تحقيقات تكشف دور الاستخبارات البريطانية في مجزرة النصيرات بغزة

كشفت تحقيقات إعلامية غربية، من بينها تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، عن دور استخباري خطير لدول غربية -على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة- في المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مخيم النصيرات بقطاع غزة يوم الـ8 من يونيو 2024، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 270 فلسطينيًّا.
وبحسَب التحقيقات، فإن الطائرات البريطانية والأميركية قدّمت دعمًا استخباريًّا حاسمًا قبل تنفيذ العملية، من خلال طلعات مراقبة متواصلة ورصد جويّ متقدم، ما يثير تساؤلات عن طبيعة تورّط بريطانيا في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
تحقيقات: بريطانيا متورطة بمجزرة النصيرات
رائحة الدخان والدم ما زالت حاضرة في ذاكرة سكان النصيرات بعد مرور عام على ما بات يُعرَف بـ”مجزرة النصيرات”. العملية التي ادّعى الاحتلال أنها كانت تستهدف “تحرير أسرى” من قبضة حركة حماس، خلّفت دمارًا هائلًا ومئات الشهداء والمصابين، دون أن تُسفر عن أي تغيير في الواقع الإنساني الكارثي على الأرض.
إلا أن ما زاد من حدة الألم، هو ما كشفته التحقيقات مؤخرًا عن الطائرات التجسسية الغربية التي كانت تُحلّق في سماء غزة قُبيل المجزرة، والتي يُعتقد أنها زوّدت الجيش الإسرائيلي ببيانات ومعلومات حسّاسة استُخدِمت في تنفيذ العملية العسكرية.
ووفقًا للبيانات المتاحة، نفّذت بريطانيا أكثر من 500 طلعة استطلاعية فوق غزة منذ بداية الحرب، من بينها 24 طلعة في الأسبوعين السابقين ليوم المجزرة، ويشمل ذلك يوم العملية نفسه.
“كل شيء كان محسوبًا… وشعرت بالخيانة”
رائد عبد الفتاح (38 عامًا)، أحد الناجين من المجزرة، لا يزال غير قادر على استعادة توازنه النفسي بعد تلك اللحظات العصيبة.
يقول عبد الفتاح : “كنت مع زوجتي وأطفالي الثلاثة في السوق عندما بدأ القصف. ركضنا دون أن نعرف إلى أين سنتّجه، حاولنا النجاة فقط. مررنا قرب سيارة مصفوفة واختبأنا خلفها، لكنها انفجرت بصاروخ بعد ثوانٍ من مرورنا… كدنا نُدفن تحت الركام”.
ويتابع: “رأيت شابًّا يبيع الحلوى أصيب بطلق من طائرة مسيّرة في رأسه. انهار كل شيء داخلي… لم أستطع تمالك نفسي”.
رائد يُحمّل الدول الغربية مسؤولية مباشرة قائلًا: “عندما علمت أن بريطانيا وأميركا قدّمتا لإسرائيل صورًا من طائرات استطلاع، شعرت أن الخيانة جاءت من فوق. من قدّم المعلومة، شارك في المجزرة، ولو عن بُعد”.
“ليسوا أبرياء… نحن كنا تحت أعين الجميع”
أسماء الترك (33 عامًا)، كانت تقيم مع عائلتها في خيمة قرب موقع العملية. تتذكر الطائرات التي حلّقت على ارتفاع منخفض: “كنا نظنها إسرائيلية. لم نكن نعلم أن بينها طائرات بريطانية وأميركية تجمع البيانات”.
وتضيف: “أصيبت ابنتي الصغيرة سارة بحروق بعد سقوط شظايا على خيمتنا. أنقذناها بأعجوبة، لكنني أستيقظ من الكوابيس كل ليلة منذ ذلك اليوم”.
أسماء لا تتردد في تحميل الدول الغربية المسؤولية: “إذا قدّمت بريطانيا معلومات، فهي متواطئة. لا يهم إن كانت الطائرات مسلحة أم لا. من يرى ويصمت، أو يقدّم معلومات للقاتل، فهو شريك في الجريمة”.
وتختتم: “دم أطفال غزة ليس أقل قيمة من أي دم في لندن أو باريس. لن نغفر”.
رأي منصة العرب في بريطانيا
تؤكد منصة العرب في بريطانيا أن ما كشفته التحقيقات الأخيرة عن الدور الاستخباري البريطاني في مجزرة النصيرات يُعَدّ صادمًا ومخالفًا للقيم التي تدّعي المملكة المتحدة الدفاع عنها في المحافل الدولية.
وترى المنصة أن تقديم أي دعم استخباري ساهم في تسهيل تنفيذ عمليات عسكرية ضد المدنيين، يُمثّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ووصمة عار في السجل الأخلاقي لبريطانيا.
وتطالب المنصة بإجراء تحقيق برلماني مستقل وشفاف بشأن طبيعة المعلومات التي قُدّمت لإسرائيل، وتحديد المسؤوليات السياسية والعسكرية، بما يضمن عدم تكرار مثل هذا التورط في المستقبل، ووقوف بريطانيا إلى جانب العدالة، لا إلى جانب آلة القتل.
المصدر: Declassified UK
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇