العرب في بريطانيا | وثائق بريطانية تكشف معارضة الفلسطينيين لمشروع ا...

1446 شوال 25 | 24 أبريل 2025

وثائق بريطانية تكشف معارضة الفلسطينيين لمشروع التهجير قبل 70 عامًا

وثائق بريطانية تكشف معارضة الفلسطينيين لمشروع التهجير قبل 70 عامًا
خلود العيط March 24, 2025

كشفت وثائق بريطانية سرية أن قادة اللاجئين الفلسطينيين في غزة حذروا المملكة المتحدة قبل 70 عامًا من التداعيات الخطيرة لأي خطط تستهدف توطينهم في سيناء أو أي منطقة أخرى خارج فلسطين.

التحذيرات، التي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، جاءت في سياق محاولات غربية لإيجاد “حلول بديلة” لقضية اللاجئين، وسط تأكيد الفلسطينيين على تمسكهم بحق العودة.

دبلوماسيون بريطانيون يراقبون الوضع في غزة

في يناير 1955، أرسلت السفارة البريطانية في القاهرة أحد دبلوماسييها إلى غزة لإعداد تقرير حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في القطاع، وموقف الحكومة المصرية من القضية، إضافةً إلى تحليل “عقلية” اللاجئين وتوجهاتهم.

جاء ذلك في سياق ما بعد نكبة 1948، التي شهدت تهجيرًا قسريًّا للفلسطينيين واحتلال إسرائيل لأراضيهم. في تلك الفترة، كانت غزة تحت الإدارة العسكرية المصرية، حيث تولّى مصريون المناصب الإدارية العليا، بينما كان الفلسطينيون مسؤولين عن الشرطة والسلطات المدنية. كما كان مجلس بلدية غزة يضم أعضاء فلسطينيين بالكامل، لكن رؤساء البلديات كانوا يُعيّنون من قبل القاهرة منذ الحرب.

كان القطاع يضم حينها 86 ألف مقيم أصلي، إلى جانب 312 ألف لاجئ فلسطيني، أجبرتهم المجازر وأعمال العنف التي نفذتها الميليشيات الصهيونية على الفرار إلى غزة، حيث توزعوا على ثمانية مخيمات للاجئين.

وثائق بريطانية تكشف النفوذ المصري في غزة

وثائق بريطانية تكشف: مبارك وافق على طلب أمريكي لتوطين الفلسطينيين في مصر

وتؤكد الوثائق أن النفوذ المصري في غزة كان واضحًا، إذ شغل عمر صوان، رئيس فرع الإخوان المسلمين في القطاع، منصب رئيس بلدية غزة بين عامَي 1952 و1954، قبل أن يُجبَر على الاستقالة نتيجة حملة القمع التي شنّها جمال عبد الناصر ضد الجماعة في مصر.

وفي تقريره، أشار الدبلوماسي البريطاني أ. ج. د. ستيرلينغ إلى أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في غزة ومصر كانت “على الأرجح أفضل من أي بلد عربي آخر”، مشيدًا بتعاون السلطات المصرية مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) منذ إنشائها عام 1949. كما أفاد بأن الجيش المصري عيّن مشرفًا عامًا للتنسيق مع الوكالة، إضافةً إلى وضع ضباط مصريين على رأس كل مخيم لاجئين في غزة.

“مشروع سيناء” وتوجهات عبد الناصر

وفي عام 1953، أطلق عبد الناصر مشروعًا تحت اسم “مشروع سيناء”، يستهدف استصلاح أراضٍ في الصحراء الغربية لسيناء باستخدام مياه النيل، بهدف توطين 50 ألف لاجئ فلسطيني.

وحظي المشروع بدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، حيث كان يُنظر إليه كوسيلة لإلغاء حق العودة الفلسطيني عبر دمج اللاجئين في المجتمع المصري. ومع حلول أواخر 1954، كانت الخطط قد اكتملت، وأوشك العمل على البدء. ووصفت الوثائق البريطانية المشروع بأنه “إيماءة سخية” من مصر، التي كانت تعاني أصلًا من الاكتظاظ السكاني.

لكن ستيرلينغ أشار إلى أن المشروع لن يحل جذريًّا مشكلة اللاجئين، إذ كان سيستغرق ثماني سنوات للتنفيذ، بينما كان عدد اللاجئين الفلسطينيين يتزايد بمعدل 6 آلاف شخص سنويًّا. كما لم تكن هناك خطط توطين أخرى موازية، ما جعل تأثير المشروع محدودًا.

رفض فلسطيني قاطع للتوطين

إطلاق حملة عالمية بعنوان "ارفع العلم لأجل فلسطين" في رمضان 2025

ورغم هذه المحاولات، أكدت الوثائق البريطانية أن إقناع اللاجئين الفلسطينيين بالاستقرار في سيناء كان صعبًا، حيث كانوا يرون في ذلك تنازلًا عن حق العودة إلى وطنهم.

وفي سياق آخر، رصدت التقارير البريطانية “تدفقًا مستمرًا لمهاجرين غير شرعيين” من غزة إلى مصر، ما اعتبرته السفارة البريطانية مؤشرًا على يأس الكثير من اللاجئين وسعيهم للبحث عن فرص عمل خارج المخيمات. بناءً على ذلك، توقعت الجهات المنفذة للمشروع أن يبدأ الفلسطينيون في التوافد إلى سيناء بمجرد أن يشهدوا نجاح الدفعات الأولى من المتطوعين.

لكن ستيرلينغ كشف أن هذا التصور كان خاطئًا، حيث لاحظ خلال زيارته لغزة أن اللاجئين كانوا متمسكين تمامًا بحق العودة. ففي أحد المخيمات، رأى خريطة لفلسطين معلقة على جدار مدرسة تحمل عبارة: “هذه فلسطين التي فقدناها، وسنعود إليها“. وعلّق قائلًا: “اللاجئون لا يرون أي هدف في حياتهم سوى العودة”.

كما أشار إلى أن اللاجئين نظموا أنفسهم داخل المخيمات وفقًا لقراهم الأصلية، في تأكيد واضح على رفضهم أي حلول بديلة عن العودة إلى أراضيهم.

تحذيرات فلسطينية للغرب

وفي لقاء جمع ستيرلينغ بعدد من زعماء القرى الفلسطينيين أو ما يُعرف بـ”المخاتير”، تلقى تحذيرًا صريحًا: “بتجاهلكم لقضية فلسطين، أنتم تصنعون مشكلة ستواجهونها مستقبلًا”.

وأكد المخاتير أن أي تحالف بين الغرب والدول العربية لن يكون مستقرًا طالما استمر تهجير الفلسطينيين، مشددين على أن اللاجئين في المنفى سيشكلون “طابورًا خامسًا ضد الغرب“، ما سيقوّض أي تحالفات تسعى القوى الغربية لإقامتها في المنطقة.

وبحلول أوائل عام 1955، تصاعدت المقاومة الفلسطينية لخطط التوطين، حيث أطلق اللاجئون “انتفاضة مارس” التي نجحت في إفشال مشروع سيناء بالكامل، وأجبرت الحكومة المصرية على التراجع عن الخطة.

وفي تقريره إلى وزارة الخارجية البريطانية، وصف السفير البريطاني سير رالف ستيفنسون تقرير ستيرلينغ بأنه “سرد ذو قيمة عالية حول الأوضاع في غزة“، فيما أعرب س. ج. أسبدن، رئيس قسم بلاد الشام في وزارة الخارجية البريطانية، عن قلقه إزاء تهديد الفلسطينيين بتشكيل “طابور خامس ضد الغرب”، معتبرًا أن العائق العاطفي أمام التوطين كان عميق الجذور ويحتاج إلى معالجة، خاصة مع الإصرار الفلسطيني المستمر على حق العودة.

المصدر: ميدل إيست مونيتور


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
11:48 am, Apr 24, 2025
temperature icon 12°C
overcast clouds
Humidity 72 %
Pressure 1022 mb
Wind 5 mph
Wind Gust Wind Gust: 12 mph
Clouds Clouds: 100%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 5:45 am
Sunset Sunset: 8:11 pm