كير ستارمر يعلّق عضوية 4 نواب في حزب العمال بدعوى “تمردهم المتكرر”

في خطوة تعكس سعيه لترسيخ سلطته داخل حزب العمال، قرر زعيم الحزب كير ستارمر تجريد أربعة نواب من الصفة الحزبية، كما أقال ثلاثة نواب آخرين من مناصبهم كسفراء تجاريين، على خلفية تكرار خرقهم للانضباط الداخلي.
وكشفت صحيفة الغارديان أن النواب الأربعة الذين تم تجميد عضويتهم البرلمانية هم راشيل ماسكل، نيل دنكان-جوردان، بريان ليشمان، وكريس هينتشليف. وقد أُبلغوا بهذه القرارات بعد ظهر الأربعاء، مع التأكيد على أن أوضاعهم ستخضع للمراجعة لاحقًا.
الحزب يعاقب نوابًا معارضين بسحب المهام وتجميد الصفة البرلمانية
ونقل مصدر داخل الحزب أن الخطوة استهدفت من وصفهم بـ”المتمردين الدائمين”، في إشارة إلى نواب أبدوا معارضة علنية لسياسات الحكومة، خصوصًا فيما يتعلق بمشروع قانون الرعاية الاجتماعية وتخفيض بدل التدفئة الشتوي.
وبموجب القواعد التنظيمية، فإن تعليق الصفة الحزبية يعني خروج النائب من الكتلة البرلمانية، دون أن يفقد عضويته في الحزب، ما لم تُلغ رسميًا. ويخضع هذا التعليق عادة لمراجعة دورية.
أما النواب الثلاثة الآخرون — روزينا ألين-خان، بيل ريبييرو-أدي، ومحمد ياسين — فقد خسروا مناصبهم كسفراء تجاريين. وهي أدوار يُكلّف بها نواب من الحكومة أو المعارضة لتعزيز التجارة مع مناطق محددة حول العالم.
اتهامات للحكومة بإسكات المعارضين وترسيخ مناخ الخوف داخل حزب العمال
ووفق ما نقلته الغارديان، قال أحد النواب المنتمين إلى الجناح اليساري في الحزب إن القرار صدر من داونينغ ستريت، موضحًا أن النواب المُعلّقين أُبلغوا بخضوعهم لتحقيق داخلي قد يستمر لعدة أشهر.
وأضاف: “الهدف من هذا الإجراء خلق مناخ من الخوف داخل الحزب، وإظهار الحكومة في صورة مُحكمة السيطرة، لكنها في الحقيقة تبدو هشّة. ما فعله زملاؤنا كان دفاعًا عن مبادئ الحزب. أما الإحراج السياسي الذي لحق بالحكومة فهو نتيجة سياساتها، لا مواقف النواب.”
وانتقد نائب آخر ما اعتبره ازدواجية في المعايير، قائلًا: “هناك سفراء من المحافظين والديمقراطيين الأحرار يصوتون ضد الحكومة ولا يُحاسبون، لكن يتم فصل نائب من حزب العمال لمجرد خروجه عن الخط الحزبي؟ هذا غير منطقي.”
نواب معارضون يتمسكون بالدفاع عن الفئات الضعيفة وقيم الحزب
من جانبه، أصدر النائب بريان ليشمان بيانًا أكد فيه تمسّكه بعضويته في الحزب، ورغبته بالاستمرار في تمثيل ناخبيه، مشددًا على أنه صوّت ضد الحكومة “من أجل أن يكون صوتًا لمجتمعات ألوا وغرانجموث، ولأنه لا يرى من واجبه كنائب أن يدفع الناس نحو الفقر، لا سيما من تضرروا من سياسات التقشف.”
ويُعد ليشمان من أعضاء مجموعة الحملة الاشتراكية داخل الحزب، بينما فاز كل من دانكان-جوردان وهينتشليف في دوائر انتخابية تُعد تاريخيًا خارج نفوذ حزب العمال. أما ماسكل، فقد شغلت منصب وزيرة في حكومة الظل خلال قيادة جيرمي كوربن، وتزعمت عددًا من التمردات البرلمانية مؤخرًا.
بدوره، صرّح دنكان-جوردان: “منذ انتخابي، دافعت باستمرار عن قضايا ناخبي، ومنها خفض إعانات ذوي الإعاقة مؤخرًا. كنت أدرك عواقب ذلك، لكن لا يمكنني تأييد سياسات تُفقِر الفئات الأكثر هشاشة.”
وأضاف: “رغم تعليقي من الكتلة البرلمانية، فإنني جزء من الحركة العمالية والنقابية منذ أكثر من 40 عامًا، وسأبقى ملتزمًا بقيمها. إلى ناخبيّ: سأواصل عملي كالمعتاد.”
ستارمر يواصل فرض عقوبات حزبية على المعارضين وسط انشقاقات وتحركات يسارية جديدة
وهذه هي المرة الثانية التي يُقدم فيها ستارمر على فرض عقوبات حزبية حازمة. ففي يوليو الماضي، أُزيلت الصفة الحزبية عن سبعة نواب صوتوا مع الحزب الوطني الأسكتلندي لإلغاء حد إعانة الطفلين، من بينهم جون ماكدونل، ريتشارد بورغون، ريبيكا لونغ-بيلي، وعمران حسين، و أبسانا بيجوم، و زارا سلطانة
وقد أعيدت الصفة البرلمانية إلى معظمهم لاحقًا، غير أن عددًا من نواب اليسار واصلوا معارضة الحكومة في ملفات تشمل الرعاية الاجتماعية، وحظر حركة Palestine Action، وقوانين التخطيط العمراني.
أما النائبة زارا سلطانة، التي لم تُستعَد عضويتها، فقد أعلنت انسحابها من الحزب، لتأسيس حركة سياسية جديدة بالشراكة مع زعيم الحزب السابق جيرمي كوربين.
إجراءات كير ستارمر ضد النواب المتمردين تهدف إلى فرض الانضباط وتعزيز وحدة حزب العمال في مواجهة تحديات سياسية كبيرة. لكن هذه الخطوات قد تزيد من الاستقطاب بين أجنحة الحزب، خصوصًا بين اليسار والوسط.
إقصاء النواب المخالفين في قضايا اجتماعية مهمة يرسل رسائل سلبية للقاعدة العمالية التي تطمح لتمثيل أوسع واختلاف صحي. كما أن معاقبة السفراء التجاريين على تمرد سياسي يثير تساؤلات حول معايير الانضباط الحزبي مقارنة بالأحزاب الأخرى.
التحدي الأكبر أمام ستارمر هو التوازن بين فرض الانضباط والحفاظ على التنوع السياسي داخل الحزب، لضمان تمثيل حقيقي لقضاياه. نجاح الحزب يتطلب إدارة هذه التوترات بحكمة وبناء حوار داخلي يعزز الوحدة بعيدًا عن الخلافات التي تضعف فرصه المستقبلية.
المصدر : الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇