منظمات حقوقية تحذّر من خطط الحكومة البريطانية لإطلاق بطاقة هوية رقمية إلزامية

تستعد الحكومة البريطانية للإعلان عن مشروع جديد يفرض على جميع البالغين العاملين في البلاد الحصول على بطاقة هوية رقمية حكومية، في خطوة تقول السلطات إنها تهدف إلى مكافحة الهجرة غير النظامية. لكن منظمات حقوقية مدنية حذّرت من أن هذه الخطوة قد تدفع “المهاجرين غير المصرح بهم إلى مزيد من العزلة والظروف الهشة”.
وبحسب وسائل إعلام بريطانية، من المقرر أن يعلن رئيس الوزراء يوم الجمعة دعمه لما يعرف بـ”بطاقة بريت”، وهي بطاقة رقمية تتحقق من حق الفرد في العيش والعمل داخل المملكة المتحدة. ويحتاج المشروع إلى تعديل قانوني ليصبح نافذاً، وسط تصاعد الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة مع تسجيل أعداد قياسية لعبور المهاجرين بالقوارب عبر القناة الإنجليزية، وبقاء أكثر من 75 ألف طلب لجوء عالق.
الحكومة البريطانية تدرس منذ أشهر مقترحات لاعتماد هوية رقمية للبالغين، مستندة إلى تجربة إستونيا التي تطبق نظام بطاقة هوية إلزامية.
اللورد ديفيد بلانكيت، وزير الداخلية الأسبق في حكومة توني بلير، رحّب بالمشروع، معتبراً أن “وقته قد حان”، وأكد أن نظام الهوية الرقمية قد يساهم في حماية القُصّر من الاستغلال، والحد من أنشطة العصابات المنظمة، والتصدي للاحتيال.
واستطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت ميلاً عاماً لدعم الفكرة؛ إذ أبدى أكثر من نصف المستطلعين تأييدهم لتطبيق نظام هوية رقمية شامل، فيما عارضها أقل من خمس المشاركين. كما أشار تقرير لمعهد توني بلير إلى أن نسبة التأييد ارتفعت مع طرح مقترحات تربط الهوية الرقمية بخدمات حكومية إضافية، مثل الإبلاغ عن مشكلات محلية عبر تطبيقات رقمية.
مخاوف منظمات الحريات المدنية

(Anadolu Agency)
ثماني منظمات حقوقية – بينها “ليبرتي” و”أرتيكل 19” و”رني ميد تراست” – وجّهت رسالة إلى رئيس الوزراء كير ستارمر محذّرة من أن الخطوة قد “تعزز سلطة الدولة على حساب الأمن والحقوق والحريات الفردية”.
وأكدت هذه المنظمات أن المشروع “لن يحقق أهدافه في مواجهة الهجرة غير النظامية”، لأنه لا يعالج أسبابها الحقيقية، ولن يؤثر على شبكات التهريب أو أصحاب الأعمال الذين يوظفون مهاجرين بشكل غير قانوني. وحذّرت من أن الهوية الرقمية الإلزامية “ستدفع المهاجرين غير المصرح بهم إلى أعمال أكثر هشاشة وسكن غير آمن”.
ووزيرة الداخلية الحالية، شابانا محمود، أعادت التذكير بأنها أيّدت في السابق مشروع بطاقات الهوية خلال حكومة العمال السابقة، معتبرة أن الفكرة ما زالت مطروحة.
أما زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي إد ديفي، فأكد أن حزبه سيتعامل مع تفاصيل المشروع بحذر، قائلاً: “الأوقات تغيّرت، ولذلك لا بد من دراسة المقترح بعناية”.
إن مشروع الهوية الرقمية الإلزامية قد يحمل في طياته مخاطر جدية على الحريات الفردية وحقوق المهاجرين، حتى لو كان يُسوَّق له باعتباره أداة لتعزيز الأمن أو تسهيل الخدمات. فالتجارب السابقة أثبتت أن مثل هذه الأنظمة كثيراً ما تتحول إلى أدوات مراقبة وتضييق على الفئات الأكثر ضعفاً، بدل أن تكون وسيلة لحمايتهم.
إن معالجة ملف الهجرة تتطلب حلولاً إنسانية شاملة تراعي حقوق الإنسان وتحمي المهاجرين من الاستغلال، وليس فرض مزيد من الرقابة التي قد تدفعهم إلى العيش في ظروف أكثر خطورة وهشاشة. كما أن أي سياسة تمسّ الخصوصية يجب أن تخضع لنقاش مجتمعي واسع وضمانات قانونية صارمة، لا أن تُمرَّر تحت ضغط الاستطلاعات أو الشعارات السياسية.
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇