أزمة تمويل تضرب المدارس في إنجلترا.. مديرو المدارس يحذرون من انهيار قريب
تواجه المدارس في إنجلترا أزمة تمويل حادّة قد تقود إلى “انهيار وشيك”، وفقاً لعدد من مديري المؤسسات التعليمية.
يأتي ذلك بعد أن أشار معهد أبحاث اقتصادي بارز إلى أن الارتفاع المتواصل في التكاليف سيتجاوز التمويل المتاح خلال العام المقبل، رغم الزيادات الأخيرة في الميزانيات المخصصة.
تحذيرات من تقليص الخدمات المدرسية
وأكّدت جمعية مدراء المدارس والثانويات (ASCL) أن غياب خطة حكومية فعّالة لتمويل القطاع التعليمي قد يضطر المدارس إلى اتخاذ قرارات صعبة تتضمن خفض الدعم الطلابي وتضييق خيارات المناهج الدراسية، فضلاً عن زيادة محتملة في أعداد الطلاب داخل كل فصل.
وتأتي هذه التصريحات عقب تقريرٍ أصدره معهد الدراسات المالية (IFS)، يؤكّد أن زيادة تمويل المدارس الأساسية بنحو 2.8 في المئة خلال العام الدراسي 2025-2026 لن تغطي الارتفاع المتوقع في النفقات بنسبة 3.6 في المئة.
وفي هذا الصدد قالت قالت جولي مكولوك، مديرة السياسات في جمعية مدراء المدارس: “يكشف التقرير عن واقع صعب ينتظر العديد من المدارس والكليات، يتمثل في موجة جديدة من خفض التمويل”.
وأضافت: “وهذا سيؤدي بالضرورة إلى انخفاض فعّالية برامج الدعم والتوجيه وخيارات المناهج الدراسية، إضافةً إلى زيادة محتملة في أعداد الطلاب في الفصول الدراسية.”
وقالت أيضًا: “لقد اضطرت المؤسسات التعليمية على تحمّل ضغوط مالية طوال 15 عاماً، ولا يمكنها المواصلة في هذا النهج دون أن يؤثر ذلك سلباً على الطلاب، ويمكن القول أن المدارس في بريطانيا تقف على حافة الانهيار”.
نقص التمويل يهدد بانهيار المدارس في إنجلترا
ووفقاً لتقديرات معهد الدراسات المالية، شهدت الميزانيات المدرسية في إنجلترا خلال السنوات الخمس الماضية زيادة إجمالية تُقدَّر بـ8 مليارات باوند، وهو ما ساهم في تعويض بعض التخفيضات السابقة وزيادة الإنفاق لكل طالب بنسبة 11 في المئة.
غير أن الجزء الأكبر من هذه الزيادة—أكثر من نصفها—اتجه نحو تلبية الاحتياجات التعليمية الخاصة، والمتوقع أن ترتفع تكاليفها بنحو 2.3 مليار باوند في العامين المقبلين.
ويشير المعهد إلى أن الحكومة التي تخطط لإجراء دراسة جديدة للإنفاق ستجد نفسها أمام خيارات صعبة؛ نظرًا لتدهور الوضع المالي العام، وهو ما قد يضطر الحكومة لتطبيق سياسات تقشف جديدة تشمل مختلف القطاعات، وعلى رأسها التعليم.
ولطالما عانت المدارس الثانوية بشكل خاص من نقص التمويل، ورغم الزيادات الأخيرة في التمويل، لكن يبدو أن أوضاع المدارس لن تختلف كثيرًا.
وبحسب الأرقام الرسمية، من المتوقع أن يبقى تمويل المدارس أقل بنسبة 11 في المئة مما كان عليه في عام 2010 لكل طالب في الفئة العمرية بين 16 و 18 عاماً.
في حين ستبلغ نسبة الانخفاض نحو 23 في المئة لمرحلة التعليم الثانوي.
ووصف بول وايتمان، الأمين العام لنقابة مدراء المدارس (NAHT)، الوضع بالحرج قائلاً: “تجد بعض المدارس صعوبة بالغة في تحديد ميزانياتها، بعد أن لجأت إلى تقليص النفقات لأدنى حد ممكن.”
وأضاف:”هناك مخاوف جادة من المستقبل إذا لم توفر الحكومة تمويل إضافي للمدارس.”
ماذا عن تمويل الجامعات ؟
وعلى صعيد التعليم العالي، يشير التقرير إلى أن الجامعات في إنجلترا قد تلجأ بدورها إلى رفع الرسوم الدراسية مجدداً لمواجهة ارتفاع تكاليف الموظفين وانخفاض أعداد الطلبة الأجانب.
وعلى عكس المدارس والكليات، لن تحصل الجامعات على تعويض عن الزيادة الأخيرة في مساهمات التأمين الوطني للمشغّلين.
وكانت الحكومة قد أعلنت في نوفمبر الماضي عن رفع الرسوم الجامعية لأول مرة منذ ثماني سنوات لتصل إلى 9535 باوند سنوياً، في خطوة وصفها معهد الدراسات المالية بأنها “استراحة قصيرة” للجامعات، مرجّحاً احتمال صدور زيادة أخرى في المستقبل.
من جانبها، تؤكد وزارة التعليم أنها تسعى لمنح الأطفال “أفضل بداية ممكنة في الحياة”، مشيرةً إلى أن موازنة التعليم سترتفع إلى نحو 63.9 مليار باوند في عام 2025-2026، بما يشمل مليار باوند إضافي لذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت الوزارة إنها عازمة على إصلاح النظام التعليمي بشكل جذري، بالشراكة مع المدارس والسلطات المحلية، لضمان وجود نظام تمويل عادل يوجّه الأموال إلى حيث القطاعات التي تحتاج الدعم، بما يضمن توفير بيئة تعليمية تساعد الطلاب على التفوق والازدهار.
ومع ذلك، يرى مراقبون وخبراء في القطاع التعليمي أن هذه الإجراءات، وإن كانت تسعى لاحتواء الأزمة، قد لا تبدو كافية لإنقاذ المدارس والكليات من “انهيار وشيك”، في حال استمرار ارتفاع التكاليف بوتيرة تفوق القدرة على التمويل.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇