جماعة من السيخ تهدد باللجوء إلى القضاء رفضًا لتعريف الإسلاموفوبيا الجديد

تتصاعد الخلافات داخل الأوساط الدينية في بريطانيا بشأن خطط الحكومة لاعتماد تعريف رسمي جديد لمصطلح “الإسلاموفوبيا”، إذ أعلنت شبكة المنظمات السيخية (NSO)، وهي أبرز هيئة تمثل السيخ في بريطانيا، أنها تستعد لاتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومة بسبب ما وصفته بـ”خطر التمييز” الذي قد ينجم عن هذا التعريف.
وفي بيان رسمي، أكدت الشبكة أنها ستلجأ إلى المراجعة القضائية إذا مضى وزير المجتمعات البريطاني ستيف ريد في خططه لاعتماد تعريف رسمي للإسلاموفوبيا، مشيرة إلى أنها أرسلت بالفعل خطابًا تمهيديًّا للحكومة في الـ19 من أيلول/ سبتمبر حذّرت فيه من العواقب القانونية والحقوقية لهذه الخطوة.
وزعمت المنظمة أن أي تعريف من هذا النوع سيكون تمييزًا واضحًا ضد أتباع الديانات الأخرى، مضيفة أنه سيتداخل مع حقوق السيخ وغيرهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، ويقيد حرية الفكر والتعبير باسم حماية مشاعر فئة دينية معينة.
وتأتي هذه التحركات في الوقت الذي ينتظر فيه الوزير ريد توصيات مجموعة العمل التي شكّلتها وزيرة المجتمعات السابقة أنجيلا راينر لتحديد المعايير التي تُعرّف التمييز ضد المسلمين في بريطانيا.
وفي محاولة لطمأنة المعارضين، قال الوزير ريد الأسبوع الماضي: إن حماية حرية التعبير تظل أولوية مطلقة للحكومة، مؤكدًا أنه “لن نتبنّى أي تعريف مهما كان الثمن إذا كان سيحد من تلك الحرية”.
أما وزيرة الداخلية شابانا محمود فقد حذّرت من أن اعتماد تعريف رسمي قد يؤدي إلى “معاملة خاصة” للمسلمين، ما قد “يزيد من الانقسام والكراهية بدلًا من معالجتها”، حسب قولها.
وترى شبكة المنظمات السيخية أن التشريعات البريطانية الحالية توفر بالفعل الحماية القانونية الكافية ضد جرائم الكراهية، ولا حاجة لإضافة تعريف جديد قد يُحدث مزيدًا من التعقيد أو التمييز.
وأعربت في رسالتها إلى الوزير عن “قلق بالغ” من أن يؤدي التعريف المقترح إلى تقييد حرية السيخ في التعبير عن معتقداتهم وممارساتهم الدينية، معتبرة أن ذلك سيكون انتهاكًا مباشرًا لحقوق الإنسان.
وفي رسالة مطوّلة وجّهها اللورد سينغ أوف ويمبلدون، مدير الشبكة، قال إن هناك “عددًا لا يُحصى من المعتقدات والممارسات السيخية، وكذلك الدينية والفلسفية الأخرى، التي قد تُعَد مسيئة لأشخاص من الديانة الإسلامية، لكنها تُعد في الوقت نفسه أساسية في التعبير عن هُوية السيخ الدينية”.
وأشار إلى أن أي تعريف واسع للإسلاموفوبيا يمكن أن يجعل من ممارسة هذه العقائد جريمة محتملة بموجب القانون، وهو ما وصفه بـ”انتهاك خطير لحرية العقيدة”.
كما حذّرت الشبكة من أن تبني تعريف رسمي قد يؤدي فعليًّا إلى رقابة على التاريخ السيخي، إذ تتضمن الروايات التاريخية المركزية للسيخ إشارات إلى حكّام مسلمين مارسوا الاضطهاد ضدهم في الماضي.
من جهتها أكدت وزارة الإسكان والمجتمعات والحكومة المحلية أنه “لم يُتخذ بعد أي قرار بشأن التعريف”، مضيفة في بيان رسمي: “لن نقبل بأي صيغة يمكن أن تضر بحرية التعبير أو تميّز ضد أي من الجماعات الدينية في المملكة المتحدة”.
غياب الإرادة السياسية الحقيقية وراء تصاعد الكراهية ضد المسلمين
أعربت منصة العرب في بريطانيا (AUK) عن قلقها من الجدل المتصاعد بشأن تعريف الإسلاموفوبيا، منبّهة إلى أن جوهر المشكلة لا يكمن في التعريف ذاته، بل في غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمكافحة الكراهية ضد المسلمين في المجتمع البريطاني.
وأوضحت المنصة في تعليقها أن رفض بعض الجهات، مثل شبكة المنظمات السيخية، لتعريف واضح ومُلزم لمصطلح الإسلاموفوبيا، يعكس سوء فهم لطبيعة التمييز الممنهج الذي يعاني منه المسلمون في بريطانيا، وليس دفاعًا حقيقيًّا عن حرية التعبير كما يُروَّج.
وأضافت المنصة أن القلق المثار من “تقييد حرية التعبير” يُتَّخَذ في كثير من الأحيان ذريعة لعدم مواجهة خطاب الكراهية المتزايد ضد المسلمين في الإعلام والسياسة والفضاء الإلكتروني، داعية الحكومة إلى تبني موقف أكثر وضوحًا في حماية الأقليات الدينية دون تمييز.
كما نبّهت (AUK) إلى أهمية التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية، مؤكدة أن تعريف الإسلاموفوبيا يجب ألا يُفهم بوصفه أداة رقابية، بل بوصفه إطارًا قانونيًّا وأخلاقيًّا لحماية المواطنين المسلمين من التحريض والتمييز والعنف اللفظي والجسدي.
المصدر: التايمز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇