أكبر هيئة يهودية في بريطانيا: لا لاستخدام الغذاء كسلاح ضد سكان غزة

في موقف نادر من نوعه، أصدرت أكبر هيئة تمثيلية لليهود في بريطانيا بيانًا يدين اتخاذ التجويع سلاح حرب في غزة، داعيةً إلى تدفق عاجل ومستمر للمساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر. ويأتي هذا الموقف في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل، بالتزامن مع إعلان الحكومة البريطانية استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية ما لم يُعلن وقف لإطلاق النار بحلول سبتمبر.

تحذير من “استخدام سلاح التجويع” ورفضٌ للتهجير والاستيطان

في اجتماع خاص عُقد الثلاثاء، ناقش “مجلس النوّاب اليهود البريطانيين” الأوضاع في الشرق الأوسط، ويشمل ذلك ما وصفه البيان بـ”الوضع الإنساني المروّع” في قطاع غزة، والإعلان البريطاني الأخير بشأن الاعتراف بدولة فلسطين.

وفي البيان الصادر عقب الاجتماع، دعا رئيس المجلس فيل روزنبرغ إلى زيادة فورية وغير مشروطة في المساعدات، محذرًا من اتخاذ الغذاء سلاح حرب، وأضاف: “قلنا مرارًا، لا يجوز لأي طرف في هذا النزاع أن يتخذ الطعام سلاحًا”.

ورغم تأكيده على تضامن المجلس مع الشعب الإسرائيلي، ندّد روزنبرغ بما اعتبره “خطابًا مروّعًا ومقترحات غير مقبولة” من بعض الوزراء الإسرائيليين، لا سيما دعوات التهجير القسري للفلسطينيين، واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، معتبرًا أنها تتناقض كليًّا مع القيم اليهودية.

انقسام داخلي وصوتٌ يعلو من داخل الجالية

الموقف الأخير للمجلس يأتي بعد شهر فقط من تعليق عضوية خمسة من ممثليه -بينهم نائب رئيس القسم الدولي- بسبب انتقاداتهم العلنية للحرب الإسرائيلية على غزة. وكان 36 عضوًا في المجلس قد وقّعوا في إبريل على رسالة نُشرت في صحيفة فاينانشال تايمز يدينون فيها “تجويع سكان غزة” و”منع إدخال المساعدات”.

وقد وصفت القيادة تلك الرسالة بأنها “تشويه لصورة الجالية”، وأصدرت بحقهم إجراءات تأديبية، وصلت إلى تعليق العضوية رغم تضامن شخصيات إسرائيلية بارزة معهم، بينهم رئيس سابق لجهاز الأمن الداخلي “شين بيت”.

وفي رسالة داخلية قبل الاجتماع الأخير، كتب عدد من الأعضاء إلى قيادة المجلس مؤكدين أن “الصمت في هذه اللحظة أشد ضررًا للجالية اليهودية البريطانية من أي تصريح”، داعين إلى مطالبة الحكومة الإسرائيلية بوقف معاناة الفلسطينيين.

الاعتراف بفلسطين وتداعياته على الجالية البريطانية

تزامن البيان مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن المملكة المتحدة ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، ما لم توافق إسرائيل على وقف لإطلاق النار. ورغم تأكيد مجلس النواب دعمه لحل الدولتين، عبّر عن تحفظه على أي “اعتراف أحادي” لا ينبع من اتفاق دبلوماسي شامل، محذرًا من أن “الرمزية وحدها لا تصنع سلامًا”.

كما أشار روزنبرغ إلى تزايد ما وصفه بـ”خطاب الكراهية والتمييز ضد اليهود في بريطانيا” منذ اندلاع الحرب، معتبرًا أن آثار الحرب لا تقتصر على غزة فحسب، بل تمتد إلى الداخل البريطاني.

إن الموقف الصادر عن مجلس نواب اليهود في بريطانيا، رغم تأخره، يشكّل تحولًا رمزيًّا مهمًّا في المشهد العام، ويكشف عن تصدّع متزايد في الإجماع التقليدي داخل الجاليات اليهودية الغربية بشأن سياسات الاحتلال الإسرائيلي. لكن هذا الصوت، حتى لو بقي ضمن الإطار المؤيد لإسرائيل، يعبّر عن يقظة أخلاقية لا يمكن إنكارها.

تؤكد منصة العرب في بريطانيا أن كل صوت يرفض اتخاذ الغذاء سلاحًا، ويُدين التهجير والتجويع، هو خطوة -ولو متأخرة- في الاتجاه الصحيح. لكن المأساة لا تزال قائمة، والصمت ما زال هو السائد. لقد آن الأوان لأن يُحاسَب الاحتلال على جرائمه، لا أن يُمنَح مهلة جديدة لإعادة ترتيب أوراقه.

المصدر: الميدل إيست اي 

إقرأ أيّضا

نصر قانوني لمنظمة “بال أكشن”: المحكمة العليا توافق على مراجعة حظرها

أوبر تخسر معركتها القضائية بشأن الضرائب في المحكمة العليا البريطانية

ستارمر يعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة وسط دعوات للاعتراف بدولة فلسطين