مسؤولون بريطانيون: خفض الرسوم الأمريكية على الصادرات البريطانية لن يُطبق قبل أسابيع

أكد مسؤولون بريطانيون أن خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على صادرات المملكة المتحدة من الصلب والألمنيوم والسيارات لن يدخل حيّز التنفيذ في المدى القريب، رغم إعلان التوصل إلى اتفاق تجاري ثنائي مع واشنطن. وتتصاعد في الأثناء شكاوى الشركات البريطانية من استمرار الغموض بشأن الجدول الزمني والإجراءات العملية لتطبيق الاتفاق.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الأسبوع الماضي، أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع الولايات المتحدة ينص على إلغاء الرسوم المفروضة على صادرات الصلب والألمنيوم، وخفض التعريفة الجمركية على صادرات السيارات البريطانية إلى 10% لحصة سنوية تبلغ 100,000 سيارة. كما أشار وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك إلى أن قطاع الطيران البريطاني حصل على إعفاء من الرسوم، موضحًا أن محركات رولز رويس وقطع غيار الطائرات يمكن أن تُصدّر إلى الولايات المتحدة دون ضرائب.
تفاصيل مؤجلة وحصص غير محسومة
ورغم هذه الإعلانات، أكدت مصادر حكومية في كل من لندن وواشنطن أن المشاورات لا تزال جارية لتحديد الكميات التي ستُعفى من تعريفة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب البالغة 25% على واردات المعادن. كما شددت لندن على أن الجانب الأمريكي سيُضطر إلى المرور بإجراءات قانونية وإدارية خلال الأسابيع المقبلة لتفعيل بنود الاتفاق، بما يشمل تحديد الحصص الخاصة بالصلب والألمنيوم البريطانيين.
واعتبر مسؤولون بريطانيون أن أولوية الحكومة تكمن في ضمان التوازن لصالح الصناعات الوطنية، لا في الإسراع بتنفيذ الاتفاق، مشيرين إلى أن اتفاقات التجارة الدولية عادة ما تستغرق أشهرًا قبل أن تدخل حيّز التنفيذ.
وبالنسبة إلى خفض الرسوم على السيارات، يتطلب الأمر إصدار وثيقة رسمية تعدّل جدول التعريفات الجمركية الأمريكية، وتُبلّغ الجمارك الأمريكية بالقواعد الجديدة.
وكانت لندن قد وقّعت اتفاقًا مكونًا من خمس صفحات مع واشنطن بهدف تخفيف آثار الرسوم التي فرضها ترامب على الشركاء التجاريين، وهو اتفاق جرى التوصل إليه بعد خمسة أسابيع فقط من إعلان تلك الرسوم. إلا أن محدودية هذا الاتفاق تتناقض بشكل واضح مع اتفاقات التجارة الحرة الشاملة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع دول أخرى، والتي غالبًا ما تمتد على مئات الصفحات وتستغرق سنوات من التفاوض.
الصناعة البريطانية تعرب عن استيائها
وعبّر عدد من الصناعيين البريطانيين عن قلق متزايد من استمرار الغموض بشأن تفاصيل الاتفاق، إذ أكد ممثلون عن شركات صناعة السيارات أن الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 27.5% لا تزال سارية حتى الآن. وقال فرانك-ستيفن فاليسر، الرئيس التنفيذي لشركة بنتلي، خلال مؤتمر نظّمته صحيفة فايننشال تايمز، إن عدم وضوح موعد تنفيذ الخفض الجمركي يدفع المستهلكين إلى تأجيل قرارات الشراء.
وفي قطاع الطيران، أشار مسؤولون تنفيذيون إلى أن الحكومة البريطانية أبلغتهم شفهيًا بالإعفاء من الرسوم الجمركية الأمريكية التي تبلغ 10%، لكن لم يُقدَّم أي تأكيد رسمي مكتوب حتى الآن. وقال أحدهم: “نحتاج إلى ضمانات واضحة بأن التعريفة الصفرية التي وُعدنا بها ستُطبق، نحن واثقون أنها ستُنفّذ، لكنها لم تبدأ بعد”.
أما أدريان ماسغريف، مدير المبيعات في شركة بريدجنورث ألمنيوم، وهي المنتج الوحيد لألواح الألمنيوم في المملكة المتحدة، فقال إن الحماسة الأولية بعد الإعلان عن الاتفاق سرعان ما تحوّلت إلى شعور بالإحباط. وأضاف: “لا يوجد أي جدول زمني واضح أو تفاصيل ملموسة حول هذا الاتفاق”.
وقال غاريث ستايس، المدير العام لمنظمة UK Steel، إن العديد من الأسئلة لا تزال عالقة بشأن “التفاصيل الدقيقة” للاتفاق، ولا سيما كيفية انسجامه مع متطلبات سلسلة التوريد الأمريكية. وكانت بريطانيا قد حصلت في عام 2022، بموجب اتفاق سابق مع إدارة جو بايدن، على إعفاء من الرسوم يصل إلى 500ألف طن من الصلب سنويًّا.
وفي سياق آخر، أعرب مسؤولون بريطانيون عن قلقهم من تحقيق أمريكي جديد يستند إلى اعتبارات “الأمن القومي” بشأن واردات الطائرات، والذي قد يؤدي إلى فرض رسوم جديدة على محركات الطائرات وقطع الغيار. وأشاروا إلى أن الاتفاق الأخير لا يوضح ما إذا كانت بريطانيا ستُستثنى من تلك الإجراءات الجديدة المحتملة.
وقال ديفيد هينيغ، المفاوض التجاري البريطاني السابق والخبير في مركز الفكر الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي، إن السرعة التي أُعلن بها الاتفاق مع الولايات المتحدة تسبّبت في ارتباك داخل الأوساط الصناعية. وعلّق قائلًا:
“المشكلة في التوصل إلى اتفاق تجاري سريع هي أن أحدًا لا يعرف متى أو كيف سيتم تطبيقه، مما يترك الشركات – سواء المستفيدة أو المتضررة – في حالة من الترقب وعدم اليقين حيال ما إذا كان الاتفاق سيتحقق أصلًا”.
مواجهة سياسية في البرلمان
وفي جلسة مساءلة رئيس الوزراء في البرلمان يوم الأربعاء، وصفت زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك الاتفاق بأنه “صفقة تعريفة ضئيلة”، واعتبرت أن بريطانيا أصبحت في وضع أسوأ مما كانت عليه. وردّ كير ستارمر بالقول إن الاتفاق ساعد في حماية آلاف الوظائف البريطانية، بما في ذلك وظائف في شركات مثل جاكوار لاند روفر وبريتش ستيل.
وفي تعليق رسمي، أكد متحدث باسم الحكومة البريطانية أن بريطانيا كانت الدولة الأولى التي نجحت في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بعد فرض الرسوم، بما يضمن حماية الوظائف والصناعات الحيوية. وأضاف: “وضعنا مصالح الشركات البريطانية في صلب استراتيجيتنا، وانخرطنا في مشاورات واسعة لفهم احتياجاتها والاستجابة لها”.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇