المسلمون البريطانيون قوة ثقافية كبرى.. لكن التمويل يحاصرهم بمظلة “مكافحة التطرف”!

كشف تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث مستقل عن الدور المحوري للمسلمين البريطانين في صناعة الثقافة، لكنه حذّر من أن الفنانين المسلمين يواجهون في الغالب ضغوطًا للقبول بتمويلات مشروطة مرتبطة ببرامج مكافحة التطرف المثيرة للجدل.
وجاء التقرير تحت عنوان “الفنون والثقافة في المملكة المتحدة ودور المسلمين البريطانيين”، وأطلقه مركز الأبحاث “إكوي” (Equi) في البرلمان البريطاني، حيث استضاف الحدث المجموعة البرلمانية المشتركة لجميع الأحزاب المعنية بشؤون المسلمين البريطانيين (APPG).
وشهدت الفعالية حضور شخصيات بارزة، من بينها النائبة العمالية والرئيسة المشاركة للمجموعة البرلمانية، سارة أوين، والنائب العمالي ونائب الرئيس، أفضل خان، إلى جانب البارونة سعيدة وارسي، الرئيسة المشاركة السابقة لحزب المحافظين.
تحذيرات من تسييس التمويل الثقافي
وخلال الحدث، حذّر مدير مركز “إكوي”، البروفيسور جاويد خان، من أن الحكومة بحاجة إلى فهم أعمق للقضايا الدينية عند صياغة سياساتها. وأكد أن التقرير يسعى لتوضيح أسباب هذه الحاجة، منبّهًا إلى أن التغيير الحقيقي يتطلب إجراءات ملموسة لا مجرد اهتمام رسمي.
وأشار التقرير، الذي أعدّه الدكتور محمد جولبار خان، إلى أن المسلمين البريطانيين ينتقلون من مجرد مستهلكين للثقافة إلى منتجين لها، ضمن سوق عالمي تبلغ قيمته 3.7 تريليون دولار، تشمل قطاع الأغذية الحلال وأنماط الحياة الإسلامية.
تمويل مشروط يحدّ من الإبداع
وحذّر التقرير من أن العديد من المبدعين المسلمين يُدفعون نحو قبول تمويلات مرتبطة ببرنامج “بريفنت” لمكافحة التطرف، وهو ما وصفه التقرير بأنه يؤدي إلى الحدّ من الإبداع وتقييد حرية التعبير الفني.
ودعا التقرير الحكومة إلى إعادة توجيه التمويلات لتعزيز صورة إيجابية عن المجتمع المسلم، وإنشاء مجموعة عمل لدعم المبدعين المسلمين وحماية حريتهم الفنية من أي رقابة أو تضييق.
وتحدثت خلال الحدث المخرجة الفلسطينية البريطانية فرح النابلسي، الحائزة على جائزة “بافتا”، وعرضت مقتطفات من أفلامها، ومن ذلك فيلم (The Teacher)، الذي تدور أحداثه في الضفة الغربية المحتلة.
وكشفت النابلسي أنها رغم فوز الفيلم بعدة جوائز دولية، لم تتمكن من العثور على موزع بريطاني له، إذ رفضت بعض الجهات عرضه خشية ردود فعل سياسية سلبية.
المسلمون البريطانيون يتركون بصمة في جميع المجالات
من جانبها أشادت النائبة العمالية سارة أوين بالإسهامات الثرية للمسلمين في بريطانيا في مختلف المجالات، قائلة: “المسلمون البريطانيون لا يثرون قطاعَي الفنون والثقافة فقط، بل يتركون بصمات واضحة في الرعاية الصحية، والتعليم، والأعمال، والأنشطة الخيرية، وهي إسهامات تُهمَّش في الغالب ولا تحظى بالتقدير الكافي”.
بدوره نبّه البروفيسور جاويد خان إلى أن دعم الفنون والثقافة يجب ألا يكون مجرد تفكير لاحق في سياسات الحكومة، بل أداة محورية لكسب القلوب والعقول.
وأضاف: “دعم الفنانين المسلمين ليس مجرد مسألة تمثيل، بل هو استثمار في الإبداع والابتكار الذي يعزز من قوة المملكة المتحدة اقتصاديًّا وثقافيًّا”.
ويأتي هذا التقرير في وقت تتزايد فيه المطالبات للحكومة البريطانية بإعادة النظر في سياساتها التمويلية للفنون؛ لضمان حرية التعبير وتشجيع التنوع الثقافي، في ظل استمرار الجدل بشأن تأثير البرامج المرتبطة بمكافحة التطرف على المشهد الفني والإبداعي في البلاد.
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇