الغارديان: تفوق المغرب في كأس العالم يغير الصور النمطية للعرب والمسلمين
“أحبك يا أمي” هذه العبارة التي كتبها اللاعب المغربي أشرف حكيمي تحت صورة على إنستغرام لوالدته سعيدة موح، وهي تُقبِّل خده بعد ركلة جزاء حاسمة ضد إسبانيا في مباراة دور الستة عشر، ستكون إحدى صور تألق المغرب في كأس العالم بقطر التي ستبقى محفورة في الذاكرة.
ومثل العديد من أمهات أسود الأطلس، دعمت سعيدة موح طموحات ابنها الكروية عن طريق عملها في الخدمة المنزلية، بينما كان زوجها يعمل بائعًا جوَّالًا في مدريد. وفي مقابلة مع (Bundesliga.com) قال حكيمي: إنه سيبذل كل ما في وسعه لخدمة والديه؛ لأنهما ضحَّيا كثيرًا من أجله.
تألق المغرب في كأس العالم وتغيير الصورة النمطية للمسلمين
في ظل غياب المنتخبات العربية والإفريقية عن كأس العالم، أصبحت صور حكيمي ومقاطع الفيديو للمهاجم سفيان بوفال وهو يرقص مع والدته ويعدّل لها الحجاب ترندًا بعد فوز أسود الأطلس على البرتغال في مباراة ربع النهائي يوم السبت، وها هي الآن تصبح رمزًا مهمًّا لمكانة الأمهات ودَورهن في الثقافة العربية، وبخاصة أن الإسلام أمر ببِر الوالدين وربطه بدخول الجنة.
وعلى ضوء ذلك قالت لينا دوكي، وهي لبنانية كندية وأم لطفلة رياضية تبلغ من العمر عشر سنوات: هذه اللفتة الجميلة من اللاعبين المغاربة ترسل رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن الأمهات المسلمات العربيات موجودات هناك في قلب الملاعب.
تُعَد مكانة الأم في الإسلام جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المغربية والإسلامية عمومًا. وفي هذا السياق قال أحد المشجعين المغاربة: إن بركة الوالدين أو ما يُعرَف بـ”رضاية الوالدين” باللهجة المغربية أمر مقدس للغاية في المجتمع المغربي، على غرار جميع المجتمعات العربية والمسلمة.
وفي جميع العواصم الأوروبية، وفي طريق إدجوير (Edgware Road) وطريق جولبورن (Golborne Road) بلندن، خرج أفراد الجاليات العربية والإفريقية المسلمة إلى الشوارع؛ احتفالًا بفوز المغرب التاريخي بوصفه أول فريق عربي وإفريقي يصل إلى نصف النهائي في بطولة كأس العالم.
ومن بين تشكيلة المغرب المكونة من 26 لاعبًا، وُلِد 12 لاعبًا فقط في المغرب، في حين وُلِد البقية في أوروبا وكندا بحسَب إحصائيات الفيفا.
وقد أدى تألق المغرب في كأس العالم إلى تغيير الصورة النمطية للإسلام والذكورة في المجتمعات المسلمة، وكذلك الصورة النمطية التي ترى احتكار كرة القدم في أوروبا وأمريكا الجنوبية. وعلى الرغم من غياب فلسطين عن بطولة كأس العالم الأولى في الشرق الأوسط، فإن العلم الفلسطيني رفرف عاليًا داخل الملاعب وخارجها؛ تأييدًا للقضية الفلسطينية ومعارضةً للاحتلال الإسرائيلي الذي وصفته منظمة العفو الدولية بالعنصري.
وانتشرت مقاطع فيديو لمشجعين عرب وإنجليز خارج الملاعب يهتفون: “فيفا فلسطين”، ويرفضون إجراء المقابلات مع الصحفيين الإسرائيليين، في حين انتشر مشجعو أسود الأطلس الفلسطينيون في شوارع الضفة الغربية المحتلة والقدس وقطاع غزة؛ احتفالًا بفوزهم الكبير.
وبهذا الصدد قالت الباحثة الفلسطينية ملاكة شويخ التي شاهدت كأس العالم أول مرة في اسكتلندا مع والديها من قطاع غزة: رؤية الوحدة والتضامن بين الفلسطينيين الذين ركضوا إلى الشوارع حاملين الأعلام المغربية في فلسطين أو في ديار الغربة، ورؤية الفريق المغربي وأنصارهم يُلوِّحون أيضًا بالأعلام الفلسطينية، أمر جميل جدًّا ولن أنساه ما حَيِيت.
بناء استراتيجية داعمة لمعنويات اللاعبين
كانت فكرة السماح لأفراد عائلات لاعبي المنتخب المغربي بالسفر بصحبة أبنائهم إلى الدوحة من بنات أفكار مدرب الفريق وليد الركراكي ورئيس الاتحاد المَلكي المغربي لكرة القدم فوزي لقجة.
ومع أن استراتيجية دعم المعنويات (morale‑building) كانت مثمرة، فقد قالت أحلام شملالي باحثة الهجرة في القسم المغربي الدانماركي في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية: إن صور بوفال وحكيمي وغيرهما من لاعبي كرة القدم المغاربة الذين يحتفلون مع أمهاتهم أشارت أيضًا إلى أنظمة حدودية معادية وعدم المساواة في نظام التأشيرات في الغرب. وأوضحت ذلك قائلة: لو نُظِّمت بطولة كأس العالم في بلد غربي، فلربما لم يكن لدى اللاعبين الفرصة نفسها للحصول على دعم أمهاتهم اللاتي سيجدن حتمًا صعوبة في الحصول على التأشيرات وإجراءات السفر الأخرى.
هذا وكان ظهور النساء المسلمات وذوات البشرة الملونة في مدرجات كرة القدم في كأس العالم في قطر جليًّا ومفاجئًا لبعض المشجعين؛ لأنها أول بطولة تُقام في الشرق الأوسط، حيث قال المشجعون: إن الجماهير في الدوحة مختلفة تمامًا عما عهِدوه في السابق، في صورة تنقل الشغف بكرة القدم الذي لا يقتصر على الغرب والأندية الأوروبية أو الأمريكية فقط.
اقرأ المزيد:
المغرب وفرنسا.. أهم المعلومات قبيل معركة نصف نهائي كأس العالم
مباراة المغرب وفرنسا.. مجرد وجهة نظر
الجماهير المغربية تحتشد في ساحات لندن احتفالا بالإنجاز التاريخي
الرابط المختصر هنا ⬇