فضيحة: طالبو لجوء يُحتجزون بصفة غير قانونية في قاعدة جوية

قضت المحكمة العليا البريطانية بأن الحكومة تصرفت بشكل غير قانوني عند إيواء ثلاثة من طالبي اللجوء في قاعدة عسكرية سابقة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
الحكم، الذي صدر عن القاضي تيموثي مولد، أدان تصرف وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، معتبرًا أنها انتهكت القوانين المنظمة للهجرة واللجوء، وتحديدًا قانون الهجرة واللجوء لعام 1999.
ظروف معيشية سيئة وانتهاكات قانونية
أقام الرجال الثلاثة في مركز (MDP) في وذرفيلد في مقاطعة إسيكس بين تموز/ يوليو 2023 وشباط/ فبراير 2024، وقد وصفوا ظروف معيشتهم هناك بأنها أقرب إلى الحياة في السجون.
وأكد القاضي مولد أن الحكومة أخفقت في مراعاة الأوضاع الشخصية للمدعين الثلاثة، حيث أنهم كانوا من ضحايا التعذيب والاتجار بالبشر، كما كانوا يعانون من مشكلات صحية نفسية وإعاقات جسدية.
وأوضح القاضي أن الحكومة فشلت في تقييم تداعيات المساواة المتعلقة بإيواء طالبي اللجوء في وذرفيلد، ووصف هذا الإغفال بأنه “خطير وغير مبرر”، مؤكدًا أنه يمثل إخفاقًا واضحًا في الوفاء بواجب المساواة في القطاع العام.
معاناة إنسانية وانتهاكات لحقوق اللاجئين
كشفت القضية عن معاناة المدعين الثلاثة داخل القاعدة الجوية، حيث كان أولهم، المشار إليه بالأحرف TG، ضحية للاتجار بالبشر وتعرض لعنف جسدي شديد، كما كان يعاني من إعاقة واضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب. أما المدعيان الآخران، MN وHAA، فكانا أيضًا ضحايا للتعذيب والاتجار بالبشر.
وواجه HAA صعوبة شديدة في العيش في غرف مشتركة ضمن موقع يضم عددًا كبيرًا من المقيمين، ما جعله عرضة للخطر النفسي والجسدي.
وعلى الرغم من الظروف القاسية التي تعرض لها هؤلاء الأفراد، تجاهلت الحكومة وضعهم الصحي والإنساني عند اتخاذ قرار إيوائهم في هذه القاعدة العسكرية السابقة.
خطة حكومية مثيرة للجدل
يعود الجدل حول استخدام قاعدة وذرفيلد لإيواء اللاجئين إلى آذار/ مارس 2023، عندما أعلنت الحكومة البريطانية بقيادة حزب المحافظين عن خطط لإيواء المهاجرين في مواقع عسكرية، من بينها وذرفيلد قرب برينتري وقاعدة سكامبتون في لينكولنشاير.
وبدأت عمليات نقل المهاجرين إلى وذرفيلد في تموز/ يوليو 2023، مع خطط أولية لاستيعاب 1,700 طالب لجوء في الموقع.
لكن سرعان ما أثارت هذه الخطط اعتراضات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمحامين، الذين أكدوا أن ظروف السكن هناك لا تراعي الحد الأدنى من المعايير الإنسانية.
تدهور الصحة النفسية لطالبي اللجوء
أكد المحامون الذين يمثلون طالبي اللجوء الثلاثة أن موكليهم تعرضوا لتدهور حاد في صحتهم النفسية بسبب ظروف إقامتهم في قاعدة وذرفيلد.
وفي بيان لهم، أشاروا إلى أن انتهاكات الحكومة توضح أن وزارة الداخلية ليست فقط مطالبة بوضع نظام قانوني، بل يجب عليها الالتزام بالقانون في كل حالة فردية.
من جانبها، أكدت إميلي سوثيل، المحامية في مكتب ديجتون بيرس جلين، أن ضحايا التعذيب والاتجار لا ينبغي أن يتم إيواؤهم في مواقع مثل وذرفيلد.
ودعت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر إلى إعادة النظر في الحكم، وإغلاق القاعدة نهائيًا، وإنهاء استخدام المواقع العسكرية كمراكز إيواء لطالبي اللجوء.
ردود فعل حقوقية وانتقادات حادة
أثار الحكم ردود فعل غاضبة من قبل منظمات حقوق الإنسان، حيث صرحت مادي هاريس، من منظمة شبكة حقوق الإنسان، بأن إيواء طالبي اللجوء في معسكرات عسكرية سابقة هو تصرف غير إنساني.
وأضافت أن هذه الممارسات تعكس سياسة حكومية تتجاهل حقوق اللاجئين وتسعى إلى معاملتهم كعبء بدلاً من كأفراد يحتاجون إلى الحماية.
رد الحكومة: لا تغيير في السياسات
رغم الحكم القضائي، أصرت الحكومة البريطانية على موقفها، حيث صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية بأن الحكومة لا تزال تعتقد أن موقع وذرفيلد يوفر سكنًا “كافيًا وعمليًا” لطالبي اللجوء الذين تلتزم بدعمهم قانونيًا.
وأكدت الوزارة أن وزيرة الداخلية إيفيت كوبر ستتخذ قرارًا بشأن المستقبل المحتمل للموقع في الوقت المناسب.
كما أوضحت أن الإقامة في وذرفيلد تُعرض على أساس عدم الاختيار، أي أن طالبي اللجوء لا يمكنهم رفض الإقامة هناك، ولكن لن يُنقل أي شخص إلى الموقع إذا لم يكن من الممكن تلبية احتياجاته الصحية والنفسية.
مطالبات بإغلاق وذرفيلد نهائيًا
مع تصاعد الضغوط الحقوقية والقانونية، تتزايد المطالبات بإغلاق وذرفيلد والمواقع المشابهة نهائيًا.
ويأمل النشطاء والمحامون أن يدفع هذا الحكم الحكومة إلى تبني سياسات أكثر إنسانية فيما يتعلق بإيواء طالبي اللجوء، خصوصًا الفئات الأكثر ضعفًا مثل ضحايا التعذيب والاتجار بالبشر.
وبينما ينتظر الجميع قرار وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بشأن مستقبل القاعدة، يظل الحكم القضائي بمثابة إدانة صارخة لسياسات وزارة الداخلية السابقة، ويعيد تسليط الضوء على المعاملة القاسية التي يواجهها طالبو اللجوء في بريطانيا.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇