تقرير: قوانين تأشيرة العائلة تترك أثرًا مدمرًا على الأسر البريطانية
بينما تتحدث الحكومة البريطانية عن دعم “القيم الأسرية”، تكشف تقارير حديثة عن سياسة تُفكّك الأسر بدل أن تجمعها. فالقواعد الحالية الخاصة بتأشيرات العائلة، وعلى رأسها شرط الحد الأدنى للدخل (MIR)، تدفع مئات المواطنين البريطانيين إلى مواجهة اختيارات قاسية: إما فراق شريك حياتهم أو مغادرة البلاد للتمكّن من العيش مع من يحبون. في قلب هذه الأزمة، تقف شهادات شخصية وقانونية توثق الأثر النفسي والإنساني العميق لهذه السياسات.
حاجز قانوني يُقصي ويُفرّق
أشارت تقارير جديدة صادرة عن مؤسستي Reunite Families UK وCoram إلى أن القواعد المفروضة على تأشيرات العائلة تُلحق “ضررًا نفسيًا وعاطفيًا بالغًا” بالأسر، خاصة تلك التي لا تتمكن من استيفاء شروط الدخل، والتي تبلغ حاليًا 29,000 باوند سنويًا، مع خطط لزيادتها مستقبلًا إلى 38,700 باوند لتتوافق مع مستوى العمال المهرة.
هذه السياسة تمنع آلاف الأزواج من الاجتماع في بريطانيا، خاصة حين لا يُحتسب دخل الشريك غير البريطاني في الطلب، حتى وإن كان يعمل بكامل طاقته. ديفيد تود، مواطن بريطاني ينتظر مولودًا من زوجته الأمريكية، عبّر عن شعوره بـ”العجز التام” ووصف وضعه بـ”المواطن من الدرجة الثانية”، فقط لأن دخل زوجته يُستثنى من الحساب.
تحذر التقارير من أن السياسات الحالية لا تضر بالأزواج فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى فصل الأطفال عن أحد والديهم لفترات طويلة، ما يخلق أزمات نفسية قد تمتد لسنوات. كما سلّطت التقارير الضوء على طبيعة القوانين التي تؤثر بشكل غير متكافئ على مجموعات بعينها، لا سيما النساء، وأصحاب الدخل المنخفض، والمواطنين من أصول مهاجرة.
اللجنة الاستشارية للهجرة (Migration Advisory Committee) حذّرت مؤخرًا من رفع الحد الأدنى للدخل إلى 38,700 باوند، معتبرة أن هذه الخطوة قد تضع آلاف المواطنين خارج نطاق التأهل لتجميع أسرهم. التقرير وصف هذا التوجه بأنه “غير عادل، وغير ضروري من الناحية الاقتصادية”، مؤكدًا أن الغالبية المتضررة ليسوا مهاجرين جددًا، بل مواطنين بريطانيين يسعون فقط للعيش مع أزواجهم وأطفالهم.
مطالب بإصلاح جذري للسياسات العائلية
دعت الجمعيات الحقوقية الحكومة إلى مراجعة فورية وشاملة للسياسات الحالية، من خلال:
- إلغاء شرط الحد الأدنى للدخل أو تخفيفه إلى مستويات أكثر عدالة.
- السماح باحتساب دخل الشريك الأجنبي.
- تبسيط إجراءات تقديم الطلبات وتقليل الكلفة المالية والإدارية المصاحبة.
وترى هذه الجهات أن استمرار النظام الحالي يعني تحويل الروابط الأسرية إلى “امتياز مشروط”، بدل أن تكون حقًا أساسيًا مكفولًا بموجب القانون الدولي وميثاق حقوق الإنسان.
خاتمة وموقف منصة العرب في بريطانيا:
تجعل السياسات الحالية من الحق في الحياة الأسرية أمرًا مرهونًا بالقدرة المالية، وهو ما يُفرّغ المواطنة من معناها ويضرب مبدأ العدالة الاجتماعية في صميمه. حين يُجبر المواطن البريطاني على الاختيار بين وطنه وعائلته، فإن المشكلة لم تعد إدارية، بل أصبحت سياسية وأخلاقية.
نحن في منصة العرب في بريطانيا نؤكد أن الحفاظ على وحدة الأسرة يجب أن يتقدّم على الاعتبارات البيروقراطية، وأن حقوق الإنسان لا تُقاس بعدد الباوندات. العدالة تبدأ من البيت… فلا تتركوا البيوت ممزقة باسم الأمن أو الأرقام.
المصدر اندبندنت
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇