منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة
كشف تقرير جديد أصدرته منظمة العفو الدولية عن توفر أدلة كافية تثبت ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية مستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر. ويوثق التقرير، الذي يحمل عنوان “تشعر كأنك دون البشر: إبادة إسرائيل الجماعية للفلسطينيين في غزة”، الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023. ويستند التقرير إلى مقابلات مع 212 شخصًا، بينهم ضحايا وشهود فلسطينيون وعاملون في القطاع الصحي، إضافة إلى عمل ميداني وتحليل لمجموعة واسعة من الأدلة البصرية والرقمية، ويشمل ذلك صور الأقمار الصناعية.
العفو الدولية تكشف نوايا الاحتلال
أكدت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أن إسرائيل ارتكبت أفعالًا محظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، مشيرة إلى وجود نية واضحة لتدمير الفلسطينيين في غزة. وتشمل هذه الأفعال عمليات القتل المنهجي، والتسبب بأضرار جسدية ونفسية بالغة، وفرض ظروف معيشية تستهدف التدمير الجسدي للسكان.
وقد استند التقرير في استنتاجاته إلى تحليل 102 تصريح صادر عن مسؤولين إسرائيليين بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحَزيران/يونيو 2024، إذ حددت المنظمة 22 تصريحًا أدلى بها كبار المسؤولين المكلفين بإدارة الهجوم، تدعو أو تبرر أعمال الإبادة الجماعية. وتكررت هذه اللغة على لسان الجنود الإسرائيليين على الأرض، كما يتضح من محتوى سمعي وبصري تم التحقق منه يُظهر جنودًا يدعون إلى محو غزة أو جعلها غير صالحة للسكن، ويحتفلون بتدمير المنازل والمساجد والمدارس والجامعات الفلسطينية.
حصيلة ضحايا مروعة
وثّقت منظمة العفو الدولية نتائج تحقيقاتها في 15 غارة جوية بين الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 والـ20 من نيسان/إبريل 2024 أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 334 مدنيًّا، بينهم 141 طفلًا، وجرح المئات. ولم تجد المنظمة أي دليل على أن أيًّا من هذه الضربات كانت موجهة نحو هدف عسكري. ومن ضمن هذه الحالات التي وثقتها المنظمة، كان تدمير منزل عائلة عبد العال في حي الجنينة شرق رفح إثر غارة جوية إسرائيلية في 20 نيسان/إبريل 2024، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أجيال من العائلة، بينهم 16 طفلًا، أثناء نومهم.
وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2024، تجاوز عدد القتلى 42 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 13,300 طفل، في حين أصيب ما يزيد على 97 ألف شخص. وامتد الدمار ليطول مدنًا بأسرها وبنيتها التحتية الحيوية، مع استهداف منهجي للمرافق الزراعية والثقافية والدينية، في محاولة واضحة لمحو معالم الحياة في القطاع.
حصار خانق وظروف قاتلة
فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على غزة، قطعت خلاله الكهرباء والمياه والوقود عن السكان. وخلال الأشهر التسعة التي شملها التقرير، حافظت إسرائيل على حصار خانق غير قانوني، وتحكمت بشدة في مصادر الطاقة، وعرقلت استيراد السلع وتسليمها وإيصال المساعدات الإنسانية، ولا سيما في شمال وادي غزة.
وأدت هذه الممارسات إلى مستويات كارثية من الجوع وانتشار الأمراض بمعدلات كبيرة، فضلًا عن الدمار الواسع للمنازل والمستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي والأراضي الزراعية. وكان التأثير قاسيًا بصفة خاصة على الأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات.
وتفاقم الوضع مع التهجير القسري لنحو 1.9 مليون فلسطيني (90 في المئة من سكان غزة) إلى مناطق غير آمنة وفي ظروف لا إنسانية، حيث اضطر بعضهم إلى النزوح 10 مرات. وتركت موجات النزوح المتعددة هذه الكثيرين بلا عمل وبصدمات نفسية كبيرة، وبخاصة أن 70 في المئة من سكان غزة هم لاجئون أو من أحفاد اللاجئين الذين هُجِّروا من قراهم ومدنهم خلال نكبة 1948.
دعوات للمساءلة والمحاسبة
نبّهت منظمة العفو الدولية إلى ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات فورية لوقف ما وصفته بالإبادة الجماعية. وقالت كالامار: “إن الإخفاق الكارثي للمجتمع الدولي لأكثر من عام في الضغط على إسرائيل لإنهاء فظائعها في غزة، من خلال تأخير الدعوات لوقف إطلاق النار ثم استمرار نقل الأسلحة، سيظل وصمة عار على ضميرنا الجماعي”.
ودعت المنظمة الدول إلى تجاوز مجرد التعبير عن الأسف أو القلق واتخاذ إجراءات دولية قوية ومستدامة. كما طالبت مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالنظر بشكل عاجل في إدراج الإبادة الجماعية في قائمة الجرائم التي يحقق فيها، وحثت جميع الدول على استخدام كل السبل القانونية لتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة.
وختم التقرير بدعوة مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم المرتكبة بموجب القانون الدولي، مع التنبيه إلى أنه لا يمكن السماح لأحد بارتكاب الإبادة الجماعية والإفلات من العقاب.
المصدر: منظمة العفو الدولية
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇