64% من الأشخاص يواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الصحية

كشف تقرير جديد عن وجود خلل إداري كبير في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في إنجلترا، حيث أظهرت نتائج استطلاع للرأي أن 64% من الأشخاص الذين استخدموا خدمات الهيئة أو رتبوا رعاية صحية لأحد أفراد الأسرة خلال العام الماضي واجهوا مشكلات تتعلق بالإدارة أو التواصل.
ووفقًا للبحث الذي أجرته منظمتا “هالث ووتش إنجلاند” و”ناشونال فويسز” بالتعاون مع مؤسسة “كينغز فاند”، فإن المرضى يعانون من تأخير في الحصول على نتائج الفحوصات الطبية، وتلقّي خطابات المواعيد بعد مرور تاريخها، إضافة إلى الغموض بشأن مواعيد تلقي العلاج، مما يعكس خللًا عميقًا في آلية عمل الهيئة.
أزمات إدارية متفاقمة
وأظهرت نتائج الاستطلاع، الذي شمل 1888 شخصًا بالغًا، أن 32% من المشاركين اضطروا إلى ملاحقة نتائج الفحوصات أو الأشعة أو التصوير بالرنين المغناطيسي بأنفسهم، في حين لم يُبلغ 32% منهم بالمدة الزمنية المتوقعة لانتظارهم قبل تلقي العلاج.
كما أشار 23% من المشاركين إلى أنهم لم يعرفوا الجهة التي يمكنهم التواصل معها أثناء فترة انتظارهم للرعاية الصحية، بينما أفاد 20% بأنهم تلقوا دعوات لحضور مواعيد طبية بعد تاريخ انعقادها.
وفي تعليق على هذه النتائج، قال جاكوب لانت، الرئيس التنفيذي لمنظمة “ناشونال فويسز”، إن “الإجراءات الإدارية تلعب دورًا محوريًا في تجربة المرضى مع الرعاية الصحية، لكن بحثنا يكشف عن أن العديد من المرضى يجدون أنفسهم عالقين في حلقة مفرغة، محاصرين بين رسائل إلكترونية لا تتيح الرد عليها، وعاجزين عن الوصول إلى الأشخاص أو الحصول على الإجابات التي يحتاجونها”.
وأشار التقرير إلى أن الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، ومن ينتمون إلى الأقليات العرقية، والفئات ذات الدخل المنخفض، هم الأكثر تعرضًا لمشكلات إدارية داخل النظام الصحي. ووفقًا للاستطلاع، فإن 75% من الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة واجهوا صعوبات في التعامل مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية، مقارنةً بـ 57% من الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة.
وفي هذا السياق، قالت جوليا كريم، الزميلة السياسية في مؤسسة “كينغز فاند” والمؤلفة المشاركة للتقرير، إن “هذه النتائج تكشف عن الخلل اليومي في عمل هيئة الخدمات الصحية الوطنية، حيث تفشل الهيئة في تلبية احتياجات المواطنين بشكل متكرر، وتسلّط الضوء على الفجوات العميقة في توفير الخدمات الصحية بشكل عادل للجميع”.
وأضافت كريم أن الإخفاقات الإدارية تؤدي إلى زيادة التوتر والقلق بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية، مما يُفاقم من معاناتهم الصحية والنفسية.
عبء إضافي على الأطباء
من جانبها، أكدت الدكتورة فيكتوريا تزورتزيو-براون، نائبة رئيس الكلية الملكية للأطباء العامين، أن هذه المشكلات الإدارية ليست مسؤولية الموظفين الإداريين العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، بل هي انعكاس لنظام يعاني من ضغوط مزمنة ونقص في الكوادر البشرية.
وأوضحت أن “الأطباء العامين وزملاءهم غالبًا ما يجدون أنفسهم مضطرين لمتابعة نتائج الفحوصات المفقودة، ومعالجة المشكلات المتعلقة بالمواعيد الضائعة أو الرسائل المفقودة، مما يزيد الأعباء البيروقراطية في وقت تتصاعد فيه حاجة المرضى إلى الرعاية”.
تأتي هذه النتائج في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الوزراء كير ستارمر أن حكومته تحقق تقدمًا في تقليص قوائم الانتظار في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. ووفقًا للبيانات الرسمية، قُدم 2.2 مليون موعد إضافي للرعاية المخططة – بما في ذلك العلاج الكيميائي والإشعاعي والفحوصات التشخيصية – بين يوليو ونوفمبر من العام الماضي مقارنةً بالفترة نفسها من العام الذي سبقه.
ويعتزم ستارمر تسليط الضوء على هذا الإنجاز خلال ظهوره الإعلامي يوم الاثنين، في إطار سعيه لتأكيد التزام حكومته بتعهّدها الأساسي بإصلاح النظام الصحي. وأشار إلى أن هذه الزيادة في عدد المواعيد تحققت قبل سبعة أشهر من الموعد المخطط له.
مخاوف بشأن سلامة المستشفيات
وفي سياق منفصل، كشف استطلاع آخر أجرته شركة “سافانتا” لصالح الحزب الليبرالي الديمقراطي أن 19% من الأشخاص يعتقدون أن مستشفياتهم المحلية ليست مكانًا آمنًا لتلقي العلاج.
وأوضح الاستطلاع أن 27% من المشاركين يعزون مخاوفهم إلى احتمالية انهيار سقف المبنى، بينما قال 26% إنهم يخشون من انتشار القوارض داخل المستشفيات، وأشار 20% إلى أن تسرب مياه الصرف الصحي أو الفيضانات قد يشكلان خطرًا حقيقيًا.
وفي تعليقها على هذه النتائج، قالت هيلين مورغان، المتحدثة باسم الحزب لشؤون الصحة والرعاية الاجتماعية، “من الصادم أن يشعر هذا العدد الكبير من المرضى بانعدام الثقة في المباني التي يُفترض أن توفر لهم الرعاية، ويخشون أن تنهار عليهم أثناء تلقيهم العلاج”.
وأضافت مورغان: “ينبغي أن يركز المرضى على صحتهم فقط، لا أن يقلقوا بشأن احتمال انهيار سقف المستشفى فوق رؤوسهم”.
أثار التقرير دعوات متزايدة لإجراء إصلاحات جذرية في النظام الإداري لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، وتعزيز الكوادر البشرية وتحديث البنية التحتية الرقمية لضمان تقديم خدمات أكثر كفاءة وعدالة لجميع المواطنين، في وقت تتزايد فيه الضغوط على النظام الصحي البريطاني.
المصدر: الغارديان
الرابط المختصر هنا ⬇