العرب في بريطانيا | لا تحزن.. أيقِن برحمة الله ولطفه ولو بلغت الغاي...

1447 جمادى الأولى 9 | 31 أكتوبر 2025

لا تحزن.. أيقِن برحمة الله ولطفه ولو بلغت الغاية في الألم

حزن
ريم العتيبي October 31, 2025

كيف لنا أن نبقى حزينين ونألف الحزن دون أن نفكر بطريقة تُخرجنا من هذا الألم في ظل العجز الذي وصلنا إليه؟

هل اعتدنا السكوت وتهيّبنا الكلام ورضينا بالاستسلام حتى في أحاسيسنا؟!

عظيمة هي الآلام من حولنا، لكن عندما يكون ظنّنا بالله حسنًا؛ فلن نيأس ولن نضعف ولن تلين عزائمنا.

كم سمعنا في الآونة الأخيرة عن حالات من الاكتئاب والحزن الشديد، لكن لو تأمّلنا في جملة “لا تحزن” حق التأمل لوجدناها بلسمًا للروح؛ فهي ليست مجرد عبارة مواساة ولا تصبير، بل إنها توجيه رباني عظيم.

فقد قال الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ولصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه في أصعب المواقف وأحلك الظروف وهما في الغار وحيدان مطاردان محاصران: {لا تحزن إن الله معنا}.

تأمّلها جيدًا؛ إنها رسالة من رب الأكوان سبحانه أنه من كان الله معه فلا خوف عليه.

لا تحزن وثِق بالله وارضَ بقضائه، واعلم أن مع العسر يُسرًا، وهذا وعد حق وصدق ممّن لا يخلف الميعاد.

افعل ما بوسعك لترضى عن نفسك وتريح ضميرك، وسَلِّمْ الأمر بعد ذلك لله سبحانه وتعالى.

أعلم بأنك ستقول: ما عاد القلب يحتمل، ولا عادت العقول تستوعب.

بكاء في السودان وصراخ في غزة، وقلق في سوريا وخوف في لبنان.

باتت القلوب تعتصر ألمًا وغمًّا وكمدًا فكيف لي ألّا أحزن؟!

أجل، لا تستسلم للحزن، ولا تيأسَنْ ولو كانت أفكارك مشتتة وأمانيك مبعثرة.

ما عُدنا كما كنا، فقد آلمتنا تلك الأخبار القاسية، وأوجعتنا الأيام الصعبة وكل الصور المؤلمة.

ننام على خبر مؤلم ونستيقظ على آخر أكثر إيلامًا.

ننام على مشهد يتفطّر له القلب، ونستيقظ على خبر يُدميه.

كيف لا وأوطان تُذبح على مرأى العالم ومسمعه، وتاريخ يُسطّر بالسواد ويلطّخ بالعار؟!

أطفال يُحرَمون من أبسط الحقوق ونساء تُعنّف ورجال يُقهَرون.

كيف لا وعدو يمارس أبشع أنواع التعذيب دون حسيب ولا رقيب، ويرى أنه الأقوى والأحق، ويرى أنه ومن ينتمي إليه غالٍ والآخر رخيص.

بأي قلم أرثي ما وصلنا إليه من حال؟!

أأرثيه بقلم رصاص يذكّرنا برصاص الغدر؟!

أم بقلم حبر أسود يذكّرنا بتاريخ خذل فيه الأخ وتمادى فيه العدو؟!

أم أرثي الحال بقلم حبر أحمر يذكّرنا بالدماء التي أريقت ولم يهتز لها أحد؟!

أما السودان فالخنجر الذي طعنه مكتوب عليه بالعربية: عن أي قهر نتحدث ونقول: لا تحزن!

عن جوع ينهش ولا يرحم.

عن مدن تحترق وأخرى تُدمر.

ننام ونحن ندعو لغزة، ونستيقظ ونحن ندعو للسودان.

أيُّ عالَم هذا الذي نعيش فيه ثم نقول لا تحزن!

لقد صمتت الأصوات كلها وبقي صوت الدعاء، وهو الأمل والملاذ الأخير فلا تحزن.

أجل، لا تحزن!

ربما ما دفعني لأكتب هذه الكلمات هو يقيني بأن الجميع في حزن كبير.

لا تحزنوا؛ فالحزن لا يُعيد فقيدًا ولا يَجبُر كسيرًا، بل يرهق القلب ويطفئ نور الشغف في الحياة.

توكلوا على الله حق التوكل واستعينوا به حق الاستعانة؛ فالتسليم لأمره راحة، والرضا بقضائه طمأنينة، ومن جعل الله وكيله فلن يُخذل أبدًا.

إن بعد كل ضيق فرجًا، وبعد كل ظلمة فجرًا جديدًا.

فلا تجعلوا للحزن سبيلًا إلى أنفسكم، واملؤوا قلوبكم يقينًا بأن الفرج قادم لا محالة.

اللهم يا واسع الرحمة:

نسألك أن تكتب للسودان أمنًا بعد خوف، ولغزة سكينة بعد جزع، ولكل دولنا العربية الأمن بعزة دون التفريط بالكرامة.

نسألك -يا الله- أن تبدل دموع الأمهات فرحًا وآهات الأطفال ضحكًا.

اجعل -يا الله- بقدرتك من بين الدمار حياة، ومن بين الظلم عدلًا، ومن بين الركام فجرًا جديدًا ينير الكون.

يارب أعِد للإنسان إنسانيته، وللأمة كرامتها، وللقلب طمأنينته، واكتب لنا أيام عزة وكرامة من غير حزن ولا ألم.


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

التعليقات

آخر فيديوهات القناة