العرب في بريطانيا | كيف غطّت الصحافة البريطانية مظاهرة 13 سبتمبر 20...

1447 جمادى الأولى 4 | 26 أكتوبر 2025

كيف غطّت الصحافة البريطانية مظاهرة 13 سبتمبر 2025 المناهِضة للمهاجرين بقيادة تومي روبنسون؟

كيف غطّت الصحافة البريطانية مظاهرة 13 سبتمبر 2025 المناهِضة للمهاجرين بقيادة تومي روبنسون؟
فريق التحرير September 15, 2025

سجّلت لندن يوم السبت 13 سبتمبر/أيلول 2025 واحدةً من أكبر مظاهرات اليمين المتطرف في التاريخ الحديث للمملكة المتحدة (“وحِّدوا المملكة”)، بزعامة تومي روبنسون، وبمشاركة تقديرات شرطية تراوحت بين 110 و150 ألفًا، تخلّلها عنفٌ أسفر عن إصابة 26 شرطيًا وما لا يقل عن 24–25 اعتقالًا. هذا الحدث فرض نفسه على الصفحات الإخبارية وصفحات الرأي معًا، ودفع إلى موجةٍ من التحليلات حول أسباب الحشد الكبير، ودور الإعلام الاجتماعي، واحتمالات تطوّر المشهد اليميني الشعبوي في بريطانيا.

أولًا: الوقائع الصلبة التي انطلقت منها التغطيات

    • الحجم والاشتباكات: قدّرت شرطة العاصمة الحضور بنحو 110–150 ألفًا، مع إصابة 26 من عناصرها واعتقال نحو 24–25 شخصًا خلال اشتباكات على هامش المسيرة. هذه الأرقام أصبحت “مرتكزًا” اعتمدته أغلب المنصّات البريطانية.
    • الخطاب والزخم العابر للحدود: برزت مداخلة إيلون ماسك عبر الفيديو ومشاركة شخصيات يمينية أوروبية، وما رافق ذلك من سرديات “حربٍ أهلية وشيكة/استعادة الوطن” و“الاستبدال العظيم”، وهو ما شددت عليه تقارير وتحليلات عدة.
    • ردود الفعل الرسمية: رئيس الوزراء كير ستارمر ندد بالعنف وبالاستغلال المتطرف لرمزية العلم البريطاني، مؤكدًا أن بريطانيا “لن تُسلِّم” علمها لليمين المتطرف.

ثانيًا: اتجاهات التغطية الإخبارية المستقاة من الصحافة البريطانية

1. صحافة المتابعة الفورية:

    • الغارديان وثّقت الحشد والعنف وسياق “مهرجان حرية التعبير” الذي تحوّل إلى منصّة لخطاب معادٍ للمهاجرين والمسلمين.
    • سكاي نيوز قدّمت معالجة “بياناتية/شرطية” تشرح لماذا كان هذا التجمّع “مختلفًا” من حيث الحجم والتنظيم وتكتيكات الحشد.
    • التلغراف (تغطية خبرية) ركّزت على اعتداءات ضد الشرطة ومسار اليوم، مع مقاطع فيديو ميدانية.
    • فايننشال تايمز أبرزت الرسالة السياسية الرسمية (ستارمر) وربطتها بصراع الرموز الوطنية.
    • الإندبندنت غطّت تنديدًا واسعًا بخطاب ماسك في المناسبة.

2. صحافة الرأي والتحليل (ما بعد 13 سبتمبر):

    • الغارديان – جون هاريس: تحليل لديناميكيات “تيك توك فاراجي/روبنسوني” التي تعيد تشكيل تصوّر الجمهور للواقع اليومي وتُضخّم مشاهد العنف والفوضى، مع سؤال: كيف تردّ الحكومة على واقع سياسي مُشوه عبر فيديوهات قصيرة؟
    • الغارديان – الافتتاحية: اعتبرت اللحظة “خطرًا” يتطلب قيادة سياسية أقوى، إذ يتزامن تعب اليمين المتطرف مع تعثّر رسائل الحكومة.
    • ديان أبوت (الغارديان – مقالة رأي): توصيفٌ صريح للمشهد باعتباره عنصرية صِرفًا، منتقدةً “تردّد” السياسة الرسمية في تسمية الأشياء بأسمائها.
    • نيو ستيتسمان: قراءةٌ سردية لـ“يوم الغضب” عند روبنسون، مع رصد “وجداني/سياسي” لخطاب الحشود وما يمكن أن يعنيه ذلك لتنظيمه وحلفائه.
    • UnHerd (فيليكس بوب): سؤالٌ عن “الخطوة التالية” لروبنسون بعد نجاح الحشد، بين تحوّل تنظيمي/حزبي محتمل أو البقاء في إطار تعبئة الحركة/الشارع.
    • التلغراف – رأي: الحُجّة الرئيسية أن روبنسون “عبء” على اليمين الشعبوي وأنّ التفاف رموزٍ مثل فاراج حوله يُضعِف فرص التيار الشعبوي الأوسع. (المادة محجوبة جزئيًا خلف جدار دفع لكن خلاصتها التحريرية منشورة)
    • ذا سبيكتاتور: مقالة تشكّك في تقديرات الإعلام للحشد، وتُبالغ في تقدير الحجم، وتعرض السردية المضادة التي تُصوِّر المسيرة باعتبارها أكبر بكثير من الأرقام الشرطية والإعلامية.

ثالثًا: لماذا كان الحشد كبيرًا؟

كيف غطّت الصحافة البريطانية مظاهرة 13 سبتمبر 2025 المناهِضة للمهاجرين بقيادة تومي روبنسون؟
(أنسبلاش)
  1. التعبئة الرقمية وخوارزميات الفيديو القصير: تشرح مقالات جون هاريس كيف تُنتج “دوائر تغذية راجعة” من محتوى غضبيّ يعيد تشكيل المخيال العام حول “مدنٍ فاشلة ولاجئين يُهدّدون النظام”، ما يخلق شعورًا بالاستعجال/الخطر ويخفض كلفة الانخراط الميداني.
  2. إسناد نُخبوي غير تقليدي: منح ظهور إيلون ماسك عبر الفيديو شرعيةً رمزيةً عابرة للحدود، وأتاح تضخيم الرسالة لجماهير أوسع خارج منصات اليمين التقليدية.
  3. أثر اضطرابات 2024 وذاكرة “صيف الفوضى”: تشير تقارير Hope Not Hate وأبحاث/قراءات أكاديمية إلى أن شروخ 2024 (أوسع اضطرابات يمينية منذ ما بعد الحرب) خلقت بنية تعبئةٍ مستدامة وشبكات تنسيق عبر تليغرام ومنصّات موازية. هذا السياق السابق مهّد لنجاح حشد 2025.
  4. سردية “العلم والهوية” مقابل “نخبةٍ منفصلة”: ركّزت فايننشال تايمز والتلغراف (خبرًا ورأيًا) على صراع الرموز الوطنية، حيث تُصوَّر الحكومة كـ“بلا بوصلة” فيما يحتكر اليمين المتطرف –مؤقتًا– لغةَ الفخر الوطني.

رابعًا: الشواهد والأدلة التي استندت إليها الصحافة

  • الأرقام الشرطية: الحضور (110–150 ألفًا)، الإصابات (26)، الاعتقالات (24–25). تكرّرت لدى رويترز وسكاي نيوز وغيرهما.
  • مواد مصوّرة جوية وميدانية: استخدمتها سكاي نيوز، إلى جانب معارضين ومناصرين، في جدل “حجم الحشد”، بينما حاولت ذا سبيكتاتور قلب السردية لصالح تقديرات تضخيمية.
  • قرائن الخطاب الأيديولوجي: توثيق دعوات “حلّ البرلمان” و“تغيير الحكومة” في خطاب ماسك، وحضور مفردات “الاستبدال العظيم” و“الترحيل العكسي/الريمَيغريشن” في الشعارات.

خامسًا: مقارنات وسياقات تاريخية

  • مقارنة بحشود قوميّة سابقة: تُظهر قائمة المظاهرات الكبرى في لندن (عمومًا) أنّ أرقام 13 سبتمبر 2025 تقع ضمن فئة استثنائية لليمين المتطرف مقارنةً بحشود اليسار/النقابات التاريخية (التي بلغت مئات الآلاف في 2011)، فيما كانت احتجاجات روبنسون وEDL سابقًا أصغر بكثير (آلاف قليلة في 2018).
  • امتداد لاضطرابات 2024: تؤكّد تقارير Hope Not Hate ومراكز أخرى أنّ تعبئة 2024 اليمينية خلقت “بُنية تحتية احتجاجية” استُثمرت في 2025.

سادسًا: سيناريوهات وتوقّعات قدّمتها مقالات الرأي البريطانية

1. تصعيدٌ تنظيمي نحو مشروعٍ سياسي؟

UnHerd طرحت سؤال “الخطوة التالية”: هل يُحوِّل روبنسون زخم الشارع إلى بنيةٍ حزبية أو تحالف انتخابي؟ التوقّع: محاولات تنسيقية مع أطراف قومية/شعبوية، لكن مع قيود قانونية وسمعة متطرّفة قد تعيق الاختراق المؤسسي.

2. تباعدٌ بين اليمين الشعبوي “القابل للانتخاب” وروبنسون؟

التلغراف – رأي يحذّر من أن اقتران التيار الشعبوي بروبنسون يُربك محاولات “التطبيع الانتخابي” وربما يدفع شخصيات مثل فاراج إلى الابتعاد تكتيكيًا.

3. مرحلة “توحّش رقمي” إن لم تُعالج الفجوات الاجتماعية/الأمنية:

الغارديان (هاريس + افتتاحية) تتوقع مزيدًا من “تسييل الخوف” عبر الفيديو القصير إن لم تتقدّم الحكومة بخطاب وسياسات ملموسة تعالج الأمن المجتمعي والهجرة من دون مجاراة خطاب الكراهية.

4. استقطابٌ رمزي حول العلم والهوية:

فايننشال تايمز تُلمّح إلى أن نجاح الحكومة في “استعادة” رمزية العلم، مع رفض العنف، سيحدّد إن كانت موجة سبتمبر ذروة مؤقتة أم بداية منحنى صاعد.

5. خطر “العدوى العابرة للحدود”:

ربطت تحليلات وتغطيات بريطانية ودولية بين الدعم الأميركي (خطاب ماسك/تقاطعات ثقافة “ماغا”) وبين قابلية انتقال تكتيكات التعبئة إلى ساحات أوروبية، ما يوسّع قوس المخاطر.

سابعًا: تقييمٌ نقدي لتوازن التغطية

بال أكشن

اتساع الطيف: من الغارديان (تحذير من طبيعة عنصرية/مُهدِّدة) إلى التلغراف/سبيكتاتور (تركيز على الإفراط في تقديرات العنف أو الحشد/أو التشكيك في الأرقام)، مرورًا بمنصّات وسطية/مهنية (فايننشال تايمز، سكاي نيوز). هذا التنوع يعكس انقسامًا معرفيًا حول: “هل ما رأيناه تعبيرٌ عن يأس اجتماعي قابل للتمثيل السياسي؟ أم تطبيعٌ متزايد للتطرّف يجب عزله أمنيًا ورمزيًا؟”

ثغراتٌ في بعض السرديات:

  1. الجدل العددي: تروّج منصّات يمينية لأرقام “ملايين” دون منهجية قياس، مقابل تقديرات شرطية مُفصّلة (CCTV/مروحيات). الترجيح المهني يميل للأخيرة.
  2. تضخيم أثر “النجوم” (ماسك) على حساب تفسيرٍ أعمق للبُنى المحلية (سوق العمل/الإسكان/الخدمات بعد التقشّف/ذاكرة 2024). هنا تُفيد تقارير Hope Not Hate وأبحاث 2024 في سدّ الفجوة.

تُجمع الصحافة البريطانية، من زوايا متباينة، على أنّ مظاهرة 13 سبتمبر 2025 تمثّل عتبةً جديدةً في حشد اليمين القومي المناهِض للهجرة. تتباين التأويلات: بين من يراها ذروة غضبٍ ظرفية غذّتها خوارزمياتُ الفيديو القصير ومظلّاتُ مؤثرين عابرين للحدود؛ ومن يخشاها رافعةً تنظيميةً لتطبيعٍ سياسيٍّ أوسع. ستعتمد الوجهة على: قدرة الحكومة على استعادة لغة الأمن والهوية دون كراهية، وقدرة المجتمع المدني والإعلام على تفكيك بيئة التضليل والتعبئة الرقمية، قبل أن تتحوّل مواكب الشارع إلى أوعية سياسية دائمة.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
9:54 pm, Oct 26, 2025
temperature icon 10°C
overcast clouds
90 %
1004 mb
16 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 6:43 am
Sunset 4:45 pm

آخر فيديوهات القناة