خطوات بسيطة للتوقف عن إضاعة الوقت أثناء ساعات العمل

لأن الوقت من ذهب، فإنه يُعَد من رؤوس أموال الإنسان التي ينبغي له الحفاظ عليها واستثمارها بشكل جيد. ولأن إدراك قيمته يعني النجاح في الحياة فمن الواجب معرفة المشتتات التي تؤدي إلى إضاعة الوقت وبخاصة أثناء ساعات العمل.
وفي ظل نمط العمل الجديد، نواجه مفارقة في استخدام التكنولوجيا التي تُسهِّل علينا كثيرًا من المهمات الوظيفية من جهة، وتؤثر في إنتاجية الموظف من جهة أخرى؛ لأنها أحد المشتتات الشائعة في بيئة العمل، من إجراء المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني إلى الاجتماعات التي لا طائل منها.
إضاعة الوقت وتأثيرها على الإنتاجية في العمل
منذ عام 2008 زادت الإنتاجية البريطانية بنسبة 0.5 في المئة سنويًّا، مقارنة بمتوسط 2.3 في المئة سنويًّا بين عامي 1974 و2008. هذا وتأتي بريطانيا خلف الدول المنافسة لها مثل فرنسا. ومع أن الأفراد لا يستطيعون حل المشكلات الهيكلية للاقتصاد، فإن هناك بعض الأساليب لمساعدة الشركات والأفراد على العمل بشكل أفضل يومًا بعد يوم.
بالنسبة إلى كثير من الشركات، تستهلك الاجتماعات أوقاتًا كبيرة لتنظيمها وحضورها. وفي هذا السياق يرى بول هولبروك مؤلف كتاب “What Are You Doing? The Uncomfortable Truth About how you Waste Time at Work”، ومؤسس شركة (Diary Detox)، وهي شركة تساعد المؤسسات على تقليص مدة الركود، بعد 20 عامًا من العمل أن الوقت يضيع بشكل مخيف في الشركات، ويشرح ذلك قائلًا:
“لقد أحزنني جدًّا أن أجد الموظفين يتذرعون بضيق الوقت لفعل ما أريده منهم. وعندما طفح الكيل طلبت من أحد الموظفين لدي أن يكتب لي عن وظيفته، فاتضح أن 40 في المئة من وقته أنفقه في أمور لم أطلبها منه، ولكنه أقنع نفسه بأنه بحاجة إلى فعلها!”.
وجد هولبروك أن نحو 20 في المئة من الوقت يذهب سدى، ما يعني عدم إضافة قيمة واضحة. وتشمل الأمثلة الشائعة لإضاعة الوقت الاجتماعات المتكررة، حيث أصبح حضورها عادة راسخة، أو قراءة رسائل البريد الإلكتروني التي ليست أساسية ومهمة لدور الموظف، أو المقاطعة بطرح الأسئلة دون مسوغ. ويقول بهذا الصدد: أول شيء يجب فعله هو تحديد الأشياء غير النافعة التي تهدر الوقت.
هولبروك ليس الوحيد الذي لا يرى فائدة في عقد الاجتماعات؛ ففي السنوات الأولى من تأسيس أمازون، حث جيف بيزوس على “قاعدة قطعتين من البيتزا” (The 2 pizza rule)، وهي مبدأ توجيهي لتحديد عدد الحضور الذين يجب دعوتهم لحضور الاجتماع، حيث يجب أن يكون كل اجتماع صغيرًا بما يكفي لإطعام الحاضرين قطعتين من البيتزا بحجم كبير.
يساعد هذا في الحفاظ على الأوقات وجعل الأمور تسير كما ينبغي بطريقة ذكية وحكيمة حتى في الشركات التي تشهد نموًّا سريعًا. كما منع عروض (Powerpoint)، ونصح بدلًا من ذلك بإعداد مذكرة بجمل واقعية وليس مجرد نقاط لقراءتها ومناقشتها. ووجدت دراسات أخرى أن الاجتماعات يمكن أن تقلل الإنتاجية؛ لأن الموظفين يخشون من التأخير، وتؤدي حتى إلى خفض معدل ذكاء المشاركين الذين لم يعودوا مضطرين إلى التفكير بأنفسهم.
ويضيف بيزوس: إن الجائحة أدت إلى تسريع المشكلات الحالية في إدارة اليوميات، ولا سيما بعد انتشار نمط العمل من المنزل، ما يعني أن ضياع الوقت في التنقل ليس سببًا وجيهًا لنقص الانتاجية، بل تكمن المشكلة في كيفية إدارة الوقت.
تقليص أيام العمل في الأسبوع
نقطة أخرى تمنع إضاعة 20 في المئة من الأوقات، هي إمكانية تقليص أيام العمل في الأسبوع إلى أربعة أيام، وهي فكرة جُربت في دراسة استمرت ستة أشهر العام الماضي، حيث أبلغ 95 في المئة من الشركات المشاركة في الدراسة أن الإنتاجية بقيت على حالها أو أنها تحسنت عندما تحولت إلى نظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع. وقال عدد من الشركات أيضًا: إن الاجتماعات عدو الإنتاجية، وحثت الموظفين على أن يفكروا جيدًا بشأن حضورها أو مغادرتها، وخصوصًا إن لم يكن حضورهم سيكون له تأثير مهم أو إسهام بارز.
من جهة أخرى أمضى عالم النفس الدكتور دانيال ليفيتين عقودًا في دراسة الطرق التي يمكن للموظفين من خلالها زيادة إنتاجيتهم إلى أقصى حد ممكن في مواجهة التحديات المتفاقمة باستمرار.
ويقول ليفيتين مؤلف كتاب (The Organized Mind: Thinking Straight in the Age of Information Overload): أدت المشتتات الرقمية إلى الحد من انتباهنا وتركيزنا. فمتى كانت آخر مرة أمضى فيها شباب اليوم ساعتين في قراءة كتاب؟! الجيل الحالي معروف بقلة انتباهه وتركيزه، وهذا عكس ما تتطلبه الحياة من التفكير الهادئ والمنهجي.
هذا ويحذر ليفيتين من أن العالم الحديث يعرضنا لمشكلة الصعوبة في اتخاذ القرار، حيث تستنفد القرارات الصغيرة التي نواجهها طوال اليوم قدرتنا على اتخاذ القرارات الكبيرة. ويضيف: صنع القرار هو مورد محدود السعة، فلا يمكنك اتخاذ عدد غير محدود من القرارات في اليوم دون استنزاف المدخلات البيولوجية، مثل الجلوكوز الذي تحتاج إليه الخلايا العصبية للتفكير، وكل قرار يستنفد مخزونك قليلًا.
وقد ذكر مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة ميتا (Meta)، أمرًا مشابهًا في عام 2014 عندما سُئل عن سبب ارتدائه الملابس نفسها طوال اليوم. وقال باراك أوباما أيضًا: إن ارتداء “الزي الرسمي” يحرر القوة الذهنية لاتخاذ قرارات بشأن السياسة الخارجية أو الاقتصاد.
كتابة قائمة المهمات الخاصة يدويًّا
ينصح ليفيتين بوضع أنظمة للمساعدة في تقليل القرارات الزائدة، كالاحتفاظ بالمفاتيح والمحفظة وكل ما تحتاج إليه في يومك في مكان واحد. وأما في العمل فيقترح استخدام قائمة مهمات مكتوبة بخط اليد؛ لأن الكتابة تستلزم عمل خلايا عصبية أكثر، فضلًا عن أنها تساعدك على منع تعدد المهمات، وتساعد كذلك على تفادي الأخطاء من جهة، وتذكر المهمات بسهولة بدلًا من إبقائها حبيسة الذهن فقط.
ومن طرق إزالة المشتتات أيضًا وضع الهاتف بعيدًا عنك أثناء العمل، وإيقاف تشغيل الإشعارات، مع وضع هاتفك على الصامت إن تطلَّب الأمر ذلك. هذا وتوجد تطبيقات مخصصة لمنع إضاعة الوقت. أضف إلى كل ما سبق أنه يجب على الفرد تعزيز شعوره بالمسؤولية تجاه التزاماته المهنية.
اقرأ أيضًا:
البرلمان البريطاني يناقش تقليص أيام العمل الأسبوعية لـ 4 أيام
كيف تعزز طاقتك وتتوقف عن الشعور بالتعب طوال الوقت؟
لماذا يغادر الآلاف سوق العمل وسط أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا؟
الرابط المختصر هنا ⬇