العرب في بريطانيا | لماذا يغادر الآلاف سوق العمل وسط أزمة غلاء الأس...

1445 شوال 9 | 18 أبريل 2024

لماذا يغادر الآلاف سوق العمل وسط أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا؟

أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا
فريق التحرير December 5, 2022

في الوقت التي تشهد فيه المؤسسات والشركات صعوبة في سد المناصب الشاغرة، يغادر آلاف الموظفين سوق العمل في ظل أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا.

ومع أن البطالة كانت تقترب من أدنى مستوياتها منذ منتصف السبعينيات، فإن أعدادًا متزايدة من العمال تترك سوق العمل بالكامل.

ويُعَد ارتفاع الخمول الاقتصادي -حيث يكون البالغون في سن العمل دون عمل ولا يبحثون عن وظيفة- أحد التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد، وخصوصًا أن بريطانيا تواجه تهديدات مزدوجة، وهي: التضخم وضعف النمو الاقتصادي، وكلاهما يتأثر بخروج أكثر من 600 ألف عامل من سوق العمل منذ جائحة كورونا.

 

أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا تهدد سوق العمل

people doing office works
أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا وعزوف البريطانيين عن العمل (آنسبلاش)

 

بلغ عدد الأشخاص الذين تركوا العمل ودخلوا مرحلة البطالة في أحدث أرقام مكتب الإحصاء الوطني أقل من ربع مليون شخص لأول مرة على الإطلاق وفقًا لخبراء معهد دراسات التوظيف، كما أن أكثر من نصف مليون شخص تركوا العمل ودخلوا في الخمول الاقتصادي، ما يعني أنهم لا يعملون ولا يبحثون عن عمل في نفس الوقت.

هذا ويوجد الآن أكثر من 9 ملايين شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عامًا خارج سوق العمل، منهم الطلاب، ومن يعانون من ظروف صحية طويلة الأمد، والمتقاعدون في سن مبكرة، ومقدمو الرعاية للأطفال الصغار أو الأقارب المسنين.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن جميع الاقتصادات المتقدمة الأخرى نجحت في إعادة التوظيف إلى مستويات ما قبل الوباء، إلا أن بريطانيا -مع أنها من دول العالم الأول- شهدت انخفاضًا كبيرًا في القوى العاملة بشكل حيَّر كبار المختصين، ولا سيما في ظل زيادات الأجور وأزمة غلاء المعيشة التي من شأنها أن تدفع مزيدًا من الناس نحو سوق العمل.

إذا كان الناس لا يعملون، فكيف يمكنهم التعامل مع أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا؟!

 

أسباب عزوف البريطانيين عن العمل

shallow focus photography of man in suit jacket's back
أزمة ارتفاع الأسعار في بريطانيا (آنسبلاش)

 

بحثًا عن بعض الإجابات، بدأت الحكومة البريطانية تحقيقًا، في حين يحاول الاقتصاديون في جميع أنحاء العالم الإجابة عن السؤال نفسه. كما يخشى قادة الأعمال من أن ريشي سوناك لم يدرك حتى الآن خطورة الوضع.

أحد الدوافع الرئيسة التي حددها الاقتصاديون هو تدهور الخدمات العامة في بريطانيا. وغالبًا ما يُستشهد بقوائم الانتظار الطويلة في المستشفيات الحكومية، ونقص الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة ولمن يعانون من ظروف صحية، إضافة إلى أعراض كورونا الطويلة الأمد. ومن النقاط التي يرددها البريطانيون كثيرًا: الافتقار إلى الرعاية والدعم المناسبين لأقارب المسنين، أو تعنُّت أرباب العمل ورفضهم توفير المرونة في بيئة العمل. (harveymaria.com)

يُذكَر أنه حتى الآن سُجل أكثر من 2.5 مليون شخص في سن العمل في فئة المرضى منذ فترة الجائحة. ولأول مرة منذ الثورة الصناعية، انقلبت الظروف الصحية التي تساعد أساسًا على نمو حجم القوى العاملة رأسًا على عقب، وفقًا لكبير الاقتصاديين السابق في بنك إنجلترا آندي هالدين. ويعود ذلك جزئيًّا إلى تراجع الخدمات العامة المستمر بعد 12 عامًا من تولي حزب المحافظين قيادة البلاد، وهو الذي يؤمن بأن تقليص خدمات الدولة يعود بالخير دائمًا على الاقتصاد!

 

person holding pencil near laptop computer
التضخم وغلاء الأسعار في بريطانيا (آنسبلاش)

 

من جهة أخرى قد يشير التقاعد المبكر إلى أن عددًا متزايدًا ممن تزيد أعمارهم على 50 عامًا يشعرون بالأمان المالي الكافي لترك العمل. وبعد سنوات من نمو أسعار المنازل السريع فإن الانسحاب من سوق العمل أمر منطقي تمامًا بالنسبة إلى المحظوظين بما يكفي لدفع الرهن العقاري.

وتُظهِر استطلاعات مكتب الإحصاء الوطني أن معظم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عامًا وتركوا العمل منذ الوباء يمتلكون منازلهم ومن المرجح أن ذمتهم بريئة من الديون، وفي العادة تكون الأماكن التي ترتفع فيها معدلات الخمول الاقتصادي أكثر ثراءً مثلما هو الحال في تشيتشيستر -غرب ساسكس- وأجزاء من ديفون وساري في نهاية عام 2019. وكانت المعدلات كبيرة أيضًا في أماكن مثل بريستون ومانسفيلد حيث سُجِّلت فيها نسبة شيخوخة مماثلة ولكنها أقل ثراءً.

 

red and black abstract art
الجائحة وراء تغيير نمط العمل رغم أزمة غلاء الأسعار في بريطانيا (آنسبلاش)

 

ربما جاءت الجائحة لتجعلنا نعيد تقييمنا لحياتنا العملية. وعلى ضوء ذلك قال مكتب الإحصاء الوطني: إن من المرجح أن يفكر من لا تتجاوز أعمارهم 50 عامًا في خيار العودة إلى العمل أو التقاعد المبكر، علمًا أنهم أصبحوا يُفضِّلون العمل لساعات أكثر مرونة، وأجرًا جيدًا مع القدرة على العمل من المنزل.

هذا ويشير بعض المعلقين إلى أن الرفاهية كان لها دور بارز في هذا الأمر، حيث سلط (Spectator) الضوء على أن أكثر من 5.2 مليون شخص يتلقون معونات تصل إلى 400 باوند شهريًّا خارج العمل، ما يعني أن تقليص هذه المعونات أو وضع شروط أكثر صرامة للحصول عليها يمكن أن يعالج نقص العمال في بريطانيا، علمًا أن 3.3 مليون من هؤلاء المستفيدين مسجلون إما ضمن معونات العجز، أو “ليس لديهم أهلية للعمل” بموجب نظام معونة اليونيفرسال كريديت.

وحتى بعد إعلان الحكومة عن زيادة الفوائد بحسَب معدل التضخم بنسبة تفوق 10 في المئة اعتبارًا من إبريل، سيظل المعدل الأساسي عند أدنى مستوياته بالقيمة الحقيقية 40 عامًا. وهذا بالكاد يعالج مستويات العوز عند بعض البالغين، وفقًا لمؤسسة جوزيف راونتري الخيرية المختصة بقضايا الفقر في بريطانيا.

يمثل نقص العمال مشكلة كبيرة لاقتصاد بريطانيا؛ ففي السنوات العشر الماضية حتى الجائحة، استفادت البلاد من زيادة مشاركة القوى العاملة التي تدعم النمو، في وقت استقرت فيه عائدات الإنتاجية. والآن ودون نمو في القوى العاملة أو تحسينات كافية في الإنتاجية، فإن بريطانيا عالقة في دورة نمو منخفض.

وعلى ضوء ذلك سيحتاج أرباب العمل إلى بذل مزيد من الجهود لجذب الناس واستقطابهم إلى العمل، ولا يتأتَّى ذلك إلا عن طريق زيادات الأجور وظروف العمل الجيدة والمرنة. ويجب على الحكومة أيضًا أن تؤدي دورها على أكمل وجه من خلال فتح المجال لمزيد من الاستثمارات في التدريب ودعم التوظيف وتحسين الخدمات العامة.

 

 

المصدر: الغارديان 


 

اقرأ المزيد:

تفاصيل نظام الهجرة إلى بريطانيا القائم على النقاط

ما هي برامج التدريب المنتهي بالتوظيف في بريطانيا وطرق التقديم؟

الصحة البريطانية تواجه أكبر أزمة توظيف للكادر الطبي في تاريخها