أوبن إي آي وجوجل ترفضان خطة بريطانيا لحقوق النشر بالذكاء الاصطناعي

أعلنت شركتا الذكاء الاصطناعي العملاقتان “أوبن إي آي” و”غوغل” معارضتهما العلنية للمقترح المفضَّل لدى الحكومة البريطانية بشأن تعديل قوانين حقوق النشر المرتبطة بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وهو ما يُعد صفعة سياسية للحكومة التي تسعى إلى ترسيخ موقع المملكة المتحدة كمركز عالمي لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
الموقف الرافض كُشف عنه ضمن ردود الشركتين على استشارة عامة أُغلقت في فبراير الماضي، وقد طُلبت تلك الردود من قبل لجنة العلوم والابتكار والتكنولوجيا في مجلس العموم، بعدما رفض ممثلو “أوبن إي آي” و”غوغل” المثول أمام البرلمان لتقديم شهاداتهم حول هذا الملف الخلافي.
الاقتراح الحكومي تحت المجهر
تسعى الحكومة البريطانية إلى تعديل قانون حقوق النشر بما يسمح لشركات الذكاء الاصطناعي باستخدام المحتوى المتاح للعامة في تدريب نماذجها لأغراض تجارية، دون الحاجة للحصول على إذن مسبق من أصحاب الحقوق، شرط أن لا يكون أصحاب هذه الحقوق قد “انسحبوا” صراحة من هذا الاستخدام.
ويُفترض أن يترافق هذا التعديل مع إجراءات إضافية للشفافية تفرض على شركات الذكاء الاصطناعي الإفصاح عن مصادر بيانات التدريب وآليات استخدامها. ووفقًا لتقارير صحيفة “بوليتيكو”، فإن الحكومة تعتزم إصدار مراجعات تقنية توضح كيفية تنفيذ هذا الإطار، في محاولة لامتصاص موجة الانتقادات المتزايدة.
في ردها المكتوب، اعتبرت “أوبن إي آي” أن نماذج “الانسحاب” الطوعي التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي واجهت صعوبات كبيرة على مستوى التطبيق، وأن فرض متطلبات شفافية إضافية من شأنه أن يدفع بعض المطورين إلى تقليص اهتمامهم بالسوق البريطانية.
وأضافت الشركة: “تملك المملكة المتحدة فرصة تاريخية لترسيخ نفسها كعاصمة للذكاء الاصطناعي في أوروبا، من خلال تبني سياسات واضحة ومحفزة للابتكار تدفع بالنمو الاقتصادي. ونوصي باعتماد إعفاءات أوسع من قوانين حقوق النشر تُشجّع على تطوير التقنيات بدلًا من عرقلتها”.
غوغل تحذر من تقويض التنافسية

من جهتها، أشارت “غوغل” إلى أن أصحاب الحقوق يملكون بالفعل القدرة على التحكم في ما يُتاح لمحركات البحث من محتوى عبر أدوات الحظر، لكنها رفضت فكرة أن من ينسحب من استخدام محتواه في التدريب ينبغي أن يحصل على تعويض مالي إن وُجد محتواه ضمن بيانات النماذج.
وقالت الشركة: “نؤمن بأن التدريب على المحتوى المفتوح عبر الإنترنت يجب أن يكون متاحًا بشكل مجاني”. كما حذّرت من أن “تشديد متطلبات الشفافية قد يعيق الابتكار ويُضعف من تنافسية المملكة المتحدة على المستوى الدولي”.
ضغوط متصاعدة من الداخل والخارج

ويُذكر أن هذا الجدل يأتي في سياق أوسع من الضغوط المتنامية على الحكومات لوضع أطر قانونية تحكم العلاقة بين التكنولوجيا الحديثة وحقوق الملكية الفكرية. ففي الشهر الماضي، دعت “غوغل” و”أوبن إي آي” الإدارة الأميركية إلى الوقوف في وجه محاولات حكومات أجنبية فرض قيود مشددة تتعلق بحقوق النشر والشفافية، وذلك في إطار مساهمتهما بخطة العمل الأميركية بشأن الذكاء الاصطناعي.
وبحسب وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا البريطانية، فقد استُقبل أكثر من 11ألف رد خلال فترة الاستشارة العامة. وصرّح متحدث باسم الوزارة لصحيفة “بوليتيكو” بأن القرار النهائي لا يزال قيد المراجعة، مؤكدًا أن الحكومة “تواصل دراسة الردود بعناية، وتُجري مشاورات مع شركات التكنولوجيا والقطاعات الإبداعية والبرلمان لصياغة نهج متوازن وشامل”.
وأضاف المتحدث: “حرصنا واضح على عدم إقرار أي تعديلات قبل أن نكون واثقين تمامًا من امتلاكنا خطة عملية تحقق أهدافنا الاستراتيجية كافة، من دعم الابتكار إلى حماية الحقوق الفكرية”.
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن الحكومة البريطانية ستواجه معركة معقّدة بين طموحها في ريادة الذكاء الاصطناعي، وواجبها في حماية منظومة الحقوق الفكرية التي تُعد حجر الأساس في الصناعات الإبداعية البريطانية.
المصدر: بوليتيكو
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇