تقرير: ارتفاع عبور القوارب إلى بريطانيا في النصف الأول من 2025

كشفت بيانات حكومية بريطانية حديثة عن ارتفاع قياسي في عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة عبر القوارب الصغيرة خلال النصف الأول من عام 2025، حيث بلغ عددهم 19,982 شخصًا منذ بداية يناير وحتى نهاية يونيو، في أعلى حصيلة تُسجَّل خلال هذه الفترة من أي عام مضى.
ويُمثّل هذا الرقم ارتفاعًا كبيرًا مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، التي شهدت وصول 13,489 شخصًا، كما تجاوز الرقم المسجل في النصف الأول من عام 2022 البالغ 12,750 شخصًا.
تحدٍّ جسيم أمام حكومة ستارمر
وتضع هذه الأرقام رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أمام عقبة كبيرة، ولا سيما أنه كان قد وعد في حملته الانتخابية بخفض معدلات الهجرة “غير النظامية” إلى البلاد، و”تفكيك العصابات” التي تتولى تهريب المهاجرين عبر القنال الإنجليزي.
ويستند ستارمر في خطابه إلى خبرته السابقة في النيابة العامة، حيث تعامل مع ملفات الإرهاب والجريمة المنظمة، معتبرًا أن تلك التجربة تؤهله لحل مشكلة الهجرة “غير النظامية” بأسلوب أكثر حزمًا وفعالية.
وفي إطار محاولاته لاحتواء الأزمة، يعمل ستارمر على إبرام اتفاق تجريبي مع فرنسا ينصّ على إعادة بعض الوافدين عبر القوارب مقابل استقبال بريطانيا لاجئين من فرنسا، ممن لديهم ملفات معترف بها في إطار لمّ الشمل الأسري.
في الوقت ذاته، يواجه رئيس الوزراء ضغوطًا داخلية متزايدة، مع استعداد عشرات النواب للتمرد على خططه لإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية، وهو ما يُعزّز حالة القلق بشأن تماسك الحكومة في مواجهة هذه الملفات المعقدة.
وكان ستارمر قد تعهّد سابقًا بإنهاء استخدام الفنادق لإيواء طالبي اللجوء بحلول نهاية الدورة البرلمانية، علمًا أن عدد المقيمين في الفنادق حتى مارس 2025 بلغ نحو 32,345 شخصًا، بعد أن سجّل ذروته في سبتمبر 2023 عند 56,042 شخصًا.
خصوم سياسيون يُصعّدون انتقاداتهم
هذا وشنّت المعارضة اليمينية، وبخاصة حزب الإصلاح اليميني المتطرف بقيادة نايجل فاراج، هجومًا حادًّا على الحكومة، معتبرةً أن ارتفاع أعداد الوافدين يعكس إخفاقًا ذريعًا في إدارة ملف الهجرة.
وقال وزير الداخلية في حكومة الظل كريس فيلب:
“مرّ عام على حكومة العمال، ولم تتوقف القوارب بل تضاعفت. هذا هو أسوأ عام على الإطلاق، لقد أصبحت الحدود بلا ضوابط”.
وأضاف: “الحل الوحيد هو الترحيل خارج أوروبا لكل من يدخل البلاد بصفة غير قانونية، حينها فقط سيتوقف هذا التدفق”.
أغلب الوافدين عبر القوارب رجال!
وتشير بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى أن نحو 75 في المئة من الوافدين عبر القوارب هم رجال، أما الأطفال فيُشكّلون 14 في المئة تقريبًا. واستغلّت بعض الجهات السياسية اليمينية هذه الأرقام لتقديم صورة نمطية عن الوافدين على أنهم “رجال في سن القتال”.
لكن مرصد الهجرة في جامعة أوكسفورد أوضح أن هذه الظاهرة ليست جديدة؛ ففي الغالب يُهاجر الرجال أولًا، ثم يليهم أفراد الأسرة لاحقًا ضمن برامج لمّ الشمل.
وتشير الأرقام إلى أن ثلث طالبي اللجوء في المملكة المتحدة تقريبًا وصلوا عبر القوارب الصغيرة، في حين أن 40 في المئة منهم كانوا قد دخلوا البلاد بتأشيرات عمل أو دراسة أو زيارة، قبل أن يتقدموا بطلب لجوء.
وتُظهر البيانات أن أعلى عدد من الوافدين حتى مارس 2025 جاء من أفغانستان، تليها سوريا، وإريتريا، وإيران والسودان. وقد شهد العام الجاري ارتفاعًا ملحوظًا في عدد القادمين من إريتريا، التي تواجه توترًا سياسيًّا وتخوفات من اندلاع نزاع كبير في المنطقة.
رأي منصة العرب في بريطانيا
ترى منصة العرب في بريطانيا أن هذه الأرقام تعكس تعقيدات إنسانية وسياسية يجب ألا تُختزَل في لغة الأرقام فقط، منبهةً إلى ضرورة الفصل بين قضايا اللجوء الإنساني والخطاب الأمني والسياسي الذي يسعى لتسييس معاناة الفارين من النزاعات والاضطهاد.
وتدعو المنصة إلى اتباع مقاربة عادلة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار حق الحماية الدولية للاجئين، مع ضمان أمن الحدود والنظام العام. كما توصي العرب في بريطانيا بالبقاء على اطلاع دائم على التغييرات في السياسات الحكومية، واستشارة محامين مختصين في الهجرة في حال التقدّم بطلبات لجوء أو لمّ شمل عائلي، ولا سيما في ظل ما تشهده البلاد من تحولات سريعة في هذا الملف الحسّاس.
المصدر: الفاينانشال تايمز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇