العرب في بريطانيا | الذكاء الاصطناعي يصبح المستشار المالي الأول في ...

1447 جمادى الأولى 22 | 13 نوفمبر 2025

هل يمكن الوثوق بنصائح الذكاء الاصطناعي في القرارات المالية؟

هل يمكن الوثوق بنصائح الذكاء الاصطناعي في القرارات المالية؟
محمد سعد November 5, 2025

كشفت دراسة جديدة بتكليف من مجموعة “لويدز” المصرفية أن الذكاء الاصطناعي أصبح بسرعة المستشار المالي الأكثر شعبية في بريطانيا، إذ يستخدم أكثر من نصف البالغين أدوات مثل “تشات جي بي تي” لاتخاذ قرارات تتعلق بالمال.

وأظهرت الدراسة أن 56 في المئة من البالغين في بريطانيا -أي ما يعادل نحو 28.8 مليون شخص- يلجؤون إلى أدوات الذكاء الاصطناعي للحصول على توجيهات بشأن الميزانية والادخار والمعاشات وكذلك الاستثمار. وتجاوز استخدام الذكاء الاصطناعي في الشؤون المالية جميع استخداماته الأخرى، مثل المساعدة في كتابة الرسائل (29 في المئة) أو إعداد الوصفات (20 في المئة) أو البحث الطبي (17 في المئة) أو النصائح المهنية (14 في المئة).

ثقة متزايدة ومخاطر قائمة

هل يمكن الوثوق بنصائح الذكاء الاصطناعي في القرارات المالية؟
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في القرارات المالية يتزايد

أوضح الباحثون أن النتائج تُظهر مدى سرعة دخول الذكاء الاصطناعي في صميم القرارات اليومية منذ انتشاره قبل أقل من ثلاث سنوات، لكنهم حذروا من أن هذا الاتجاه يكشف أيضًا عن مخاطر جديدة على المستهلكين.

وفي هذا السياق قال جاس سينغ، الرئيس التنفيذي لشؤون المستهلكين في “لويدز”: “الذكاء الاصطناعي يمنح الملايين ثقة أكبر في قراراتهم المالية، لكن الأهم هو أن يتلقوا معلومات يمكن الوثوق بها”.

وبحسَب الدراسة التي شملت 5 آلاف شخص، يستخدم واحد من كل ثلاثة أشخاص الذكاء الاصطناعي مرة واحدة أسبوعيًّا على الأقل للحصول على معلومات أو نصائح مالية. بعض المستخدمين يبحثون عن المساعدة العملية في إعداد الميزانيات، في حين يطلب آخرون توصيات بشأن المعاشات أو الضرائب أو الاستثمار، وهي مجالات تتطلب عادة مستشارين ماليين مرخّصين.

لكن بخلاف البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة للقوانين، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي تعمل دون أي رقابة تنظيمية، ما يزيد خطر اعتماد المستخدمين على معلومات خاطئة أو مضلّلة دون حماية قانونية إذا وقعت أخطاء.

الفجوة الاستشارية

هل يمكن الوثوق بنصائح الذكاء الاصطناعي في القرارات المالية؟
الاستشارات المتعلقة بالادخار والاستثمار تمثل أحد أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي

رغم تلك المخاطر، فإن الإقبال يتزايد. فقد أبدى 80 في المئة من المشاركين قلقهم من تلقي نصائح غير دقيقة، و83 في المئة أعربوا عن مخاوف تتعلق بخصوصية البيانات، ومع ذلك تستمر نسبة الاستخدام في الارتفاع.

ويرى الخبراء أن هذا النمو السريع يعكس مشكلة أعمق في النظام المالي البريطاني، تُعرف باسم “فجوة الاستشارات”، إذ يعجز ملايين الأشخاص عن دفع التكلفة المرتفعة للاستشارة المالية التقليدية، التي قد تصل إلى نحو ألف باوند.

وأشارت الدراسة إلى أن “تشات جي بي تي” هو الأداة الأكثر استخدامًا (60 في المئة)، تليه أدوات “جيميني” التابعة لغوغل، و”كوبايلوت” من مايكروسوفت، ومساعدات ميتا في واتساب وفيسبوك.

وذكر المشاركون أنهم وفّروا في المتوسط نحو 399 باوند سنويًّا بفضل إدارة أموالهم بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ما يشير إلى أن التقنية تساعد المستخدمين على اتخاذ قرارات مالية أكثر وعيًا على المدى القصير على الأقل.

غياب الحماية القانونية

هل يمكن الوثوق بنصائح الذكاء الاصطناعي في القرارات المالية؟
غياب الحماية القانونية أحد أهم التحديات

من المتوقع أن تُدخل هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) بحلول نهاية عام 2026 قواعد جديدة تسمح للشركات المرخّصة بتقديم دعم موجّه من دون الحاجة إلى مراجعة مالية كاملة، إلا أن دراسة “لويدز” تشير إلى أن المستخدمين سبقوا التشريعات بخطوات.

ورغم إقرار الهيئة بدور الذكاء الاصطناعي في تبسيط المعلومات وتحسين الوصول إليها، فإنها تنبّه إلى أن الحكم البشري يظلّ عنصرًا أساسيًّا لا يمكن الاستغناء عنه. كما تدرس الهيئة تحديث مواقعها الإلكترونية؛ لمساعدة المستهلكين على فهم مزايا الذكاء الاصطناعي وحدوده.

ويحذر الخبراء من أن المستهلكين الذين يتبعون نصائح صادرة من أدوات الذكاء الاصطناعي لا يتمتعون بأي حماية من خدمة المظالم المالية أو نظام تعويضات الخدمات المالية إذا خسروا أموالهم.

ويشير التقرير إلى أن الجهل والخوف من المخاطرة وتعقيد المنتجات المالية كانت دائمًا أسبابًا لاتخاذ قرارات سيئة، لكن الذكاء الاصطناعي، رغم قدرته على سد هذه الفجوة، قد يوسّعها إذا استُخدم بلا رقابة أو وعي كافٍ.

نحو تنظيم أذكى للسوق المالية

هذا وتلفت منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن الانتشار السريع لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الاستشارات المالية يعكس أزمة ثقة أعمق في الخدمات الاستشارات المالية التقليدية، حيث بات الناس يعوّلون على التكنولوجيا أكثر من الخبرة البشرية.

ورغم ما تحققه من فاعلية وتوفير، فإن غياب التنظيم يجعل المستخدمين عرضة لمخاطر متعلقة بفاعلية النصائح والاستشارات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، ويضع عقبة أمام الحكومة لتحديث الأطر القانونية بما يوازن بين الابتكار والحماية.

المستقبل المالي في بريطانيا، كما يبدو، لن يُكتب بالأرقام وحدها، بل أيضًا بالخوارزميات التي تتعلم من البشر، وربما تُخطئ مثلهم.

المصدر: Business Matters Magazine 


اقرأ أيضا

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة