لندن تستخدم كاميرات صينية بتقنية التعرف على الوجه في شوارعها
شهدت بعض شوارع العاصمة لندن وضواحيها استخدام كاميرات صينية مزودة بتقنيات التعرف على الوجه.
ووُضِعت لائحة أسفل الكاميرات كُتِب عليها: “إن هذه الكاميرات ستساهم في منع الجريمة وتعزيز السلامة العامة”.
ودون شك فإن هذه الكاميرات سيكون لها دور كبير في أمن شوارع العاصمة لندن وسلامتها، حيث يعاني بعض السكان من عمليات السطو والسرقة في السنوات الأخيرة.
كاميرات صينية تثير ريبة الناشطين في لندن بسبب اعتماد تقنية التعرف على الوجه
لكن الأمر الذي يجهله الجميع أن تكاليف هذه الكاميرات مرتفعة جدًّا مقارنة بغيرها من أنواع كاميرات المراقبة.
إذ صنعت هذه الكاميرات شركةُ داهو الصينية، وهي مجهزة بأنظمة التعرف على الوجه، وتستخدمها الحكومة الصينية إلى جانب العديد من الأنظمة الشمولية في العالم لمراقبة السكان ونشاطاتهم السياسية.
ومن أبرز الأسباب التي تدعو إلى القلق هو أن شركة داهو الصينية تمتلك سجلًّا حافلًا بنقاط الضعف الأمنية، وقد تعرضت لكثير من عمليات الاختراق السيبراني التي طالت الكثير من أنظمة الكاميرات الخاصة بالشركة، وقد اعترفت الشركة بإمكانية حدوث مزيد من الاختراقات.
أضف إلى ذلك أن الشركة متورطة في انتهاكات لحقوق الإنسان مارستها الدولة الصينية التي تستخدم الكاميرات الحديثة للتعرف على وجوه أبناء الأقليات المضطهدة من مسلمي الإيغور.
وتنتشر كاميرات المراقبة الصينية المنشأ في نصف أحياء العاصمة لندن تقريبًا، ومن ضمن هذه الأنظمة تلك التي صنعتها شركة داهو ثاني أكبر شركة لتصنيع مُعَدات المراقبة في الصين إلى جانب شركة (Hikvision) التي تُعَد أكبر شركة لتصنيع مُعَدات المراقبة.
وفي الآونة الأخيرة، أبرمت بلديتا واندسوورث وريتشموند في لندن عقدًا بقيمة 1.3 مليون باوند مدته 5 سنوات مقابل الحصول على 900 قطعة من هذه الكاميرات المتطورة في عام 2020.
ويشمل العقد إقامة غرفة تحكم مشتركة بين مجلس البلديتين لتمكين الشرطة من مراقبة الشوارع، علمًا أن هذا المشروع هو أحد مشاريع المراقبة الأمنية الكبرى التي نفذتها شركة داهو خارج الصين.
وعلى عكس المملكة المتحدة حظرت الولايات المتحدة الأمريكية استخدام الكاميرات التي صنعتها شركتا داهو و(Hikvision)؛ بسبب الأخطار الأمنية التي قد يسببها هذا النوع من أنظمة المراقبة، وعلَّقت شركة (Hikvision) بأنها ملتزمة بدعم خصوصية وحماية الأشخاص والممتلكات.
وبحسَب ما ورد عن بلديتي واندسوورث وريتشموند فإن تقنية التعرف على الوجه لمَّا تُفعَّل في هذه الكاميرات حتى الآن.
وبعدما أصبحت تقنية التعرف على الوجه أكثر شيوعًا، بدأت شرطة العاصمة باعتماد هذه التقنية في شوارع العاصمة.
ويرى بعض الناس أن استخدام أنظمة التعرف على الوجه يحاكي نهج التطفل وفَرض الرقابة على خصوصية المواطنين بصفة مشابهة لما تفعله الحكومة الصينية.
وتعتقد المملكة المتحدة أن الصين هي أكثر الدول استخدامًا لكاميرات المراقبة في العالم، حيث وزَّعت نحو 800 مليون كاميرا في البلاد!
لكن مع تخصيص أكثر من كاميرة مراقبة لكل مواطن في لندن، فإن سكان العاصمة البريطانية صُنِّفوا بأنهم ثالث أكثر السكان خضوعًا لأنظمة المراقبة في العالم، ويخشى الخبراء أن المملكة المتحدة قد تنافس الصين قريبًا في أنظمة مراقبة الشوارع.
ومع أن كثيرًا من هذه الكاميرات لا تحتوي على تقنية التعرف على الوجه يخشى الناشطون في مجال الحريات المدنية من تفعيل هذه الخاصية في وقت قريب.
وكان رئيس شركة مايكروسوفت قد حذر في عام 2018 من أن استخدام تقنية التعرف على الوجه يمكن أن يؤدي إلى إطلاق العنان لأنظمة المراقبة الجماعية بشكل غير مسبوق.
كما يخشى السياسيون والحقوقيون من أن استخدام مثل هذه التكنولوجيا يُنذِر بمستقبل تسيطر فيه الرقابة المشددة على خصوصية الناس وحياتهم.
وقد بدأ أول إجراء قانوني ضد تقنية التعرف على الوجه في شهر تموز/يوليو الماضي بعد أن اشتكت مجموعة (Big Brother Watch) إلى مفوضية أمن المعلومات بسبب استخدام متاجر (Souther Co-Op) لأنظمة الرقابة (Orwellian).
كيف استُخدمت تقنية التعرف على الوجه في بريطانيا؟
وبموجب أنظمة المراقبة الموزعة على 35 فرعًا من فروع محالّ (Southern Co-Op) في كل من بورتسموث وبريستول وبورنموث و برايتون وساوثهامبتنون تُسجِّل الكاميرات البيانات الشخصية لزوَّار هذه المتاجر تسجيلًا تلقائيًّا، كما تُسجِّل قياسات الوجه والرأس بمجرد دخول الناس إلى المتجر.
وتؤكد محالّ (SoutherCo-OP) أنها اتخذت هذه الإجراءات لمنع سوء المعاملة أو ممارسة أعمال العنف، لكن مجموعة (Big Brother Watch) تؤكد أن هذه البيانات الشخصية قد تُستخدَم ضد أصحابها الذين قد تُشارَك أسماؤهم عبر بعض القوائم السوداء من أجل منع دخولهم إلى متاجر معينة.
هذا وتستغل الشرطة والأجهزة الأمنية استخدام تقنية التعرف على الوجه لأغراض المراقبة؛ فقد استخدمت شرطة العاصمة كاميرات يابانية المنشأ عام 2020 في أحد عروض سيرك أوكسفورد خلال هذا الصيف، وقد تفحَّصت الكاميرات وجوه 36420 شخصًا ممن حضروا العرض؛ بحثًا عن قائمة تتألف من 6747 شخصًا من المشتبه بهم.
ولم تستطع الشرطة العثور على المشتبه بهم، لكن ذلك يُثبِت إمكانية استخدام الشرطة لهذه التكنولوجيا، وقد برَّرت ذلك بأن “استخدام الكاميرات جاء لأغراض منع الجريمة والعثور على المجرمين المطلوبين وحماية الأبرياء من أي خطر وشيك”.
كما استخدمت وكالة مكافحة الجريمة الوطنية إلى جانب شرطة يوركشاير ونورثهامبتونشاير وسوفولك تقنية التعرف على الوجه من باب التجربة خلال السنوات الأخيرة.
وبهذا الصدد يقول الناشطون: إن القادم أعظم بالنسبة إلى قضية استخدام الكاميرات في بريطانيا التي لطالما اتخذت موقفًا محافظًا تجاه الخصوصية. ودعا مكتب مفوض أمن المعلومات في المملكة المتحدة إلى الوقف الفوري لاستخدام تقنية التعرف على الوجه إلى أن يتم إنشاء نظام حماية للناس.
وتعتمد هذه التقنية على أخذ قياسات الوجه للأشخاص دون موافقتهم ومطابقتها مع الصور الموجودة في قاعدة بيانات أُنشِئت دون موافقة رسمية.
هذا وفي شهر أيار/مايو ذُكِر أن شركة (Clearvire Al) جمعت ملايين الصور لمواطنين بريطانيين من وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن أخرى على الإنترنت دون علمهم أو إذنهم، وأن هذه الصور خُزِّنت في قاعدة بيانات دولية.
اقرأ أيضاً :
كاميرات السرعة تلتقط المخالفين 850 مرة يوميًا في هذه المنطقة ببريطانيا
ثلاث قصص كشفتها كاميرات المراقبة
لأول مرة في بريطانيا.. السماح لكاميرات التلفزيون بتصوير جلسات المحاكم
الرابط المختصر هنا ⬇