هل يمكن لمشروع قانون رواندا الجديد أن ينجح وما الذي يمكن أن يوقفه؟
توقع محامون بريطانيون مطلعون على مشروع قانون رواندا الجديد الذي طرحته الحكومة البريطانية أمس الخميس أمام مجلس العموم أن يُشعل معركة سياسية مع كلٍّ من المحكمة العليا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وفي حكم المحكمة العليا الذي صدر الشهر الماضي، أجمع خمسة قضاة على أن رواندا لا تُعَدّ آمنة لطالبي اللجوء، مقدمين أدلة دامغة على الثغرات التي يعاني منها نظام اللجوء في رواندا.
مشروع قانون رواندا الجديد يقدم ضمانات للمحكمة العليا
وقد حاولت حكومة ريشي سوناك في مشروع القانون الجديد تقديم ضمانات؛ لسد الثغرات التي أثارتها المحاكم بشأن نظام اللجوء في رواندا عبر إضافة بند يصوّت عليه مجلس العموم ويجزم بأن رواندا أصبحت آمنة!
ويعني هذا أن بريطانيا ستستمر باعتبار رواندا بلدًا آمنًا لاستقبال طالبي اللجوء، حتى لو اندلعت حرب أهلية فيها كما حدث في عام 1994 (وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي).
وتطلب الحكومة البريطانية في مشروع القانون أيضًا من القضاة والمحاكم البريطانية تجاهل أجزاء قانون حقوق الإنسان (Human Rights Act) في بريطانيا، التي تحدد كيفية تفسير الضمانات المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ويشمل ذلك: الحق في عدم التعرض للتعذيب، أو حق طالب اللجوء في الحصول على جلسة استماع عادلة لقضيته قبل ترحيله إلى رواندا.
أضف إلى ذلك أن مشروع القانون يمنع القضاة في بريطانيا من النظر في قوانين دولية أخرى، وأهمها: اتفاقية اللاجئين (Refugee Convention) واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
وأخيرًا ينص القانون على إمكانية تجاهل المحاكم البريطانية لأي قوانين بريطانية أخرى تعتبر رواندا بلدًا غير آمن، بعد أن أشارت المحكمة العليا بالفعل إلى وجود مثل هذه القوانين.
وتحاول بريطانيا من خلال هذا القانون الظهور عالميًّا على المسرح السياسي والقانوني. فمن ناحية انضمت بحرية إلى المعاهدات العالمية؛ لأنها أرادت أن تكون قدوة عالمية يتبعها الآخرون، ومن ناحية أخرى أقرّت قانونًا يسمح لها باختيار بنود المعاهدات التي تناسبها.
ما مصير مشروع قانون رواندا؟
أكد محامون مطلعون على مشروع قانون رواندا الجديد أنه لا يتضمن أي بيان يُشير إلى أن خطة ترحيل طالبي اللجوء متوافقة مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ما يعني أنه قد يواجه عقبات قانونية صعبة ومواجهة دستورية غير مسبوقة بين البرلمان والقضاة إذا وافق البرلمان عليه.
وبحسَب المحامين لا تستطيع المحكمة العليا إلغاء مشروع قانون رواندا الأولي، لكنها تستطيع أن تصدر حكمًا نادرًا يقضي بضرورة إعادة النظر في قانون صادر عن البرلمان لأنه يتعارض مع الضمانات الأساسية للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون البريطاني.
وإذا أصدرت المحكمة العليا هذا الحكم يتعيّن على الحكومة البريطانية أن تطلب من البرلمان تعديل القانون، وإنْ لم تفعل فهنا تبدأ المواجهة الدستورية بين القضاء والبرلمان.
وإذا مضت الحكومة البريطانية قدمًا في ترحيل طالبي اللجوء، فيحق لطالبي اللجوء إحالة قضيتهم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، التي يحق لها وقف عملية الترحيل أثناء النظر في القضية.
لكن عقبتين كبيرتين تحولان دون نجاح خطة ترحيل طالبي اللجوء: الأولى هي صعوبة إقرار مشروع قانون رواندا الجديد في البرلمان، والأخرى هي العقبة القانونية التي يواجهها في المحاكم في حال إقراره. ما يعني أن مصير الخطة المثيرة للجدل لن يتضح قبل الانتخابات العامة المقبلة!
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇