ستارمر يتعهد بإصلاح العلاقات مع أوروبا.. فماذا عن الشرق الأوسط؟
يحاول السير كير ستارمر منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ولكن صمته الواضح بشأن قضايا الشرق الأوسط، وبخاصة العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، يثير تساؤلات عن استراتيجيته الدبلوماسية الشاملة في السنوات المقبلة.
وقد بدت جليّة محاولة ستارمر التقرّب من الاتحاد الأوروبي في القمة الرابعة للمجموعة السياسية الأوروبية (European Political Community)، التي استضافتها بريطانيا، والتي تعهّد فيها ستارمر بتحسين العلاقات مع شركائه الأوروبيين.
وقد تضمن جدول أعمال القمة -التي عُقدت يومَي الأربعاء والخميس في قصر بلينهايم في منطقة أوكسفوردشير في إنجلترا- قضايا متعددة، أبرزها التعاون في مجال الأمن والهجرة والتجارة.
ستارمر يرمم العلاقات مع أوروبا ويتجاهل الشرق الأوسط!
وتتناقض سياسات رئيس الوزراء كير ستارمر مع سياسات حكومة حزب المحافظين السابقة المثيرة للجدل، وخصوصًا ما يتعلق بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وخطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا التي ألغاها فور تسلّمه رئاسة الحكومة.
وفي قمة المجموعة السياسية الأوروبية تعهّد ستارمر بتخصيص تمويل بقيمة 84 مليون باوند لمشاريع الصحة والتعليم في دول إفريقيا والشرق الأوسط؛ بهدف منع مواطني هذه الدول من الهجرة إلى بريطانيا، متناسيًا أن هذا التمويل قد يحل بعض المشكلات الاقتصادية، ولكنه لا يُنهي الصراعات السياسية الأساسية التي تُسهم في عدم الاستقرار الإقليمي.
وفي الوقت الذي يسعى فيه ستارمر جاهدًا للتقرب من الدول الأوروبية، فإن حديثه عن الشرق الأوسط منذ فوزه في الانتخابات العامة يقتصر على قضايا الهجرة، وتعهده بردع المهاجرين عن القدوم إلى بريطانيا. ولم يتطرق قطّ للعدوان الإسرائيلي على غزة، علمًا أن مواقفه المتخاذلة بشأن هذه القضية تسببت بخسارته دعم الناخبين المسلمين في عدة دوائر انتخابية.
صمت مخجل!
ويُعَدّ هذا الصمت الاستراتيجي مخجلًا في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب المجازر بحق المدنيين والأبرياء في غزة. وقد انتقد العديد من المحللين السياسيين تركيز ستارمر على العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي، وتجاهله الأزمات الإنسانية والسياسية الملحة في الشرق الأوسط، قائلين: إنه يتبع هذا النهج الحذر؛ لتجنب الانخراط العميق في السياسات المعقدة في منطقة الشرق الأوسط.
ومن أبرز المنتقدين الصحفي المخضرم ديفيد هيرست، الذي أعرب عن قلقه الشديد من نهج ستارمر، قائلًا: “إن الآمال بأن تُعيد حكومة حزب العمال النظر في سياستها بشأن فلسطين والناخبين المسلمين في بريطانيا قد تبددت في الأسبوعين الأولين لستارمر في منصبه”.
وقد يثير صمت حزب العمال عن قضايا الشرق الأوسط الشكوك في مدى التزامه على المدى البعيد بالقانون الدولي وإسهامه في حماية حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط المحفوفة بالصراعات، ولا سيما حقوق الشعب الفلسطيني التي سُلبت منه على مدى عشرات السنين بمساعدة بريطانيا.
وفي الختام، من الجيد أن يبذل رئيس الحكومة جهودًا لترميم العلاقات مع أوروبا وتعزيز مكانة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ولكن صمته عن قضايا الشرق الأوسط قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي، وعلى دور بريطانيا في المسرح السياسي العالمي في السنوات المقبلة!
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇