسلة حوادث تعرّضت لها السايح خلال عملها الميداني، كان أبرزها في أكتوبر 2023 حين ضُربت على وجهها وركلت أثناء تغطيتها احتجاجًا أمام السفارة الإسرائيلية في لندن.

وتوضح المنظمة أن أحد السياسيين المنتمين إلى حزب “ريفورم” – وهو مرشح سابق للبرلمان – التقط صورة لبطاقتها الصحفية في تصرّف اعتبرته تهديدًا متعمّدًا، قبل أن يتكرّر ظهوره في فعاليات عامة حضرتها على مدى العامين الماضيين.

وفي السادس من سبتمبر الماضي، بلغ الترهيب ذروته عندما وجّه إليها السياسي ذاته تهديدًا صريحًا أمام الكاميرا قائلًا: “أمرك انتهى”.

ولم يمضِ وقت طويل حتى حاول أحد أنصار اليميني المتطرف تومي روبنسون نزع حجابها خلال وقفة لنقابة الصحفيين، متهمًا إياها بدعم “الإرهاب” لمجرد دفاعها عن الصحفيين الفلسطينيين.

أما على الشبكة، فقد تحوّلت الهجمات إلى عاصفةٍ من الكراهية بعد أن نشر موقع Honest Reporting الموالي لإسرائيل مقالًا تشهيريًا في 2 سبتمبر، وصفها زورًا بأنها “معادية لإسرائيل” و”مدافعة عن الإرهاب”.

انتشر المقال كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل، مصحوبًا بتهديدات علنية ودعوات إلى ترحيلها وعبارات تحريضية بلغت حدّ التهديد بالقتل.

“العرب في بريطانيا” تحاور مريم السايح

في حديثٍ خاص لـ”العرب في بريطانيا”، تروي السايح تفاصيل ما تعيشه هي وأسرتها منذ اندلاع الحملة الأخيرة قائلةً:

“للأسف توقّفتُ عن العمل لفترة بعد حالة الذعر التي أصابت عائلتي كلها بسبب المقالة الإسرائيلية الأولى. ربما كانت أقسى علينا من محاولات نزع حجابي في الشارع، لأنني شعرت وقتها أن الأمر يتجاوز حادثة كراهية عابرة. صُدمت حين رأيت صوري وحساباتي منشورة في مواقع إسرائيلية.”

تتابع السايح:

“الشرطة جاءت إلى المنزل للاطمئنان علينا وأخذ الإفادة، ووفقًا للإجراءات البريطانية أُحيل أولادي لتقييم من قِبل خدمات الرعاية الاجتماعية، ثم تحوّلنا إلى رعاية وحدة دعم الضحايا والشهود.”

“لكن بصراحة، وجود الأطفال في أجواء تتضمن شرطة ورعاية اجتماعية — حتى وإن كان من باب الدعم — أمر مؤلم وغير طبيعي. لا أفهم لماذا يعيش أطفالي هذا القدر من الإجراءات الأمنية في حياتهم اليومية.”

ورغم كل ذلك، أُغلق التحقيق لاحقًا بحجة أن التهديدات “لا ترقى إلى جريمة”، كما تقول، بينما استمرت المضايقات والملاحقات في العلن والظل على حد سواء.

التهديد قائم… والسياسي ما زال في المشهد

تصف السايح شعورها بالعجز أمام ما تسميه “الإفلات من العقاب”، وتضيف:

“آخر مرة رأيت فيها [سياسي ريفورم] كانت يوم السادس من سبتمبر، وقد أبلغت الشرطة بالأمر. هو لا يزال يحاول بين الحين والآخر توجيه إيحاءات أو إشارات أمام الكاميرا، وغالبًا ما يكون محاطًا بمجموعات تمارس ضغوطًا أو تراقبني عن قرب.”

وتشير إلى أنها ما زالت تحت رعاية وحدة دعم الضحايا والشهود، وأن النقابة أبلغتها بوجود ضباط مختصين بحماية الصحفيين في بعض أقسام الشرطة، “لكن الإرهاق النفسي يجعل التواصل صعبًا أحيانًا”، كما تقول.

بين الصمود والدعم المجتمعي

رغم كل ما حدث، تتحدث السايح عن موجة تضامن إنساني أعانتها على الصمود:

“كان هناك دعم مجتمعي كبير نقدّره كثيرًا، وكذلك من بعض منظمات المجتمع المدني ووحدة دعم الضحايا. لكن حياتنا اليومية لم تعد إلى طبيعتها بالكامل بعد، رغم كل هذا الدعم.”

وتؤكد أن النقابة الوطنية للصحفيين وعدت بتعويض جزء من الأضرار المادية التي لحقت بها، لكنها ترى أن الخسائر “لا تُقاس بالمال”، بل بالسكينة التي انتُزعت من حياتها وحياة أطفالها.

تصعيد ضد الأصوات الحرة

تقول السايح في ختام حديثها لـ”العرب في بريطانيا”:

“شهدنا في سبتمبر وحده تصعيدًا مروّعًا وغير مسبوق ضد الصحفيين والناشطين، خصوصًا المسلمين والملونين. الهجمات كانت جسدية وإلكترونية، وتنوّعت بين تهديدات وتعقّب وتشهير. لكن رغم كل ذلك، نحن مصمّمون على الاستمرار. لن تُسكتنا هذه الحوادث ولن تُضعفنا.”

وتضيف بعزمٍ لافت:

“نستعد حاليًا في نقابة الصحفيين وضمن مؤتمر النساء في اتحاد النقابات (TUC) لتقديم عرائض جديدة، وسنواصل بكل طاقتنا الدفاع عن غزة وفلسطين ومواجهة أذرع الفاشية الإسرائيلية التي تشعل الكراهية في أوروبا. محاولاتهم لن تشتتنا.”

ما تتعرض له مريم السايح ليس حادثة معزولة، بل مرآة لحالةٍ متصاعدة من التضييق على الأصوات الحرة في بريطانيا، خصوصًا حين ترتبط بالدفاع عن فلسطين. فحين تُلاحَق صحفية لأنها تمارس مهنتها، يُطرح السؤال الأعمق: أيّ حرية صحافةٍ تبقى إذا خشي الصحفي أن يخرج إلى الشارع؟

وبينما تلتزم الجهات الرسمية الصمت، يواصل المجتمع المدني رفع صوته، مؤكدًا أن المعركة اليوم ليست فقط على الميدان، بل على رواية الحقيقة ذاتها.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
10:18 am, Oct 11, 2025
temperature icon 14°C
overcast clouds
74 %
1034 mb
2 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 7:17 am
Sunset 6:16 pm

آخر فيديوهات القناة