بريطانيا تصادق على مذكرة اعتقال نتنياهو.. فماذا بعد ذلك؟
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، يوم الخميس الماضي الموافق 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتعلق بالحرب على غزة.
هذا القرار يحمل أبعادًا قانونية وسياسية عميقة، ليس فقط لإسرائيل، بل أيضًا للدول التي تنتمي إليها المحكمة الدولية، ومنها بريطانيا التي تواجه الآن اختبارًا دقيقًا لالتزاماتها الدولية.
التزام بريطانيا بالقانون الدولي
وكانت الحكومة البريطانية مترددة في الالتزام بالقول إن نتنياهو سيعتقل إذا جاء إلى المملكة المتحدة، لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء السير كير ستارمر قال: إن الحكومة “ستفي بالتزاماتها القانونية” فيما يتعلق بمذكرة الاعتقال.
ورغم أن بريطانيا لم تشهد تطبيقًا عمليًا لمثل هذه المذكرات على أراضيها حتى الآن، إلا أن موقفها القانوني يضعها في مواجهة مباشرة مع تعقيدات دبلوماسية محتملة.
وفي ذات السياق، أكدت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، احترام بلادها للمحكمة الجنائية الدولية كمؤسسة مستقلة.
وقالت لشبكة سكاي نيوز: “لقد احترمنا دائما أهمية القانون الدولي، لكن في معظم القضايا التي يتابعونها، لا يصبحون جزءًا من العملية القانونية البريطانية”.
وأضافت: “ما يمكنني قوله هو أنه من الواضح أن موقف حكومة المملكة المتحدة لا يزال قائما بأننا نعتقد أن التركيز يجب أن يكون على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة”.
من جانبها قالت إميلي ثورنبيري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عن حزب العمال، لشبكة سكاي نيوز: “إذا جاء نتنياهو إلى بريطانيا، فإن التزامنا بموجب اتفاقية روما هو اعتقاله بموجب مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية”.
مواقف دولية متباينة
لم تقتصر تداعيات مذكرة الاعتقال على بريطانيا، بل امتدت إلى دول أوروبية أخرى مثل أيرلندا، فرنسا، وإيطاليا، التي أعلنت أنها ستنفذ مذكرة الاعتقال إذا دخل نتنياهو أراضيها.
وقال وزير التعليم العالي الأيرلندي سيمون هاريس: “نعم، بالتأكيد. نحن ندعم المحاكم الدولية ونطبق مذكرات اعتقالها”.
في المقابل، أبدت ألمانيا موقفًا أكثر تحفظًا، حيث أشار متحدث باسم حكومتها إلى أن القرار سيُتخَذ فقط في حال دخول نتنياهو أراضيها.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية: “في الوقت نفسه، من نتائج التاريخ الألماني إننا نتشارك علاقات فريدة ومسؤولية كبيرة مع إسرائيل”.
أبعاد قانونية غير مسبوقة
وقالت المحكمة الجنائية الدولية في الأصل إنها تسعى للحصول على مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بسبب ارتكابهم جرائم حرب وأعلنت يوم الخميس أنها رفضت طعون من إسرائيل وأصدرت مذكرات اعتقال.
وقالت المحكمة الجنائية الدولية في تحديثها إنها وجدت “أسبابا معقولة للاعتقاد” بأن نتنياهو وجالانت “يتحملان مسؤولية جنائية” عن ارتكاب جرائم حرب.
وقالت المحكمة إن هذه تشمل “جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال اللاإنسانية”.
وهذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها زعيم حالي لحليف غربي رئيسي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل محكمة عدل عالمية.
إجراءات الامتثال بمذكرة اعتقال نتنياهو
إذا قُبض على بنيامين نتنياهو في بريطانيا بموجب مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، فلا بد للإجراءات القانونية المتبعة أن تتسم بالدقة والالتزام بأحكام القانون الدولي والمحلي، وذلك على النحو التالي:
- التوقيف والاحتجاز
- تتولى السلطات البريطانية اعتقال نتنياهو فور وصوله إلى أراضيها، وذلك تنفيذًا لمذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي.
- يوضع نتنياهو قيد الاحتجاز ريثما تُباشر السلطات القضائية البريطانية الإجراءات اللازمة.
- المراجعة القضائية
- تُعقد جلسة قضائية في المحاكم البريطانية للنظر في صحة مذكرة التوقيف ومدى مطابقتها للمعايير القانونية المحلية والدولية.
- تهدف هذه الخطوة إلى “ضمان احترام حقوق المتهم والامتثال الصارم للإجراءات القانونية”.
- تسليم المتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية
- في حال تأكيد قانونية مذكرة التوقيف، تُباشر السلطات البريطانية إجراءات نقل نتنياهو إلى مركز احتجاز المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، هولندا.
- تُنفذ عملية التسليم بتنسيق دقيق مع المحكمة الجنائية الدولية، مع الالتزام بالإجراءات الأمنية والبروتوكولات الدبلوماسية اللازمة.
- المثول الأولي أمام المحكمة الجنائية الدولية
- يمثل نتنياهو أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية لجلسة أولية تُعرض فيها عليه التهم الموجهة إليه بصورة رسمية.
- تسير المحاكمة على النحو المعتاد، بما في ذلك الحق في التمثيل القانوني والاطلاع الكامل على الأدلة.
- الإجراءات التمهيدية
- تتولى المحكمة الجنائية الدولية، في هذه المرحلة، تقييم الأدلة المقدمة من الادعاء والدفاع لتحديد ما إذا كانت القضية تستوفي المعايير اللازمة لإحالتها إلى المحاكمة.
- تشمل هذه المرحلة النظر في مدى كفاية الأدلة وتأكيد نطاق الجرائم المزعومة.
- المحاكمة
- إذا قضت المحكمة بوجود أساس قانوني للمحاكمة، تُعقد جلسات قضائية يُستمع فيها إلى الشهود وتُعرض الأدلة ويتم استجواب الأطراف.
- تلتزم المحاكمة بمبادئ العدالة الدولية وتُراعي أعلى معايير الشفافية والنزاهة.
- إصدار الحكم والعقوبة
- في حال الإدانة، تصدر المحكمة حكمًا قضائيًا يتضمن العقوبة المناسبة، والتي قد تشمل السجن لمدة تُحدد بناءً على خطورة الجرائم المرتكبة.
- إذا تمت تبرئة المتهم، يتم إطلاق سراحه فورًا دون قيود.
- حق الاستئناف
- يحق للطرفين، سواء الادعاء أو الدفاع، الطعن في الحكم أو العقوبة أمام المحكمة الجنائية الدولية، ما قد يؤدي إلى إجراءات قانونية إضافية داخل إطار المحكمة.
دور بريطانيا في الإجراءات
- يقتصر دور المملكة المتحدة على تنفيذ مذكرة التوقيف وضمان تسليم المتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقًا لالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي.
- بعد عملية التسليم، تظل بريطانيا ملزمة بالتعاون مع المحكمة عند الحاجة، مثل تقديم الأدلة أو المساعدة في تحقيقات ذات صلة.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇