كشفت أرقام رسمية أن طلابًا من دول الاتحاد الأوروبي يدينون لبريطانيا بأكثر من 5 مليارات باوند من القروض الطلابية غير المسددة. وبحسب بيانات شركة القروض الطلابية (Student Loans Company)، بلغ إجمالي المبالغ المستحقة 5.8 مليارات باوند في العام الدراسي 2024-2025، بعدما كانت عند حدود 0.7 مليار باوند في 2013-2014.
ما بعد بريكست: انتهاء القروض للطلاب الأوروبيين الجدد دون وضع إقامة
قروض (Pixabay)
وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، توقّف حصول الطلاب الأوروبيين الجدد على قروض طلابية ما لم يكونوا يحملون وضع الإقامة الدائمة أو المسبقة (settled أو pre-settled status).
وأثار الكشف عن حجم الديون مخاوف من احتمال تحمّل دافعي الضرائب في بريطانيا خسائر إضافية، في وقت يجري فيه الحديث عن كلفة كبيرة قد ترافق العودة إلى برنامج “إيراسموس” للتبادل الطلابي. وتشير المعطيات إلى أن بريطانيا قد تواجه فاتورة إجمالية تصل إلى 8.75 مليارات باوند مرتبطة بإعادة الانضمام للبرنامج.
وكانت صحيفة The Telegraph قد كشفت يوم الأربعاء أن الاتحاد الأوروبي قد يطلب من بريطانيا 1.25 مليار باوند سنويًا بين 2028 و2034 مقابل العودة إلى البرنامج الذي يتيح للطلاب قضاء عام دراسي في جامعة أوروبية.
سياق سياسي: خطوة ضمن تقارب ستارمر مع أوروبا
وتأتي هذه التطورات بوصفها أول خطوة ضمن مسار رئيس الوزراء كير ستارمر لتوثيق العلاقات مع أوروبا، بعدما قال إنه مستعد لإجراء “مقايضات”. ويأتي ذلك بعد تفاهمات أخرى شملت منح قوارب الاتحاد الأوروبي حق الوصول إلى مياه الصيد البريطانية، إضافة إلى التعهد باتباع معايير أوروبية تتعلق بصادرات الغذاء.
وحذّر اقتصاديون وخبراء في التعليم من أن تحصيل هذه القروض قد يكون صعبًا عندما يكون المقترضون خارج بريطانيا، ما قد يترك البلاد أمام خسائر تُقدّر بمئات الملايين من الباوند.
وفي حين تُحصّل قروض الخريجين داخل بريطانيا تلقائيًا عبر اقتطاعات من الرواتب من خلال نظام PAYE، فإن الطلاب الأوروبيين أو البريطانيين العاملين في الخارج مطالبون بالتصريح عن دخلهم عبر نموذج إلكتروني ثم ترتيب السداد بأنفسهم.
وقال Nick Hillman، مدير مركز الأبحاث Higher Education Policy Institute، إن القرض “عقد قانوني” يظل ملزمًا بالسداد، لكن استعادة الأموال “صعبة”، مضيفًا أن لدى شركة القروض الطلابية أدوات للتنفيذ، إلا أن ذلك “مكلف جدًا”.
تحذير اقتصادي: كان يجب ربط أي اتفاق جديد بتسوية الديون القائمة
القروض العقارية
من جهتها قالت الاقتصادية Catherine McBride إن الحكومة كان ينبغي أن تطالب الاتحاد الأوروبي بتسوية المبالغ المستحقة قبل الدخول في أي تفاوض حول برامج تنقّل جديدة، محذّرة من أن الديون غير المسددة قد تتحول إلى عبء على دافعي الضرائب في بريطانيا.
وأضافت أن معدلات السداد أعلى بين المقترضين داخل بريطانيا لأن HMRC تستطيع اقتطاع السداد مباشرة من الرواتب، بينما تشير تقديرات إلى أن 50% إلى 70% من قروض طلاب الاتحاد الأوروبي قد تُشطب بسبب محدودية القدرة على فرض التحصيل خارج بريطانيا.
وبالتوازي مع ملف الديون الأوروبية، تُظهر البيانات أن إجمالي ديون القروض الطلابية في بريطانيا بات قريبًا من 270 مليار باوند.
انتقادات سياسية: “تكلفة العودة لإيراسموس غير واضحة وقد تضغط على التعليم”
قالت Laura Trott، shadow education secretary، إن الاتحاد الأوروبي “أخذ كير ستارمر على حين غرة”، معتبرة أن تكلفة السنة الأولى وحدها من عضوية “إيراسموس” تبلغ 570 مليون باوند، بينما كانت بريطانيا في 2019 تدفع “نصف ذلك”.
وأضافت أن مصادر تمويل هذه الكلفة غير واضحة، وأنه يمكن توقّع مزيد من الضغط على ميزانيات التعليم، واصفة الاتفاق بأنه صفقة سيئة لدافعي الضرائب الذين قد يُطلب منهم تحمل كلفة القروض غير المسددة.
قال حزب العمال إن العودة إلى “إيراسموس” ستكلف 570 مليون باوند في 2027 مقابل عضوية لمدة سنة واحدة، لكنه لم يعلن تقديراته لتكاليف السنوات التالية.
وبحسب ما نقلته The Telegraph، يُتوقع أن ترتفع كلفة العضوية لاحقًا لأن بروكسل تخطط لزيادة تمويل “إيراسموس” بأكثر من 50%، من نحو 26 مليار يورو (23 مليار باوند) إلى 41 مليار يورو ابتداءً من 2028.
ويقوم البرنامج على تمويل سنة دراسية في جامعة أوروبية دون رسوم إضافية على الطالب، وتذهب أجزاء من ميزانيته لتغطية الرسوم الدراسية وتكاليف المعيشة.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن تضخم ديون قروض الطلاب—ولا سيما تلك المرتبطة بمقترضين يقيمون خارج بريطانيا—يسلط الضوء على فجوة حقيقية بين سياسة الإقراض وقدرة الدولة على التحصيل عبر الحدود، وهو ما يستدعي نقاشًا عامًا أكثر شفافية حول أفضل السبل لحماية المال العام دون المساس بحقوق الطلاب أو تحويل القضية إلى سجال سياسي على حساب الوقائع.
وتؤكد المنصة أيضًا أن أي توجه نحو العودة إلى برامج أوروبية مثل “إيراسموس” يجب أن يقوم على بيانات واضحة ومعلنة، وخطط تمويل طويلة الأجل، وتقييم مستقل ومتوازن للكلفة مقابل الفائدة، بما يضمن عدم تحميل ميزانيات التعليم أو دافعي الضرائب في بريطانيا أعباء إضافية.