بنك إنجلترا يثبت أسعار الفائدة عند 4.75%
في قرار يعكس المخاوف المتزايدة من الأوضاع الاقتصادية، أبقى بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير، محذرًا من أن الاقتصاد البريطاني يقترب من حافة الركود. ويأتي هذا القرار في ظل تداعيات موازنة راشيل ريفز الضريبية والمخاوف من تجدد الحروب التجارية العالمية مع عودة دونالد ترامب للمشهد السياسي.
انقسام في لجنة السياسة النقدية
صوّتت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي بأغلبية ستة أعضاء مقابل ثلاثة للإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوى 4.75 في المئة. ويأتي هذا القرار ليطيل أمد الضغوط المالية على الأسر والشركات في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض. وفي تطور لافت، خفض البنك توقعاته للنمو الاقتصادي البريطاني بصفة حادة، متوقعًا نموًّا صفريًّا في الربع الأخير من العام، وفي تراجع ملحوظ عن توقعاته السابقة بنمو نسبته 0.3 في المئة في تشرين الثاني/نوفمبر.
وألقت لجنة السياسة النقدية الضوء على عدة عوامل تهدد الاستقرار الاقتصادي، أبرزها موازنة وزيرة المالية التي تتضمن زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار باوند. كما أشارت إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية وتذبذب السياسات التجارية عقب نتائج الانتخابات الأمريكية. وأكدت اللجنة أن هذه التطورات أوجدت حالة من عدم اليقين الإضافي بشأن الآفاق الاقتصادية.
ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن الانقسام داخل اللجنة بنسبة 6-3 قد يكون مؤشرًا على استعداد البنك لخفض تكاليف الاقتراض في اجتماعه المقبل في شباط/فبراير. ويأتي هذا التوقع بعد انضمام ديف رامسدن، النائب المحافظ، إلى عضوي اللجنة الخارجيين سواتي دينغرا وآلان تايلور في المطالبة بخفض فوري بمقدار 0.25 نقطة. غير أن أغلبية أعضاء اللجنة حذروا من مخاطر تجذر التضخم، وبخاصة بعد أن أظهرت البيانات الأخيرة ارتفاع معدل التضخم إلى 2.6 في المئة في تشرين الثاني/نوفمبر، مع تسارع نمو الأجور السنوي.
رؤية بنك إنجلترا وتوجهاته المستقبلية
كشف أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، عن استعداد المؤسسة لخفض أسعار الفائدة مستقبلًا، لكنه أكد ضرورة اتباع نهج حذر. وأوضح قائلًا: “نؤمن بأن النهج التدريجي في خفض أسعار الفائدة المستقبلية هو الخيار الأمثل، لكن مع تفاقم الاضطراب الاقتصادي، لا يمكننا تحديد موعد أو حجم خفض الأسعار في العام المقبل”.
ويواجه الاقتصاد البريطاني تراجعًا ملحوظًا في نشاطه، حيث سجل انكماشًا غير متوقع بنسبة 0.1 في المئة في تشرين الأول/أكتوبر. وعزا أصحاب العمل هذا التراجع إلى تأثير موازنة وزيرة المالية على ثقة المستهلكين وسوق العمل. وتضمنت الموازنة زيادة كبيرة في إسهامات التأمين الوطني لأصحاب العمل بقيمة 25 مليار باوند، تبدأ من نيسان/إبريل، بهدف دعم الخدمات العامة المتعثرة وسد ما وصفته الوزيرة بـ”الفجوة السوداء” في المالية العامة التي خلفتها الحكومات السابقة.
تأثيرات على سوق العمل والأسعار
أثارت الزيادات الضريبية مخاوف جدية في أوساط قطاع الأعمال، حيث حذر القادة من احتمال اضطرارهم إلى تقليص الوظائف أو رفع الأسعار لتعويض التكاليف المتزايدة. وقد أكدت الاستطلاعات الأخيرة هذه المخاوف، مشيرة إلى انخفاض مستويات التوظيف بأسرع وتيرة منذ أربع سنوات.
لكن وزيرة المالية ريفز دافعت عن سياسات الحكومة، مؤكدة اتخاذ خطوات لدعم الأسر البريطانية. وقالت: “ندرك تمامًا معاناة العائلات مع ارتفاع التكاليف المعيشية. هدفنا زيادة الدخل المتاح للعاملين، لكن هذا يتطلب استقرار معدلات التضخم، ونحن ندعم بالكامل جهود بنك إنجلترا في هذا الاتجاه”.
هذا وأثارت التطورات الأخيرة تساؤلات في أوساط المستثمرين عن قدرة البنك المركزي على مواجهة ظاهرة “الركود التضخمي”، وفقًا لمودوب أديغبيمبو، الخبيرة الاقتصادية في بنك جيفريز الاستثماري. وأضافت: “رغم توقعاتنا باستمرار ضعف النمو وارتفاع الأسعار في الشهر المقبل، نرى أن البنك سيجد صعوبة في تبرير وقف خفض أسعار الفائدة”. ويراقب البنك عن كثب استجابة الشركات للزيادات الضريبية الجديدة وتأثيرها على الاقتصاد الكلي.
المصدر: الجارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇