الغارديان: وثيقة مسربة تكشف فشل خطة الحكومة البريطانية للحد من عبور قوارب المهاجرين

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن وثيقة مسرّبة من خفر السواحل الفرنسي، تُظهر إخفاقًا واضحًا في تنفيذ السياسة البريطانية-الفرنسية المشتركة للحد من عبور قوارب المهاجرين عبر القنال الإنجليزي.
وبحسب الوثيقة، وهي تقرير حالة (Sitrep) صادر عن مركز تنسيق الإنقاذ البحري في غري-ني شمال فرنسا، فقد تدخلت الشرطة الفرنسية في 9 يوليو لمنع انطلاق قارب مطاطي من منطقة كايو-سور-مير عبر تمزيقه، في إطار الإجراءات الوقائية المتبعة. إلا أن القارب واصل طريقه، ورُصد لاحقًا في عرض البحر وقد حمَل المزيد من الركاب، قبل أن يتم إنقاذه من قبل قارب تابع لمنظمة الإنقاذ البحري RNLI البريطانية، ليصل إلى السواحل البريطانية في اليوم التالي وعلى متنه 55 شخصًا.
تصاعد في أعداد الوافدين رغم الاتفاق

تأتي هذه الواقعة بعد أيام فقط من إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن اتفاق جديد بين البلدين يقضي بتطبيق مبدأ “واحد مقابل واحد”، حيث يُسمح لشخص بدخول المملكة المتحدة بشكل قانوني لتقديم طلب لجوء، مقابل إعادة شخص آخر وصل بطريقة غير نظامية.
ويتضمن الاتفاق كذلك اعتراض القوارب المكتظة بالمهاجرين حتى مسافة 300 متر داخل المياه، وهي ممارسة أكدت تقارير استقصائية دولية أنها بدأت منذ عام 2022 على الأقل.
ورغم هذا الاتفاق، تشير بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى أن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة عبر القوارب ارتفع بنسبة 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث تجاوز عدد الوافدين 21 ألفًا منذ مطلع عام 2025.
انتقادات متزايدة وتكلفة بشرية مرتفعة
أكدت مصادر في خفر السواحل الفرنسي أن الحادثة الأخيرة تسلّط الضوء على محدودية فعالية أسلوب “تمزيق القوارب”، خاصة إن ظلت هذه القوارب قادرة على الطفو. وأشارت إلى أن استمرار هذا الأسلوب يتطلب موارد إضافية من فرق الإنقاذ، ما يرفع التكاليف ويزيد من المخاطر على حياة المهاجرين.
وفي رسالة مفتوحة نُشرت في وسائل إعلام فرنسية يوم 25 يونيو، أعربت نقابة الجمارك الفرنسية Solidaires Douanes عن قلقها من “تصاعد سوء المعاملة المؤسسية بحق الأشخاص في المنفى”، محذرة من تداعيات سياسات “وقف القوارب” على كرامة وحقوق المهاجرين.
وقالت شارلوت خان، مديرة المناصرة في منظمة Care4Calais، إن الوثيقة المسرّبة تؤكد أن “العنف الممنهج ضد اللاجئين في شمال فرنسا في تصاعد مستمر”. وأضافت: “تمزيق القوارب لا يُثني الفارّين من الحروب والاضطهاد، بل يضعهم في مواجهة مخاطر أكبر”.
وأشارت خان إلى أن “استمرار المهاجرين في المخاطرة بأرواحهم من أجل الوصول إلى بريطانيا يُثبت أن سياسات الردع، مهما بلغت من القسوة، غير فعّالة، بل تدفع الناس إلى اتخاذ طرق أشد خطورة”.
وأكدت أن الحل الوحيد لوقف العبور الخطِر هو “فتح مسارات آمنة وشرعية لتقديم طلبات اللجوء، بدلاً من سياسات الردع العقابية”.
وبحسب مصادر في وزارة الداخلية البريطانية، لم تُعلن السلطات الفرنسية حتى الآن نتائج المراجعة الخاصة بأساليب الاعتراض البحري، لكن الحكومة البريطانية تأمل أن تُمكّن التوصيات المقبلة الفرق البحرية من التدخل المباشر لوقف عبور القوارب داخل المياه.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن الوثيقة المسرّبة تفضح جوانب الإخفاق المزمن في المقاربة الأمنية لملف الهجرة، والتي لا تزال تركز على الردع دون معالجة الأسباب الجذرية.
إن تصاعد أعداد الواصلين رغم الإجراءات المشددة يؤكد أن استراتيجية “وقف القوارب” غير فعالة من الناحية الإنسانية ولا العملية، بل تزيد من معاناة الفارين من النزاعات والفقر وتدفعهم نحو مزيد من المخاطر
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇