العرب في بريطانيا | عثمان مقبل: غزة تنادي.. الحاجة ملحة لنهج إنساني...

1447 محرم 8 | 04 يوليو 2025

عثمان مقبل: غزة تنادي.. الحاجة ملحة لنهج إنساني أكثر فاعلية لإنقاذ الأرواح

وزيرة بريطانية تستقيل احتجاجًا على تخفيضات تمس غزة والسودان
اية محمد February 20, 2025

بعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من القصف والدمار، يعيش قطاع غزة تحت هدنة هشة منذ شهر، لكن الهدوء النسبي لم ينهِ معاناة الفلسطينيين، بل كشف عن مأساة جديدة تتمثل في الفقر والجوع والتشرد واليأس.

يرى عثمان مقبل، الرئيس التنفيذي لمنظمة “أكشن فور هيومانيتي” (العمل لأجل الإنسان)، أن هذه الهدنة لم تجلب سوى استراحة قصيرة من القصف، لكنها لم تخفف من الكارثة الإنسانية المستمرة. ففي الوقت الذي يحاول فيه النازحون العودة إلى مناطقهم، يجدون أنفسهم أمام أنقاض منازلهم، بينما تفتقر الملاجئ المؤقتة إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.

هدنة بلا حلول

جوناثان كوك: الصمت على مقتل آلاف الأطفال في غزة يصم الآذان

رغم التحسن النسبي في تدفق المساعدات، إلا أن غزة لا تزال تواجه أزمة إنسانية خانقة. المستشفيات تعاني من الاكتظاظ ونقص الإمدادات، والمدارس التي لم تدمر تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين، ما جعل العودة إلى الحياة الطبيعية أمرًا مستحيلًا.

على الأرض، يواجه السكان صعوبة في تأمين الاحتياجات الأساسية. المواد الغذائية التي تصل إلى القطاع بالكاد تكفي، والمياه الصالحة للشرب شحيحة، والأدوية تكاد تكون معدومة. الأسوأ من ذلك، أن البنية التحتية المدمرة تجعل توزيع المساعدات تحديًا يوميًا.

في الأسبوع الماضي، كادت أزمة نقص المأوى أن تعصف بالهدنة، بعد منع دخول شاحنات تحمل خيامًا ومنازل متنقلة ومعدات لإزالة الأنقاض. ومع استمرار هذا الحظر، تزداد معاناة العائلات التي تضطر إلى العيش في العراء وسط برد الشتاء القارس، خاصة في المناطق الشمالية التي شهدت أكبر نسبة دمار.

غذاء لا يسد الحاجة

المساعدات الغذائية التي تصل إلى غزة تبقى محدودة، وغالبًا ما تقتصر على الدقيق والزيت والأرز والمعلبات. الخضروات والفواكه واللحوم والبيض غائبة تمامًا عن موائد الفلسطينيين، ما يهدد صحتهم على المدى البعيد.

بالنسبة لفاطمة*، وهي أم شابة تعيش في خيمة مهترئة، فإن الوضع لم يتغير منذ شهور. في الليل، تتسرب مياه الأمطار إلى مأواها، وأطفالها لم يعودوا يبكون من شدة الإعياء والجوع. رغم زيادة المساعدات، لا تزال غير قادرة على تأمين الطعام الذي يحتاجه أطفالها للبقاء على قيد الحياة.

سوق سوداء على أنقاض المجاعة

في مشهد أكثر مأساوية، بدأت بعض المواد الغذائية الأساسية بالظهور في الأسواق، لكن بأسعار تفوق قدرة معظم السكان. فالشاحنات التي تدخل القطاع لا تحمل المساعدات فقط، بل أيضًا بضائع تجارية تباع بأسعار باهظة، ما يجعل الحصول على الطعام امتيازًا للقادرين على الدفع.

يصل سعر طبق البيض في بعض المناطق إلى 60 دولارًا، فيما يُباع كيس الدقيق بأكثر من 100 دولار، في وقت يعاني فيه غالبية السكان من انعدام مصادر الدخل. العاملون في المجال الإنساني يحجمون عن شراء هذه السلع، خوفًا من التسبب في رفع الأسعار أكثر، لكن الواقع يبقى أن الغذاء بات بعيد المنال لمئات الآلاف من الفلسطينيين.

ما بعد الطحين والمعلبات؟

الأكاديمية الملكية في بريطانيا تزيل أعمالًا مستوحاة من غزة

المساعدات الإغاثية وحدها لا تكفي. يرى مقبل أن استمرار النهج التقليدي في تقديم المساعدات لا يوفر حلاً مستدامًا، فالفلسطينيون في غزة لا يحتاجون فقط إلى أكياس الطحين والتونة المعلبة، بل إلى فرصة لاستعادة حياتهم.

“غزة دُمرت بالكامل”، يوضح مقبل، مشيرًا إلى أن الأراضي الزراعية تحولت إلى ركام، والاقتصاد انهار تمامًا، ومعظم السكان أصبحوا بلا وظائف أو أمل في تأمين لقمة العيش. بدون خطة لإعادة البناء، لن تكون هناك عودة للحياة الطبيعية، وستظل المعاناة قائمة لعقود.

“وسع مائدتك”.. مبادرة لاستعادة الكرامة

في محاولة لكسر هذا النمط التقليدي، أطلقت منظمة “أكشن فور هيومانيتي” مبادرة وسع مائدتك، التي تهدف إلى تقديم دعم أكثر كرامة واستدامة للأسر الفلسطينية.

بدلًا من توزيع سلال غذائية موحدة، توفر المبادرة قسائم نقدية تتيح للعائلات شراء احتياجاتها بنفسها، ما يمنحها القدرة على اتخاذ قراراتها الخاصة، بعد أشهر طويلة من الاعتماد القسري على الإغاثة العشوائية.

“إعطاء العائلات حرية الاختيار في كيفية تلبية احتياجاتها ليس مجرد تحسين لظروفهم، بل خطوة نحو استعادة كرامتهم”، يوضح مقبل، مضيفًا أن هذه المبادرة يمكن أن تساهم في دعم الاقتصاد المحلي، وتمنح الفلسطينيين فرصة للعيش بحد أدنى من الاستقلالية.

الطريق طويل.. لكنه يبدأ الآن

إعادة الحياة إلى غزة لن تكون سهلة، لكنها ليست مستحيلة. يرى مقبل أن الاستجابة الإنسانية بحاجة إلى تحول جذري، بحيث لا تقتصر على تقديم المساعدات قصيرة الأمد، بل تتبنى نهجًا يعيد للفلسطينيين إحساسهم بالسيطرة على حياتهم.

“لا يمكننا الاكتفاء بإرسال الطحين والتونة”، يقول مقبل، مشددًا على ضرورة أن تتحمل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي مسؤولياتهم تجاه غزة. الحل لا يكمن فقط في زيادة المساعدات، بل في طريقة تقديمها، بحيث تحفظ كرامة الفلسطينيين وتساعدهم على إعادة بناء حياتهم.

“التعافي سيستغرق سنوات، لكنه ممكن”، يختم مقبل، “المهم أن نبدأ الآن، وأن نكون جزءًا من الحل، لا مجرد شهود على الكارثة”.

 

المصدر: الجزيرة


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
7:36 pm, Jul 4, 2025
temperature icon 26°C
overcast clouds
35 %
1022 mb
12 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 4:49 am
Sunset 9:19 pm