ستارمر يستعد لإطلاق مخطط الهوية الرقمية.. فما أثره على البريطانيين؟

يستعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للكشف عن خطة شاملة لإطلاق نظام هوية رقمية، في خطوة وُصفت بأنها من أكثر السياسات جرأة في ولايته حتى الآن، تهدف إلى تحديث علاقة المواطن بالدولة، ومواجهة ما يصفه بالحوافز التي تشجع الهجرة غير النظامية. ومن المرجح أن يُعلن ستارمر عن المشروع رسميًّا خلال مؤتمر حزب العمال المرتقب هذا الشهر، في محاولة لتجاوز إخفاق مشروع بطاقات الهوية الذي سقط في عهد توني بلير قبل عقدين بعد جدل شعبي واسع.
تؤكد مصادر حكومية أن الخطة المطروحة ستشمل إصدار هوية رقمية موحدة لكل من يملك الحق القانوني للإقامة في البلاد؛ سواء كان مواطنًا بريطانيًا أو مقيمًا يحمل وضعًا قانونيًا. وتهدف هذه الخطوة إلى توحيد آليات التحقق من الهوية في مختلف القطاعات وتقليل الاعتماد على الوثائق الورقية التي طالما سببت بطئًا وبيروقراطية.
وتشير التسريبات إلى أن نجاح الخطة مرهون بـ”شمول الجميع” في النظام الرقمي، وإلا فإن الحكومة ستُضطر إلى إدارة نظامين متوازيين ورقي ورقمي، ما قد يقوض فعالية المشروع.
وزيرة الداخلية شابانا محمود أبدت دعمها الكامل للمشروع، مؤكدة أنه سيساعد في تعزيز إنفاذ قوانين الهجرة وتقليص “عوامل الجذب” التي تدفع المهاجرين غير النظاميين إلى اختيار بريطانيا. أما ستارمر، فقد شدد في حديثه لـBBC على أن البريطانيين باتوا يحملون اليوم أشكالاً متعددة من الهوية الرقمية، وأن الوقت حان لإطار وطني موحّد “يلعب دورًا مهمًّا” في ضبط النظام وتحسين الخدمات.
بين التأييد الشعبي والقلق الحقوقي
استطلاعات الرأي تشير إلى تأييد أكثر من نصف البريطانيين لفكرة الهوية الرقمية، فيما يعارضها نحو خمس المستطلَعين فقط. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة داخل بعض أروقة الحكومة وخارجها؛ إذ يرى منتقدون أن الهوية الرقمية قد تفتح الباب لما يسمونه “زحف الوظائف” (Function Creep)، أي توسع استخدام النظام تدريجيًا ليشمل الصحة والتعليم والشرطة، ما قد يشكل تهديدًا للخصوصية والحريات المدنية.
وزيرة الداخلية السابقة إيفيت كوبر، التي كانت من أشد المعارضين لفكرة البطاقات الشاملة في عهد بلير، تشغل حاليًا منصب وزيرة الخارجية، وأشرفت مؤخرًا على تعميم نظام التأشيرات الإلكترونية لجميع الأجانب في خطوة يعتبرها البعض مقدمة تمهيدية للانتقال إلى الهوية الرقمية الشاملة.
مكاسب محتملة للبريطانيين
- تيسير الوصول للخدمات: من المتوقع أن تقلل الهوية الرقمية من البيروقراطية، وتجعل طلب المساعدات والإيجار والعلاج وحتى التصويت أكثر سلاسة.
- مكافحة الاحتيال: النظام الجديد قد يساعد في الحد من العمل غير القانوني، والتلاعب بالمزايا الاجتماعية، والاحتيال في عقود الإيجار.
- التكامل مع الثورة الرقمية: من المنتظر أن يتكامل النظام مع تطبيق gov.uk والمحفظة الرقمية التي ستسمح بحفظ رخص القيادة وبطاقات المحاربين القدامى على الهواتف الذكية.
مخاطر وتحديات
- تهديد الخصوصية: يخشى خبراء أن يتحول النظام إلى أداة مراقبة واسعة النطاق أو هدف سهل للهجمات الإلكترونية.
- إقصاء الفئات الضعيفة: قد يواجه كبار السن أو من لا يمتلكون هواتف ذكية صعوبة في إثبات هويتهم أو الوصول إلى الخدمات.
- قلق حقوقي: تحذر منظمات المجتمع المدني من أن يصبح التحقق من الهوية شرطًا للحصول على الرعاية الصحية أو الخدمات الأساسية.
- عقبات التنفيذ: فشل المشروع السابق قبل عشرين عامًا بسبب التكلفة ومعارضة الرأي العام، ما يعني أن الحكومة تحتاج إلى شفافية وضمانات قوية هذه المرة لاستعادة الثقة.
من المتوقع أن تكشف الحكومة تفاصيل الخطة في الأسابيع المقبلة، مع احتمال أن يكون مؤتمر حزب العمال منصة الإعلان الأساسية. وتبقى الأسئلة مفتوحة حول إلزامية الهوية الرقمية، وإمكانية توفير بدائل ورقية، وآليات حماية البيانات.
وفيما تصر الحكومة على أن الهدف هو تسهيل حياة المواطنين لا تعقيدها، يبقى نجاح المشروع مرهونًا بقدرتها على الموازنة بين الأمن والخصوصية، وبين تحديث الدولة وحماية الحقوق الأساسية.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇