“بال أكشن” في مرمى الملاحقة: هل أصبح دعم فلسطين جريمة في بريطانيا؟
تواجه الحكومة البريطانية انتقادات واسعة بعد إعلان نيتها تصنيف حركة “بال أكشن” (Palestine Action) كمنظمة إرهابية، في خطوة غير مسبوقة قد تضع دعم القضية الفلسطينية تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب.
وبحسب المقترح الحكومي، فإن مجرد الانتماء إلى الحركة أو التعبير عن الدعم لها قد يُعرّض الأفراد للسجن حتى 14 عامًا، فيما يُعاقب من يُظهر شعاراتها أو يرتدي رموزًا توحي بتأييدها بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر.
منظمة احتجاجية تحت طائلة الإرهاب
تأسست “بال أكشن” عام 2020، وهي حركة بريطانية تعتمد أسلوب “الاحتجاج المباشر” ضد الشركات التي تتعاون مع مصانع السلاح الإسرائيلية، خصوصًا شركة “إلبيت سيستمز”. وتقوم الحركة بعمليات اقتحام للمقرات الصناعية، تعطيل الآلات، ورش طلاء أحمر يرمز إلى الدم، إلى جانب نشر توثيق مصور على وسائل التواصل.
ورغم أن النشطاء يُلاحقون فعليًا بتهم مثل التخريب والإزعاج العام، تزعم الحكومة أن أساليبهم أصبحت “أكثر عدوانية”، وأنها تسبّبت “بأضرارًا جسيمة” لمؤسسات دفاعية. وفي هذا السياق، أعلنت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر أن تصنيف الحركة كمنظمة إرهابية بات ضرورة “لأمن البلاد”.
نشطاء يرفضون الاتهامات ويعتبرونها سياسية
هدى العُمري، إحدى مؤسسات الحركة، عبّرت عن صدمتها من القرار، وقالت لصحيفة الغارديان: “ليست لديّ أي سوابق جنائية، ولكن إذا تم الحظر، فسأُعتبر مشاركة في تأسيس منظمة إرهابية. هذا عبث”.
وأضافت: “الحكومة لا تلاحقنا بسبب ما فعلناه، بل بسبب ما نمثّله. هناك دعم شعبي متزايد لقضيتنا، وهذا ما يزعجهم”.
العُمري اعتبرت القرار استجابة لضغوط سياسية من جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل، لا سيما أن الحركة تستهدف بشكل مباشر شركة “إلبيت سيستمز”، التي لها علاقات أمنية وتجارية مع الحكومة البريطانية.
اقتحام قاعدة جوية يفاقم الموقف
جاء إعلان وزيرة الداخلية بعد عملية نفذها نشطاء من الحركة، حيث اقتحموا قاعدة “بريز نورتون” الجوية في أوكسفوردشير، ورشّوا طلاءً أحمر داخل محركات طائرتين عسكريتين. وتقول “بال أكشن” إن الطائرتين كانتا تشاركان في تزويد طائرات أمريكية وإسرائيلية بالوقود.
الحادثة وصفت بأنها “اختراق أمني”، واعتُبرت سببًا مباشرًا في تسريع إجراءات الحظر، في وقت تسعى فيه الحكومة لتعزيز صورتها الأمنية والدفاعية.
تمويل الحركة والاتهامات الخارجية
مع تصاعد الضغوط، ظهرت اتهامات للحركة “بتلقّي تمويل من إيران”، وهي رواية رددتها تقارير صحفية ومجموعات مؤيدة لإسرائيل. إلا أن العُمري نفت ذلك بشكل قاطع، مشيرة إلى أن التمويل يأتي من تبرعات فردية صغيرة. وقد جمعت حملة إلكترونية لدعم النفقات القانونية للحركة أكثر من 150 ألف باوند، بمتوسط تبرع بلغ نحو 35 باوند للفرد.
وتضيف العُمري: “هذه الاتهامات ليست جديدة. كل من يعارض جرائم الحرب في فلسطين، يتعرض للتشويه. اليوم يقولون إننا إرهابيون، وغدًا قد يلاحقون أي شخص يتعاطف مع غزة أو يرفع العلم الفلسطيني”.
قلق حقوقي على حرية التعبير
حقوقيون ومنظمات مدنية حذّروا من تداعيات الحظر على حرية التعبير والعمل الاحتجاجي في بريطانيا. إذ يسمح القانون البريطاني بتجريم أي تعبير يُفسر على أنه “دعم غير مباشر” لمنظمة محظورة، ما قد يطال كُتابًا وصحفيين ونشطاء.
وترى العُمري أن الحظر “لن يُسكت الحركة، بل سيكشف حجم التواطؤ الحكومي مع الاحتلال الإسرائيلي”، مؤكدة أن “الناس باتوا يدركون أن لديهم القدرة على مقاومة هذا الظلم، وأنهم ليسوا مضطرين للصمت حين تنتهك حكومتهم القانون أو تدعم شركات تصدّر الموت لغزة”.
هذا وترى “العرب في بريطانيا (AUK)” أن الحظر المحتمل لحركة “بال أكشن” يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل حرية التعبير والاحتجاج السياسي في المملكة المتحدة. فإن تجريم الحركات التي ترفع صوتها ضد انتهاكات حقوق الإنسان – لا سيما في فلسطين – يُعد تكميمًا وتقييدًا للأصوات المعارضة.
اقرأ أيضًا
الرابط المختصر هنا ⬇