العرب في بريطانيا | كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المج...

1445 رمضان 18 | 28 مارس 2024

كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟

كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟
فريق التحرير March 24, 2022

اعتاد جورج كنعان العمل في محلّ البقالة العائد إلى والده منذ الثامنة من عمره كما كان يساعد عائلته في أعمال تجارة البناء، وكانت أسرة جورج تعيش في جبل لبنان.

 

 

 

وكان والد جورج ينفذ بعض الأعمال التجارية في ميناء بيروت كلّ صباح قبل أنْ يتوجه إلى سوق الغرب حيث يساعده جورج في شراء بضائع التبغ وتحميل أكياس الإسمنت في السيارات.

 

 

 

وأصبح كنعان البالغ من العمر 76 الرئيس التنفيذي لجمعية المصرفيين العرب في لندن وأكّد لصحيفة The National أنّ والده كان يعمل بقالًا.

 

 

ويحتفظ جورج بكثير من الذكريات عن طفولته وأخواته الذين اعتادوا اللعب بين أشجار الصنوبر المنتشرة في منطقة “عالية” بجبل لبنان”.

 

 

 

أين نشأ جورج كنعان؟

كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟
كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟ (بيكسباي)

 

 

وكانت “عالية” في وقتها أحد أجمل مناطق الاصطياف في لبنان لجوّها البارد نسبيًّا في الصيف ما جعلها ملاذًا للعديد من الأثرياء القادمين من الخليج العربيّ الذين لعبوا دورًا أساسيًّا في مسيرة جورج المهنية.

 

 

ويمضي جورج أيّامه مع زوجته الثانية سلاف، فيما يقضي معظم وقته في المكتب الرئيسيّ لجمعية “أبو ظبي” الأمريكية بمايفير في لندن، ويتعامل مع النخب المصرفية، ويحافظ على علاقاته مع العاملين في فرع مكتب الجمعية ببيروت.

 

 

وعند سؤاله ماذا كان يفضل الجنسية اللبنانية أو البريطانية :قال ” أنا خليط من الاثنين معًا وجزء من ثقافتين أنتمي إليهما بشدة”.

 

 

وقرأ جورج كثيرًا من أعمال الأدب الإنجليزي في مدرسته التي أنشأها المبشرون بلبنان وأشار إلى أنَّه قرأ مسرحية ماكبث لشكسبير حين كان في الـ 15 من عمره.

 

 

 

وقال جورج :” إنَّ أحد أفضل الطرق للتعرف على ثقافة بلد جديد هو قراءة الأعمال الأدبية الرائدة فيه”.

 

 

“لقد كنّا نركز في المدرسة على مسرحيات شكسبير وحفظنا بعضها من أجل أن نستخلص مفاهيم معينة من المسرحية مثل مفهومي القدر والمصير، لقد كان تعليمنا جيدًا للغاية”.

 

 

ويُشيد جورج بدور والديه اللذين ساهما في وصوله إلى ما هو عليه الآن، وأشارت والدته التي تعمل كمدرسة للغة الفرنسية إلى أنَّ أبناءها الثلاث كانوا مجتهدين في تحصيلهم العلميّ بينما كان والدهم يشجّعهم على دخول مجال ريادي الأعمال”.

 

 

واعتمد جورج على خبرة والده التجارية أثناء دراسته إدارة الأعمال في كلية هارفارد وكان والده قد وقع عقدًا سنويًّا لتزويد الجيش الفرنسيّ بالطعام.

 

 

“لقد أخبرت أستاذي الجامعيّ ببراعة والدي في مجال التجارية والأعمال وذُهل بذلك تمامًا”.

 

 

 

درس جورج كنعان أيضًا الهندسة المدنية في الجامعة الأمريكية ببيروت لأربع سنوات، وتعلّم تنفيذ أعمال المسح الجغرافيّ في المناطق الجبلية على جانب مهارته في قيادة الجرافات والجرارات الآلية.

 

 

وحصل على درجة الماجستير في الهندسة المدنية والبيئية من جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرغ، وتغيرت نظرة جورج للولايات المتحدة الأمريكية بعد أنْ أمضى سنوات دراسته فيها.

 

 

 

وقال جورج في هذا الصدد :” كانت المياه ملوثة ومصفرة اللون في مدينة بيستبرغ الأمريكية، وكان الهواء ملوثًا أيضًا بدخان مصانع الصلب، وقد ذهب كثيرٌ من الناس إلى المشافي بعد سباحاتهم في النهر الموجودة في المنطقة”.

 

 

 

وعلى الرغم من خيبة أمل جورج لكنّه حصل على وظيفة في مركز أبحاث ” Eno Centre for Transportation”، وتلقى لاحقًا دعوة من جامعة هارفارد لدراسة إدارة الأعمال عام 1973.
لكنَّ فترة دراسته في هارفرد تزامنت مع مرض أبيه، وأخبر جورج أساتذته بضرورة عودته إلى بيروت وحصل على وظيف في CitiBank.

 

 

 

في ذلك الوقت كان متزوجًا من الأمريكية كاثرين سلون التي التقى بها في صف تعلم اللغة الفرنسية عام 1970 وهي أمّ لأبنائه الثلاثة زيزي و إيليا وداني.

 

 

 

مع اقتراب موعد السفر لبيروت، مضت كاثرين في التحضيرات للسفر حيث تمّ إطلاق النار من إحدى السيارات المسرعة، ووقع هجوم انتحاريّ على إحدى الحافلات الأمر الذي أشعل شرارة الحرب الأهلية .

 

 

ومع اشتعال شرارة الحرب قرّرتِ العائلة أنَّ تجتمع في أثينا بدلًا من بيروت كما غير بنك CitiBank مقره إثر اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، ولم يتنس لجورج رؤية والده قبل وفاته.

 

 

 

قال جورج :”لقد اكتشفت أنَّ والدي كان متوفيًا منذ أسابيع لكن العائلة أخفت عنّي الأمر لأنّ الأوضاع في بلدي كانت متوترة للغاية”.

 

 

 

“كان من المؤلم متابعة ما يحصل في لبنان من معاناة وصراعات امتدّت لسنوات طويلة، لم يعد لبنان يشبه البلد الذي ترعرعت فيه منذ صغري”.

 

 

“أذكر أنّني كنت أقرأ أخبار البرلمان اللبنانيّ لوالدي عندما كنت صغيرًا وكان والدي يُنصت إلي ويُشيد بلبنان الذي كان يشهد ازدهارًا ونظامًا ديمقراطيًّا “.

 

 

يعتقد جورج أنَّه يُمكن إنقاذ لبنان من الوصول للهاوية، لكنَّ ذلك يتطلب وحدة القوة السياسية لتنفيذ خطة إنقاذ وطنية.

 

 

ويتمنى جورج أنْ يساهم في تحسين النظام المصرفيّ اللبنانيّ، لكنّ الاقتصاد اللبنانيّ أُصيب بشلل في عام 2019، بعد أن منع تحويل الأموال إلى الخارج وفُرِضت العديد من الإجراءات الصارمة على الاقتصاد اللبنانيّ الذي عانى عقودًا من الهدر الحكوميّ والفساد.

 

 

وقال جورج في هذا الصدد :”لطالما اعتقدتُ أنّ المصرفيين اللبنانيين هم الأنجح على مستوى العالم، لكنّهم لم يكونوا جيدين بما يكفي لإنقاذ البلاد من الفوضى التي وقعت فيها”.

 

 

“عندما كنت مديرًا لأحد البنوك، كنت أفضل الموت على أنْ يفقد المودعون فلسًا واحدًا من أموالهم إنَّ النظام الماليّ في لبنان كارثيٌّ، وأعلم حجم المصيبة التي حلّت بالناس الذين أودعوا أموالهم في بنوك لبنان”.

 

 

انتقل جورج إلى الرياض حيث عمل في قسم المقاولات في البنك السعوديّ الذي سرعان ما تحول إلى البنك السعوديّ الأمريكيّ بقرار ملكيّ عام 1980.

 

 

ومع ازدياد الطلب على المصرفيين العرب، حصل جورج على وظيفة مدير تنفيذيّ في فرع لندن الخاص بالبنك التجاريّ الأمريكيّ First Chicago وكان جورج مسؤولًا عن عمل البنك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

 

 

قال جورج لقد انتقل عملي إلى لندن وحصلت على وظيفة جيدة بأجر عالٍ وأقمت مع عائلتي في فندق سافوي بلندن خلال الأسابيع الأولى هناك، كانت بدايتي جيدة للغاية في المملكة المتحدة”.

 

 

 

وانتقلت العائلة إلى شقة مكونة من ثلاثة طوابق بالقرب من ساحة سلون في لندن كحل مؤقت ريثما يتمّ إيجاد سكن دائم.

 

 

 

قال جورج في هذا الصدد :” كان من المفترض أن نبقى في تلك الشقة عامًا واحدًا فقط، لكنّنا مكثنا فيها 14 عامًا، لقد قضينا وقتًا رائعًا في ذلك المكان حيث كانت الشقة ضمن واحدة من أفضل مناطق لندن، وكان أبنائي يدرسون في المدرسة الأمريكية بلندن”.

 

 

 

وكان جورج مسؤولًا عن عمل البنك السعوديّ الأمريكيّ في العالم العربيّ، وبعد ثلاث سنوات عاد جورج للعمل في بنك CitiBank وساهم في ازدهار البنك السعوديّ الأمريكيّ في لندن.

 

 

 

وخلال سنوات عمله الخمس التالية أسس جورج شركة Samba Capital Management International المختصة بإدارة المشاريع الاستثمارية، والتي بلغت قيمة أسهمها في ذلك الوقت 3.5 مليار دولار.

 

 

 

وعمل بعد ذلك مع الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود الذي تولى إلى جانب الجنرال نورمان شوارزكوف قيادة قوات التحالف خلال حرب الخليج الأولى.

 

 

 

مسيرة مهنية حافلة في المجال المصرفي 

 

 

 

كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟
كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟ (بيكسباي)

 

 

وأمضى جورج وقته في العمل بين الرياض وجنيف ولندن كمدير تنفيذي لشركة Maksgaff للمقاولات، وكان مسؤول الشؤون الشخصية للأمير السعودي وتولى جورج أيضًا إدارة أملاك الأمير من المنازل الفاخرة واليخوت والطائرات الخاصة.

 

 

 

 

قال جورج :” لقد كنت أسافر كثيرًا خلال تلك الفترة ولا أبالغ حين أقول إنّني تناولت الفطور في دولة والغداء في دولة ثانية والعشاء في دولة ثالثة”.

 

 

 

لقد كان لساعات عمله الطويلة تأثيرٌ كبيرٌ على زواجه الأوّل، وبدأ يفكر في التقاعد بسن الخمسين، لكنّه لم يكن ليتخيل حياته دون عمل أيضًا.

 

 

 

وفشلت بعض المشاريع التي عمل جورج عليها فقد حاول الاستثمار في مطعم، ونفذ بعض الأعمال المالية في قبرص ونجح في الاستثمار بشركة للرهن العقاريّ.

 

 

 

أمضى جورج كثيرًا من الوقت في إشباع شغفه بجمع مكتبته الشخصية التي تضمنت كثيرًا من الكتب التي تتناول تاريخ بلاد الشام والعراق ومصر، مع تفضيل كتابات المستشرقين عن المنطقة العربية.

 

 

وقال جورج :”تحتوي مكتبتي على ألف كتاب تمّ تأليف معظمها في القرن السادس عشر وبعض هذه الكتب نادر جداً”.

 

 

 

واهتم جورج بجمع العملات النقدية القديمة ودراسة تاريخها والمعلومات التاريخية الخاصة بها.

 

 

 

وعاد جورج للعمل في القطاع المصرفيّ عام 2009، حيث عرضت عليه رئاسة اتحاد المحاسبين القانونيين وذلك في أعقاب انتهاء الأزمة المالية العالمية.

 

 

 

وكان اتحاد المحاسبين قد تأسس عام 1975 حيث فرَّ كثيرٌ من المصرفيين اللبنانيين إلى لندن هربًا من الحرب الأهلية.

 

 

 

وجلب المصرفيون العراقيون والسوريون والفلسطينيون والمصريون كثيرًا من الخبرات بالإضافة إلى تمتعهم بالعديد من الصلات مع محافظي البنوك المركزية و المسؤولين في وزارات النفط والمالية.

 

 

 

كيف أثر جورج كنعان على اتحاد المصرفيين العرب؟

 

 

 

كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟
كيف أصبح ابن صاحب بقالة في بيروت رائدًا في المجال البنكي في بريطانيا ؟ (بيكسباي)

 

 

 

وقال جورج في هذا الصدد :” لقد أصبح هؤلاء المصرفيون من الأشهر في العالم بسبب تمتعهم بكثير من العلاقات مع المسؤولين في المنطقة العربية”.

 

 

“لقد التقيت بكثير من المصرفيين العرب خلال فترات الغداء في اتحاد المصرفيين، وكانت أسعار الوقود ترتفع بينما شهد العالم سيولة كبيرة في الأموال”.

 

 

 

لكن الأمور تغيرت كثيرًا عن الحقبة التي عمل فيها جورج كنعان في القطاع المصرفيّ وأصبح مصطلح المصرفيين العرب شيئًا من الماضي”، حيث ينشط اليوم المصرفيون البريطانيون والأميركيون والهند والباكستانيون في السوق العربية.

 

 

 

وساهم جورج في تحويل اتحاد المصرفيين الغرب إلى هيئة معنية بجميع العاملين في القطاع المصرفيّ وليس للمسؤولين عن المصارف العربية فقط.

 

 

وعادت مجلة اتحاد المصرفيين العرب لنشر أعدادها مجدّدًا وجدّدت موقعها على الانترنت واتسع نطاقها ليشمل مؤسسات عالمية مثل HSBC و BNY Mellon، وهي تعمل اليوم مع فريق استشاريّ من المحاميين.

 

 

ويركز الاتحاد اليوم على القضايا المصرفية المهمة مثل الجرائم المالية أو التمويل التجاريّ، بينما يزدهر الجانب الاجتماعيّ في الاتحاد الذي يحضر أعضاؤه حفلات الإفطار وعيد الميلاد والعشاء.

 

 

وما يزال جورج يحتفظ بأخلاقيات العمل التي تعلمها من والده الذي كان يعمل بقالًا، وينوي جورج الاستمرار في عمله الحاليّ، حيث قال في هذا الصدد: “أنا أستمتع بعملي في اتحاد المصرفيين ولدي كثير من الزملاء الجيدين لقد عملت في هذا القطاع أكثر من أربعين عامًا ولا أرى سببًا للتقاعد>

 

 

 

المصدر : thenationalnews


 

 

اقرأ أيضاً :

مواجهة بين رجل أعمال بريطاني ومصارف لبنانية بعد منع تحويل 4,6 ملايين دولار

رجل في ويلز ينجح في إنقاذ والدته التسعينية بعد أن داهم الفيضان منزلها!

192 ألف باوند فاتورة هاتف لرجل أمضى أربعة أيام في تركيا