لماذا يعد المغنيسيوم دواءً سحريا في تحسين النوم؟
في السنوات الأخيرة، أصبح المغنيسيوم يُوصف بأنه “المعدن العصري” الذي يتهافت عليه الملايين حول العالم.
فمن تحسين النوم إلى دعم الهضم وتخفيف التوتر، يُقدَّم هذا المعدن اليوم كعلاج شامل لمجموعة واسعة من المشكلات الصحية، وسط طفرة غير مسبوقة في سوق المكملات الغذائية.
تُقدّر قيمة سوق المغنيسيوم العالمي بنحو 3 مليارات باوند، ومن المتوقع أن تتضاعف تقريبًا خلال العقد المقبل.
ازدهار الصناعة في بريطانيا

في مصنع صغير بمنطقة يوركشاير ديلز البريطانية، تتراص براميل ضخمة من مسحوق أبيض بجوار آلات تصدر أزيزًا مستمرًا. ويرتدي العمال بزات واقية ويقومون بوزن مركب سترات المغنيسيوم، الناتج عن خلط المعدن بحمض الستريك، قبل تعبئته في حاويات فولاذية لامعة.
يقول أندرو غورينغ، المدير العام لشركة Lonsdale Health: “نرسل منتجاتنا إلى جميع أنحاء العالم، إلى المملكة المتحدة وأستراليا وأجزاء من آسيا والكويت والعراق. إنه من أكثر منتجاتنا مبيعًا، والسوق مستمر في النمو.”
بينما ترتفع أصوات الآلات التي تنتج عشرات الأقراص في الثانية، يوضح غورينغ أن سبب انتشار المغنيسيوم يعود إلى تأثير المؤثرين ووسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا: “لقد عرفنا فوائد المغنيسيوم منذ سنوات، لكنه اليوم أصبح منتجًا سائدًا بفضل التسويق الرقمي.”
المغنيسيوم: عنصر صغير بأهمية كبرى
توضح اختصاصية التغذية كيرستن جاكسون أن المغنيسيوم هو أحد المعادن الأساسية في الجسم، إذ تبلغ الكمية الموصى بها يوميًا 270 ملغ للنساء و300 ملغ للرجال، ويخزن الجسم نحو 25 غرامًا منه.
ورغم أنه يشكل أقل من 1% من مكونات الجسم، إلا أنه يشارك في أكثر من 300 عملية حيوية، تشمل:
- دعم الدماغ والمزاج عبر تحسين التواصل العصبي.
- المساعدة في موازنة مستويات السكر في الدم.
- تنظيم ضغط الدم.
- نقل الكالسيوم والبوتاسيوم داخل الخلايا وخارجها، للحفاظ على انتظام نبض القلب.
لكن جاكسون تؤكد أن تناول مكملات المغنيسيوم لا يفيد إلا في حال وجود نقص فعلي، وهو أمر يصعب اكتشافه لأن معظم المغنيسيوم مخزَّن في العظام والأنسجة وليس في الدم.
ماذا يقول الخبراء؟

تحذر كريستن ستافريديس، اختصاصية التغذية، من المبالغة في هذه الادعاءات، مشيرة إلى أن: “الأدلة العلمية غير كافية لإثبات أن هذه الأنواع من المكملات تؤثر إيجابًا على الأشخاص الأصحاء.”
وتضيف أن 10% من الرجال و20% من النساء لا يحصلون على الكمية الموصى بها من المغنيسيوم،
لكنها تؤكد أن “مجرد تناول مكملات لا يُعد الحل المناسب للجميع”.
وتتابع: “شركات المكملات تروّج وكأننا على وشك الموت وتقدّم الحبوب كحل سحري، لكن الواقع أكثر تعقيدًا.”
جدل علمي وتداخلات دوائية
توضح ستافريديس أن الدراسات حول دور المغنيسيوم في تحسين النوم متناقضة؛ فبينما تشير بعض الأبحاث إلى فوائد طفيفة، تظهر دراسات أخرى (من نوع التجارب المحكمة) نتائج مشككة.
كما أن هناك تفاعلات محتملة بين المكملات، فمثلًا تناول الزنك قد يعيق امتصاص المغنيسيوم. لذا تصف ستافريديس الأمر بأنه “حقل ألغام” يستدعي الحذر والتوازن.
وتنصح بالبدء بتعديل النظام الغذائي قبل اللجوء إلى الحبوب، وإن كان لا بد من استخدامها، فالأفضل تناول نصف الجرعة الموصى بها على العبوة ومراقبة التأثير.
أما الإفراط في تناول المغنيسيوم، فقد يؤدي إلى الإسهال والقيء والغثيان، وفي حالات مرضى الكلى، قد يتسبب بما يُعرف بـ فرط المغنيسيوم في الدم، وهي حالة خطيرة قد تؤدي إلى الشلل أو الغيبوبة.
الغذاء أولًا
تشدّد كيرستن جاكسون على أن الحل الحقيقي يبدأ من النظام الغذائي المتوازن، وليس من العبوات اللامعة. فالمغنيسيوم متوفر طبيعيًا في البذور والمكسرات، وخبز الحبوب الكاملة، والخضروات الورقية، والفواكه.
وتضيف: “إذا كنت لا تتناول هذه الأطعمة بانتظام، فغالبًا ما ينقصك أيضًا فيتامين C، وفيتامين K، والألياف، والبريبايوتكس.”
وتختم بعبارة حاسمة: “مكمّل مغنيسيوم واحد لن يُصلح كل شيء.”
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن الاهتمام المتزايد بالمغنيسيوم يعكس وعيًا صحيًا متناميًا لدى الأفراد، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن اتجاه استهلاكي مقلق تدعمه صناعة المكملات وتسويقه المفرط عبر المؤثرين.
وتؤكد المنصة أن الاعتماد المفرط على المكملات الغذائية دون استشارة طبية أو مراجعة النظام الغذائي ليس نهجًا صحيًا مستدامًا.
المصدر: بي بي سي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
