تقارير تكشف تجاوز مهام الرحلات التجسسية إلى غزة لذريعة إنقاذ أسرى الاحتلال
كشف تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة أن الرحلات الجوية البريطانية فوق قطاع غزة تجاوزت المهام المعلنة المتعلقة بإنقاذ الأسرى الإسرائيليين، لتؤكد “تعاونًا استخباراتيًا وعسكريًا مباشرًا” في العدوان الإسرائيلي ضد القطاع.
وجاء التقرير تحت عنوان “إبادة غزة: جريمة جماعية”، أعدّته فرانشيسكا ألبانيزي، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تناول التقرير دور كلٍّ من بريطانيا والولايات المتحدة ودول غربية أخرى في دعم العدوان الإسرائيلية وتأثيره على المدنيين الفلسطينيين.
دور بريطاني “محوري” في العدوان الإسرائيلي

أكدت ألبانيزي في نسخة متقدمة غير منقحة من التقرير، نشرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أن حكومة المملكة المتحدة لعبت “دورًا رئيسيًا في التعاون العسكري مع إسرائيل، رغم المعارضة الداخلية”.
وأوضحت أن بريطانيا استخدمت قواعدها في قبرص لتمكين خط إمداد أمريكي أساسي إلى تل أبيب، ونفّذت أكثر من 600 مهمة استطلاع فوق غزة منذ اندلاع العدوان، شاركت خلالها معلومات استخبارية حساسة مع إسرائيل.
وأضاف التقرير أن توقيت وعدد الرحلات ومددها، التي تزامنت غالبًا مع العمليات العسكرية الكبرى في غزة، تكشف عن علمٍ تفصيلي وتنسيق مباشر في عمليات التدمير، يتجاوز ذريعة البحث عن الرهائن.
الرد الرسمي البريطاني: “الهدف إنقاذ الرهائن فقط”
من جانبها، أصرت الحكومة البريطانية على أن الهدف الوحيد لتلك الرحلات كان المساعدة في تحديد أماكن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس.
وقال وزير الدفاع لوك بولارد أمام البرلمان في سبتمبر: “هذا هو الغرض الوحيد لتلك الرحلات، وهذه هي المهمة التي كُلفت بها… وجميع قدراتها موجهة لتحقيق هذا الهدف فقط.”
اتهامات لحزب العمال بمساندة البيئة السياسية للهجوم

وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ساهم في تهيئة بيئة سياسية غذّت الهجوم الإسرائيلي العنيف على غزة، بعد تصريحه بأن لإسرائيل “الحق في قطع المياه والكهرباء عن المدنيين الفلسطينيين”.
كما كشف أن حزب العمال رفض وقف تصدير قطع غيار طائرات F-35، رغم استخدامها المكثف في “التدمير الإبادي لغزة”، مضيفًا أن العقوبات المحدودة التي فرضتها لندن على بعض المستوطنين والوزراء الإسرائيليين المتطرفين لا تعني سوى تبرئة للنظام الإسرائيلي ككل.
تدريب جنود إسرائيليين في بريطانيا واستمرار تصدير السلاح
بيّن التقرير أن جنودًا إسرائيليين تلقّوا تدريبات في الكلية الملكية للدراسات الدفاعية في بريطانيا حتى أثناء العدوان على غزة، في وقتٍ واصلت فيه لندن منح تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل.
وأوضحت ألبانيزي أن مراجعة التراخيص جزئيًا دون تعليقها رغم المخاوف الموثقة تمثل “نية لتسهيل الجرائم الإسرائيلية”، مؤكدة أن الامتناع البريطاني عن التصويت والتأجيل وتخفيف لهجة القرارات الأممية ساهم في تعزيز الحماية الدبلوماسية والسردية السياسية التي احتاجتها إسرائيل لمواصلة الإبادة.
وأشار التقرير إلى وثائق من الكنيست الإسرائيلي تُظهر أن أكثر من 50 بريطانيًا خدموا في صفوف جيش الاحتلال في أغسطس 2024.
كما لفتت المقرّرة الأممية إلى وجود مواطنين أمريكيين وروس وفرنسيين وأوكرانيين في الجيش الإسرائيلي، إلا أن أحدًا منهم لم يخضع لأي محاكمة أو تحقيق بشأن جرائم ارتكبت في غزة.
ألبانيزي: “الإبادة نتاج نظام تواطؤ عالمي”

وفي ختام تقريرها، أكدت ألبانيزي أن الإبادة في غزة لم تُرتكب بمعزل عن العالم، بل كانت جزءًا من نظام تواطؤ عالمي تقوده دول غربية كبرى.
وقالت: “بدلًا من إلزام إسرائيل باحترام حقوق الإنسان الأساسية وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، سمحت الدول القوية – من خلال ممارسات استعمارية وعنصرية رأسمالية – بأن يتحول العنف إلى واقع يومي.”
وأضافت أن الدول الغربية واصلت تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي لإسرائيل حتى بعد استخدام المجاعة كسلاح، مشيرة إلى أن فظائع العامين الماضيين ليست استثناءً، بل ذروة تاريخ طويل من التواطؤ.
الرد البريطاني: انتهاء مهام الرحلات التجسسية
وعند سؤال الحكومة البريطانية عن موقفها من التقرير، أشارت إلى بيان رسمي صدر في 16 أكتوبر، جاء فيه أن رحلات الاستطلاع فوق غزة قد توقفت نهائيًا.
وقال البيان: “منذ 7 أكتوبر 2023، عملت الحكومة البريطانية مع شركائها في المنطقة لتأمين الإفراج عن الرهائن، بمن فيهم البريطانيون.
في إطار هذه الجهود، نفّذت وزارة الدفاع رحلات استطلاع فوق شرق البحر المتوسط، شملت التحليق في أجواء إسرائيل وغزة منذ ديسمبر 2023. كانت الطائرات غير مسلّحة ولم تشارك في أي دور قتالي، واقتصر نشاطها على تحديد مواقع الرهائن. كما فرضت الحكومة رقابة صارمة على المعلومات المتبادلة، ولم تُسلَّم إلا المعلومات ذات الصلة بعمليات إنقاذ الرهائن للسلطات الإسرائيلية.”
وأضاف البيان أن وزارة الدفاع أوقفت جميع الرحلات بعد اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس والإفراج عن الرهائن المتبقين، مشيرًا إلى أن آخر رحلة تمت في 10 أكتوبر 2025.
وتُعبّر منصة العرب في بريطانيا (AUK) عن قلقها العميق من حجم التورط البريطاني في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، وترى أن هذه التقارير تشكّل مؤشرًا خطيرًا على غياب الشفافية والمساءلة في السياسة الخارجية البريطانية.
وتؤكد المنصة أن الموقف البريطاني المزدوج بين الخطاب الإنساني والممارسة العسكرية لا يمكن تبريره بذريعة البحث عن الرهائن، مطالبةً بتحقيقٍ مستقل وشفاف حول طبيعة المعلومات التي جرى تبادلها مع الجيش الإسرائيلي.
كما تدعو AUK إلى إعادة النظر في سياسات تصدير الأسلحة والتعاون العسكري مع إسرائيل، انسجامًا مع القيم التي تدّعي بريطانيا الدفاع عنها، وتؤكد أن دعم العدالة وحقوق الإنسان في فلسطين هو واجب أخلاقي قبل أن يكون موقفًا سياسيًا.
المصدر: thenational
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇

نأمل ان يكون ھنالك تحقيق مستقل وسوف يحصل انشاء الله مع تحياتي