إسماعيل باتيل: حملة الشرطة على احتجاجات غزة تذكّر بقمع القرن التاسع عشر

في مقال نشره إسماعيل باتيل، الكاتب والمدير التنفيذي لحملة التضامن مع فلسطين، أكد أن الحملة التي شنتها الشرطة البريطانية على احتجاجات نهاية الأسبوع في لندن ضد الإبادة الجماعية في غزة تعيد إلى الأذهان صورًا من قمع القرن التاسع عشر، وتثير تساؤلات حادة بشأن توازن السلطات بين الأمن والحريات المدنية.
الشرطة تفرض قيودًا صارمة على الاحتجاجات

وفي يوم السبت، وبعد أن وافقت الشرطة على السماح للمتظاهرين بالتجمع بين ميدان ترافالغار وميدان البرلمان، فرضت الشرطة إجراءات صارمة ومقيدة.
حيث قُسم المتظاهرين إلى أقسام، ما حال دون تمكّن الأفراد من الانتقال بين الأقسام للانضمام إلى أصدقائهم أو عائلاتهم. وكما حددت الشرطة توقيتات لبدء وانتهاء الخطابات، ومنعت حتى الموسيقى قبل بدء الفعاليات.
وقد نشر أكثر من 1000 ضابط شرطة، الذين، حسبما ورد، ظهروا سلوكيًا في صورة استفزازية، ما خلق أجواءً مشحونة قبل بداية الاحتجاج.
ورغم الاستفزازات، حافظ المتظاهرون على سلميتهم ورفضوا الانجرار إلى العنف. وشمل المشاركون في الاحتجاج أفرادًا من مختلف الأديان والمعتقدات، حيث ضم الاحتجاج مسلمين ويهودًا ومسيحيين. وقد عبروا عن موقفهم من خلال الهتافات واللافتات التي تعبر عن رفضهم للإبادة الجماعية في غزة وتواطؤ الحكومة البريطانية في هذا الصدد.
تصعيد الشرطة واعتقالات جماعية
وبعد إتمام الخطابات، أعلن المنظمون، بقيادة بن جمال، مدير حملة التضامن مع فلسطين، عن نية بعض المشاركين وضع زهور أمام استوديوهات بي بي سي كإجراء رمزي للحداد على الضحايا. وعلى الرغم من السماح للمتظاهرين بالمرور في البداية، تحولت الشرطة بعد ذلك ضدهم بشكل مفاجئ، ما أدى إلى تصعيد الموقف واعتقال أكثر من 70 شخصًا. من بين المعتقلين، ووُجهت تهم تتعلق بالنظام العام لعشرة أشخاص، بمن فيهم عدة أشخاص فوق الستين من العمر.
وفي رد على استفسارات من “ميدل إيست آي”، أصدرت شرطة لندن بيانًا أكد فيه القائد آدم سلونكي، الذي قاد العملية، أنهم قد تواصلوا بشكل منتظم مع حملة التضامن مع فلسطين والمجتمع المحلي، مشددًا على أن دور الشرطة ليس اتخاذ جانب، بل ضمان حق الجميع في الاحتجاج السلمي مع الحفاظ على النظام العام.
التأثيرات السياسية والضغط من جماعات مؤيدة لإسرائيل
وأوضح باتيل أن قرار الشرطة بعدم السماح بالتظاهر من بي بي سي إلى وايتهول جاء بعد ضغط من جماعات مؤيدة لإسرائيل، مثل “الحملة ضد معاداة السامية” التي طالبت منذ أكثر من عام بحظر هذه المسيرات. وأضاف أن هذا الضغط امتد ليشمل بعض أعضاء البرلمان والحاخام الأكبر إفرائيم مرفيس، الذين تحدثوا ضد المسيرة.
ويربط باتيل هذا القمع المعاصر بما حدث في أوائل القرن التاسع عشر، حيث قوبل المتظاهرون في مانشستر بحملة قمع وحشية من قبل الشرطة أثناء مسيرة من أجل الإصلاح البرلماني في عام 1819، وهي الحادثة التي عرفت بمجزرة بيترلو. واعتبر أن ما جرى في لندن هو تكرار حديث لتلك الممارسات القمعية.
التضييق على حقوق الاحتجاج
في تحليله، لفت باتيل إلى أن القوانين الحديثة، مثل قانون الشرطة والجريمة والعقوبات والمحاكم لعام 2022، تمنح السلطات سلطات واسعة لتقييد الاحتجاجات تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام. وحذر من أن هذا التضييق على حق الاحتجاج يمكن أن يؤدي إلى “استبداد متسلل” يهدد الحقوق المدنية ويقوض النظام الديمقراطي.
اختتم باتيل مقاله بالتأكيد على أن الحق في الاحتجاج هو أساس الديمقراطية وركيزة أساسية للمجتمعات الحرة. وأضاف أن قمع هذا الحق في احتجاجات غزة يبعث برسالة خطيرة لجميع الحركات الاجتماعية المطالبة بالعدالة والمساواة. وأكد أن الديمقراطية والمجتمع العادل يستندان إلى حرية التعبير والمشاركة العامة، ما يفرض ضرورة مقاومة أي محاولة لتهديد هذا الحق الأساسي.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇