بريطانيا حاولت تعليق تصدير أجزاء إف-35 لإسرائيل.. ووثائق تكشف العائق

كشفت وثائق قضائية جديدة عن محاولات مسؤولين بريطانيين في وزارة الدفاع لبحث خيارات منع وصول مكونات طائرات F-35 المقاتلة المصنّعة في المملكة المتحدة إلى إسرائيل، دون الإضرار بالبرنامج العالمي للطائرة. وتُعد طائرة F-35 من الركائز الأساسية لقوة الناتو الجوية والقدرات الدفاعية البريطانية، لكن القيود التقنية والسياسية حالت دون تحقيق هذه المحاولات، ما أثار جدلاً واسعًا بشأن التزام الحكومة البريطانية بمعاييرها القانونية والدولية.
خلفية المحاولات البريطانية
وأظهرت الوثائق أن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية تواصلوا مع نظرائهم الأمريكيين، الذين يشرفون على برنامج F-35، للبحث عن إمكانية فصل المكونات البريطانية المستخدمة في تصنيع الطائرات التي قد تصل إلى إسرائيل. وجاءت هذه المحاولات في ظل تقارير تفيد بأن إسرائيل تستخدم الطائرة في عمليات عسكرية، بما في ذلك غاراتها الجوية على غزة.
لكن بحلول يوليو 2024، خلصت الحكومة البريطانية إلى أن أي حظر على تصدير هذه المكونات سيؤدي إلى تعطيل خطير للبرنامج بأكمله، ما يهدد جاهزية الطائرة للاستخدام في عمليات الناتو والحملات العسكرية البريطانية.
أهمية طائرة F-35
تعد الطائرة F-35 “ركيزة أساسية” في قوة الناتو الجوية، و”عنصرًا محوريًا” في الدفاع ضد التهديدات، خاصة من روسيا، وفقًا لوزير الدفاع البريطاني جون هيلي. وتمتلك بريطانيا حاليًا 34 طائرة من هذا الطراز، ومن المقرر أن يرتفع العدد إلى 47 بنهاية العام. وتستخدم هذه الطائرات بشكل رئيسي في العمليات الجوية من حاملات الطائرات، وتلعب دورًا حاسمًا في الخطط الدفاعية للناتو.
وأشار هيلي في رسالة وجهها لوزير الأعمال والتجارة جوناثان رينولدز إلى أن تعطيل أسطول الطائرات F-35 قد يؤدي إلى فقدان السيطرة الجوية للناتو في أي نزاع مستقبلي، ما يزيد من احتمالية اندلاع معارك طويلة الأمد على الأرض وارتفاع الخسائر البشرية. كما حذر من أن مثل هذا التعطيل قد يؤثر على خطط دول الناتو، مثل الدنمارك وهولندا، لتسليم طائرات F-16 إلى أوكرانيا.
قرار حكومي مثير للجدل
في أغسطس 2024، أعلنت الحكومة البريطانية تعليق 30 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، لكنها لم تشمل مكونات الطائرة F-35 التي تُرسل عبر دول ثالثة. وبررت الحكومة ذلك بأن أي محاولة لفصل المكونات البريطانية عن البرنامج تتطلب تعليق جميع صادرات المكونات المتعلقة بـ F-35، ما يعطل البرنامج بالكامل.
ووفقًا للوثائق، فإن برنامج F-35 يُدار بموجب مذكرة تفاهم وُقعت في عام 2006 بين الدول المشاركة في المشروع. يشرف على البرنامج مجلس توجيه تنفيذي برئاسة الولايات المتحدة، ويضم ممثلين عن الدول المشاركة، ويتخذ قراراته بالإجماع. وأوضحت الحكومة أنه لا يمكن لأي دولة بمفردها أن تُصدر أوامر بوقف تصدير المكونات لإسرائيل أو أي دولة أخرى. كما أضافت أن البنية اللوجستية الحالية للبرنامج لا تسمح بفصل المكونات المخصصة لدولة بعينها، مما يتطلب بناء نظام جديد معقد.
اتهامات بانتهاك القانون الدولي
أثارت هذه المواقف انتقادات حادة من منظمات حقوقية، من بينها “شبكة العمل القانوني العالمي” (GLAN) ومنظمة “الحق” الفلسطينية، اللتان رفعتا دعوى قضائية أمام المحكمة العليا البريطانية. تتهم المنظمات الحكومة بانتهاك معايير تصدير الأسلحة الخاصة بها، والتي تنص على تعليق التراخيص إذا كان هناك خطر واضح باستخدام الأسلحة في انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني.
وفي تصريح له، وصف شوان جبارين، مدير منظمة “الحق”، استمرار تصدير المكونات بأنه “مشين”، مضيفًا:
“على الرغم من اعتراف الحكومة بالمخاطر الواضحة لاستخدام مكونات الطائرة F-35 من قبل إسرائيل في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، بما في ذلك الإبادة الجماعية، إلا أنها تواصل تصدير هذه المكونات. هذا يعكس احتقارًا صارخًا لحياة الفلسطينيين والمبادئ الأساسية للقانون الدولي.”
مواقف متعارضة داخل القضاء
تؤكد الحكومة البريطانية أن معايير تصدير الأسلحة هي سياسة حكومية وليست جزءًا من القانون المحلي، مما يمنحها مرونة في اتخاذ القرارات بناءً على مصلحة الدولة. في المقابل، ترى المنظمات الحقوقية أن استمرار التصدير يقوض سيادة القانون الدولي ويعرض حقوق الفلسطينيين لخطر جسيم.
يجادل النشطاء بأن الحكومة البريطانية، رغم اعترافها بتداعيات تعليق التراخيص على البرنامج العالمي، فشلت في تقييم العواقب الإنسانية والقانونية المترتبة على استمرار التصدير. كما أشاروا إلى أن موقف الحكومة يعني أنه لا يوجد “خط أحمر” يمكن أن يؤدي إلى تعليق التوريد، حتى لو كان ذلك يتعلق باستخدام المكونات في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تداعيات على الأمن الدولي
أوضحت الحكومة أن الطائرة F-35 تلعب دورًا رئيسيًا في حماية الأمن العالمي، وأن أي تعطيل للبرنامج قد يؤدي إلى تقويض استراتيجيات الناتو الدفاعية، ما يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر. ووفقاً للوثائق، فإن تعطيل البرنامج قد يؤدي إلى تأخير في تحديث القوات الجوية للدول الحليفة، بما في ذلك تزويد أوكرانيا بطائرات حربية في مواجهة العدوان الروسي.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇