تصاعد العنصرية يقلص أعداد الممرضين الوافدين إلى بريطانيا
يشهد القطاع الصحي في بريطانيا تحولًا مقلقًا مع تراجع كبير في أعداد الممرضين والممرضات الوافدين من الخارج، وهي فئة اعتمدت عليها «هيئة الخدمات الصحية الوطنية» (NHS) لعقود لسد فجوات التوظيف. وتشير بيانات جديدة نشرتها صحيفة الجارديان إلى أن هذا التراجع يرتبط بتصاعد العنصرية وتغيّر قواعد الهجرة، ما ينذر بتداعيات مباشرة على الخدمات الصحية وقدرة المستشفيات على تلبية الطلب المتزايد.
انخفاض حاد في أعداد الممرضين الوافدين
أظهرت بيانات مجلس التمريض والقبالة أن الفترة من نيسان/إبريل إلى أيلول/سبتمبر سجّلت انضمام 6,321 ممرضًا وممرضة فقط من الخارج، مقارنة بـ12,534 خلال الفترة نفسها من عام 2024، ما يعني أن العدد انخفض إلى النصف تقريبًا خلال عام واحد.
كما تُظهر البيانات مغادرة مزيد من الكوادر الدولية بريطانيا، في وقت يعاني فيه قطاع الصحة أصلًا من نقص حاد في الموظفين.
ضغط إضافي على الخدمات الصحية
تحذر الهيئات الطبية من أن هذا الانخفاض سيعمّق أزمة التوظيف داخل القطاع الصحي.
وتقول الخبيرة الصحية سوزي بيلي: إن “التراجع الحاد في التوظيف الدولي يجب أن يكون جرس إنذار للسياسيين وقادة الرعاية الصحية”.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الأطباء المتدربين في الخارج يغادرون بريطانيا بأعداد قياسية، فيما تباطأت موجة انضمامهم خلال السنوات الأخيرة.
سياسات هجرة متشددة وأجواء عدائية
ترى نقابات القطاع الصحي أن هذا التراجع مرتبط بتنامي الخطاب العدائي تجاه المهاجرين، فضلًا عن قرارات حكومية أخيرة شددت قواعد الإقامة والعمل.
وتبرز خصوصًا خطوة تمديد المدة المطلوبة للتقدم للحصول على الإقامة الدائمة من خمس سنوات إلى عشر، إلى جانب تقييد الحق في الاستفادة من بعض المزايا الاجتماعية، وهي سياسات تقول النقابات إنها تستجيب لضغوط اليمين البريطاني وحزب «ريفورم يو كيه» المناهض للهجرة.
وكان وزير الصحة ويس ستريتنج قد صرّح الشهر الماضي بأن العنصرية عادت إلى بريطانيا بمستوى “قبيح” يذكّر بسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
منافسة دولية ورواتب أعلى
يشير مجلس التمريض والقبالة أيضًا إلى أن بلدانًا أخرى باتت تقدم عروضًا مالية أكثر جذبًا، في حين يسعى القطاع الصحي البريطاني إلى زيادة الاعتماد على الكوادر المحلية.
ويقول رئيس المجلس بول ريس: إن “عصر النمو المرتفع في استقدام الكوادر الدولية يبدو أنه يقترب من نهايته”.
انهيار في الأعداد من دول بارزة
سجّل تقرير الجارديان تراجعًا واسعًا النطاق في أعداد الممرضين الوافدين من دول تُعد من أهم مصادر الكوادر الدولية لهيئة خدمات الصحة:
- 58 في المئة من الهند
- 68 في المئة من الفلبين
- 28 في المئة من نيجيريا
- 9 في المئة من غانا
ورغم ذلك، ارتفع العدد الإجمالي للممرضين والممرضات المسجلين إلى 860,801 -وهو أعلى رقم على الإطلاق- من بينهم رقم قياسي بلغ 96,593 رجلًا (12 في المئة).
أزمة تتجاوز الأرقام
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن هذا التراجع لا يعكس أزمة توظيف فحسب، بل يكشف عن بيئة عمل لم تعد جاذبة للكفاءات الدولية، وأحيانًا تتسم بالعدائية تجاه الأجانب، في وقت يعتمد فيه النظام الصحي عليها بشكل أساسي. وترى المنصة أن استمرار هذه الاتجاهات سيعمّق أزمة قوائم الانتظار داخل المستشفيات، ما يستدعي مراجعة جادة لسياسات الهجرة وآليات دعم الموظفين الأجانب؛ لضمان استدامة خدمات القطاع الصحي وقدرته على تلبية احتياجات المرضى.
المصدر: الجارديان
اقرأ أيضاً
الرابط المختصر هنا ⬇
