العرب في بريطانيا | رسالة مضربة عن الطعام من داخل الزنزانة إلى ضمير...

1447 رجب 1 | 21 ديسمبر 2025

رسالة مضربة عن الطعام من داخل الزنزانة إلى ضمير العالم

رسالة مضربة عن الطعام من داخل الزنزانة إلى ضمير العالم
عبلة قوفي December 20, 2025

من داخل سجن بريطاني، تكتب ناشطة “بال أكشن” آمو غيب المضربة عن الطعام شهادتها، موضحةً أسباب إضرابها المفتوح عن الطعام وعن مطالبها، ومسلّطةً الضوء على ما تصفه بمسؤولية بريطانيا عمّا يجري في فلسطين من إبادة جماعية وانتهاك لحقوق الإنسان.

إضراب عن الطعام احتجاجًا على تسليح إسرائيل والمعاملة التعسفية للناشطين المعتقلين

معتقلو “بال أكشن” يواصلون إضراباً جماعياً عن الطعام
معتقلو “بال أكشن” يواصلون إضراباً جماعياً عن الطعام

آمو غيب واحدة من معتقلي “بال أكشن” المضربين عن الطعام، الذين ينتظرون المحاكمة بتهم مزعومة تتعلق بنشاط الحركة الداعمة لفلسطين. وتُحتجز غيب في سجن برونزفيلد، وتعود التهم الموجهة إليها إلى اقتحام مزعوم لقاعدة سلاح الجو الملكي في برايز نورتون هذا العام. ويستند هذا المقال إلى مقابلات أُجريت مع آينله أو كاريلين، مقدّم بودكاست (Rebel Matters)، والكاتب والباحث إي إس وايت، في اليومين الثامن عشر والثالث والثلاثين من الإضراب عن الطعام.

جاءت رسالة الناشطة المحتجزة حاليًّا في سجن برونزفيلد على النحو الآتي:

“أنا مضربة عن الطعام في سجن بريطاني.. وهذا هو السبب

آمو غيب

مطالبنا بسيطة وتبدأ بوقف تدفّق السلاح إلى إسرائيل
بدأنا إضرابنا عن الطعام في الـ2 من نوفمبر/تشرين الثاني، في ذكرى وعد بلفور، اليوم الذي زرعت فيه بريطانيا بذور الإبادة الجماعية التي نشهدها اليوم.

يواجه الفلسطينيون الآن شتاءً آخر من دون أبسط مقومات البقاء. ولكي نصل إلى هذا الحد، حيث تستطيع إسرائيل اتخاذ التجويع سلاحًا، لا بد من مواجهة من يمكّن ذلك. من يسلّحها؟ من يسمح للمستوطنين الصهاينة بسرقة الأرض الفلسطينية واحتلالها؟ من يسمح لإسرائيل باستهداف المزارعين ومن يقطفون زيتونهم؟

تعرّفتُ إلى قضية فلسطين أول مرة في المرحلة الثانوية المتقدمة، لا من المعلمين، بل من طلاب آخرين، من شابات مسلمات. لم أكن أفهم السياق التاريخي حينها، لكن قصف المدنيين كان خطأً فادحًا وواضحًا. ثم إن رؤية تكرار ذلك بشكل روتيني، عامًا بعد عام، كانت صادمة للغاية. سيستمر هذا ما لم يضع الناس حدًّا له. وكلما تعلّمت أكثر عن دور بريطانيا في تمكين هذه الفظائع، بات من المستحيل بالنسبة لي أن أكتفي بعدم فعل شيء.

مطالبنا بسيطة. أولًا: إغلاق مصانع الأسلحة التي تزوّد إسرائيل بالسلاح. ثانيًا: رفع الحظر عن حركة “بال أكشن”. “بال أكشن” حركة احتجاجية تعتمد العمل المباشر، ولم يكن ينبغي قطّ تصنيفها منظمة إرهابية. ثالثًا: إنهاء سوء معاملة السجناء أثناء الاحتجاز. رابعًا: الإفراج الفوري بكفالة. فهناك أشخاص يعاني آباؤهم أمراضًا خطرة أو يحتضرون، وأشخاص فاتتهم محطات أساسية في حياتهم. وخامسًا: ضمان محاكمة عادلة، ويشمل ذلك الإفراج غير المنقّح عن المراسلات المتعلقة بالناشطين بين المسؤولين البريطانيين والإسرائيليين وتجار السلاح.

ما دفعنا إلى الإضراب عن الطعام كان جزئيًّا إدراكنا أنه، ما دمنا هنا، تستطيع إدارة السجن أن تفعل ما تشاء. يفرضون علينا أوامر عدم اختلاط واهية كي لا نقضي وقتًا مع بعضنا؛ يعبثون بحياتنا كما يحلو لهم؛ يعرقلون الزيارات وأوقات الرياضة، ويراقبون بريدنا. وقد مُنعتُ من الانضمام إلى مجموعة الأشغال اليدوية بزعم أنني “تهديد أمني” بعد أن طرّزت عبارة “الحرية لفلسطين” على وسادة، والمفارقة أن ذلك كان في اليوم الذي اعترفت فيه بريطانيا بدولة فلسطين.

وعلى المستوى المادي، قد لا يبدو أننا “ننتصر” دائمًا، لكن عادة المقاومة -لا عادة الامتثال- هي ما نغرسه في بعضنا عبر الثقة والرعاية والتضامن. وهذه العادة تذكّرنا بأن لدينا دائمًا خيارات، وبأن مخيلتنا لا تُسلب منا. هذا ما يُبقينا أحياء. لا منطق ولا مبرر لاحتجازنا. لكن حين تقرر أن تتحرك رغم وجودك في السجن، تكون حرًّا.

هناك أيضًا مسؤولية مستمرة تجاه تحرير فلسطين، وهي التي أوصلتنا إلى هنا، وما زلنا جميعًا ملتزمين بها. لذا فإن إضرابنا عن الطعام هو إعلان بأن الدولة لا تستطيع إيقافك حتى وهي تحتجزك، وأننا لن نتخلى عن تركيزنا ولا عن مسؤوليتنا تجاه الناس، مهما كانت الظروف التي نعيشها.

من الناحية الجسدية، فقدتُ 11 كيلوغرامًا حتى الآن، وأتحرك ببطء شديد. مستوى السكر في دمي منخفض للغاية، ومستوى الكيتونات -وهي طريقة قياس كمية السموم التي ينتجها الجسم عندما يبدأ بأكل نفسه، حارقًا الدهون والعضلات بدل السعرات الحرارية- مرتفع جدًّا. وقد نُقل اثنان من المضربين عن الطعام إلى المستشفى بالفعل. وكان رد فعل السجناء الآخرين مذهلًا؛ الجميع يطمئن عليّ، ويتأكد من توفّر الماء الساخن، ويأتون لزيارتي في زنزانتي، ويعيرونني ملابس لأبقى دافئة. وذلك رغم أن أحد الحراس أخبر السجناء الآخرين بأنهم سيحصلون على نقاط سلوك سلبية إذا ساعدونا.

لقد جعل الإضراب عن الطعام واقع السجن أكثر حدّة: الصراخ من الحراس، وقسوة القواعد التي يفرضونها. لكنه من ناحية أخرى يجعل السجن يتلاشى ويصبح غير ذي صلة. نحن نركّز على العالم خارج هذه الجدران، ويبدو أكثر واقعية بكثير. نتغذّى معنويًّا على كل فعل مقاومة نسمع عنه. السجن يطالبنا بأن نكون أحياء بشروطه، لكن الآن بات الأمر بشروطنا نحن، ولدينا القوة التي يمسكون بها ضدنا بين أيدينا، في أجسادنا، وفي بطوننا الخاوية. أتمنى لو أستطيع نقل مقدار الطاقة التي تمنحك إياها المقاومة.

لدينا القوة والقدرة والمسؤولية والإبداع والحنكة والمحبة التي تجعلنا نُدفَع إلى الفعل، ليس مرة واحدة، بل في كل دقيقة من كل يوم، وقد مرّ الآن 46 يومًا على بعضنا. لا يبدو أبدًا أن ما نفعله كافٍ، لكن من جهة أخرى، يبدو كأنه أفضل ما في العالم”.

إدارة السجون تنفي الممارسات التعسفية

معتقلو “بال أكشن” يواصلون إضراباً جماعياً عن الطعام

من جهة أخرى قال متحدث باسم سجن برونزفيلد: لا يمكننا تقديم معلومات عن أفراد بعينهم؛ إلا أننا نؤكد أن جميع السجناء يُعامَلون وفق السياسات والإجراءات التي تحكم منظومة السجون في المملكة المتحدة بأسرها. ويشمل ذلك عمليات متخصصة متعددة الجهات تقودها الحكومة لتقييم المخاطر الفردية والحالة الأمنية. ومع ذلك، إذا كان لدى أي سجين شكاوى محددة، فنحثّه على إثارتها مباشرة مع إدارة السجن، إذ تتوفر قنوات عديدة لمعالجة مثل هذه المخاوف.

ترى منصة العرب في بريطانيا أن إضراب السجناء عن الطعام يعكس مستوى مقلقًا من الانسداد السياسي والأخلاقي في التعامل مع القضية الفلسطينية داخل بريطانيا، ويكشف في الوقت ذاته عن تضييق متزايد على أصوات الاحتجاج السلمي. وتؤكد المنصة أن احترام حقوق السجناء، وضمان المحاكمة العادلة، ووقف أي تورط بريطاني في انتهاكات القانون الدولي، تمثل التزامات قانونية وأخلاقية لا يجوز تجاوزها تحت أي ذريعة.

المصدر: الغارديان


اقرأ أيضًا:

 

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة