هل تخطط بريطانيا لخفض تكاليف الرعاية الاجتماعية لعام 2025؟

تستمر النفقات البريطانية على الرعاية الاجتماعية في الزيادة بشكل مضطرد. وقد قدَّر مكتب المسؤولية الميزانية أن إجمالي الإنفاق على الفوائد سيرتفع بنسبة تزيد على 25 في المئة ليصل إلى 378 مليار باوند بحلول عام 2030.
ويُعزى ذلك بصفة خاصة إلى الارتفاع الكبير في مدفوعات المعاشات التقاعدية وزيادة الإنفاق على الفوائد الصحية المتعلقة بالعاملين، والتي يُتوقع أن ترتفع من نحو 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة إلى 2.2 في المئة بنهاية العقد.
إن هذا التوسع في النفقات هو، جزئيًّا، نتيجة حتمية لشيخوخة السكان، إضافة إلى الأمراض الحديثة المرتبطة بالسمنة والصحة العقلية. ولكن النظام غير الفعَّال للرعاية الاجتماعية في البلاد يسهم أيضًا في زيادة التكاليف بطريقة غير مبررة.
النظام الحالي: أزمة مستمرة
لقد خضعت مدفوعات الفوائد في بريطانيا لتعديلات مستمرة من الحكومات المتعاقبة. وكان من الصعب تقليص الإنفاق السابق دون تعرض الحكومة لضغوط سياسية، وفي الغالب أسفرت محاولات تقليص النفقات عن زيادة التكاليف وتقليص فعالية النظام.
وفي الوقت الحالي، ساءت كفاءة النظام، بحيث يمكن أن يتحول من شبكة أمان إلى فخ، وهذا يهدد استدامته على المدى الطويل. الحكومة البريطانية تواجه صعوبة في الوفاء بقواعدها المالية، وستجد نفسها أمام صعوبات أكبر في ظل التزام رئيس الوزراء، السير كير ستارمر، بزيادة الإنفاق الدفاعي.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن تُعلن الحكومة خططًا لإصلاح نظام الفوائد الصحية والإعاقة في وقت لاحق من هذا الشهر. وتشمل هذه الخطط مدفوعات العجز للأشخاص الذين لا يستطيعون العمل ومدفوعات الاستقلال الشخصي للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أو إعاقات، بصرف النظر عن وضعهم الوظيفي.
إعادة تقييم الدعم الاجتماعي
ما التحسينات التي يمكن إدخالها على النظام وفقًا لرئية صحيفة فاينانشال تايمز؟ أولًا، يجب على الحكومة إعادة النظر في الدعم المقدم. على سبيل المثال: يمكن للفرد الذي لا يعمل بسبب مرض شديد أن يحصل على ضعف المبلغ الذي يحصل عليه الشخص العاطل عن العمل فقط. هذه الفجوة تولِّد حافزًا مشوهًا لتصنيف الشخص مريضًا وغير قادر على العمل، وهو ما يتطلب إصلاحًا عاجلًا.
أما بالنسبة لمدفوعات الاستقلال الشخصي (PIPs)، فإن التعديلات السريعة التي قد تجعل من الصعب التأهل لها -والتي يُقال إن الحكومة تفكر في تطبيقها- قد تؤدي إلى أضرار واسعة النطاق. من الأفضل ضمان تصنيف الحقوق استنادًا إلى التكاليف الإضافية التي يواجهها الأفراد بسبب مرضهم. وتعتمد المدفوعات غالبًا على ما لا يمكن للأشخاص فعله، بدلًا من التركيز على ما يمكنهم فعله، ما يتيح فرصًا للاستفادة من النظام بصفة غير قانونية. كما أن معالجة هذه القضية قد تفتح المجال أيضًا للتبسيط، من خلال دمج مدفوعات العجز مع مدفوعات الاستقلال الشخصي.
العقبات في إعادة التأهيل الوظيفي
ثانيًا، يجب أن تبذل الحكومة مزيدًا من الجهد لإعادة الأشخاص إلى العمل وإخراجهم من نظام الفوائد الصحية. وفقًا لمؤسسة “ريزوليوشن فاونديشن”، فإن أقل من 1 في المئة من الأفراد الذين يتلقون أعلى مستويات من مدفوعات العجز ينتقلون إلى العمل شهريًّا. كما أن عدد الأشخاص الذين يستمرون في تلقي مدفوعات الاستقلال الشخصي لفترات أطول قد ازداد مع مرور الوقت. من الضروري إجراء إعادة تقييم أكثر تكرارًا للظروف لتتبع التغيرات الحاصلة، مع التركيز على الخبرة الطبية وتقديم الدعم للأفراد لإيجاد فرص عمل. وهذا يتطلب تخصيص بعض الأموال للنظام الاجتماعي من أجل توظيف الموظفين المناسبين. ومع ذلك، قد تؤدي زيادة عدد الأشخاص الذين يغادرون نظام الفوائد إلى توفير مليارات الباوندات على المدى الطويل.
إصلاحات أخرى في نظام الرعاية الاجتماعية
بعيدًا عن مدفوعات الصحة والإعاقة، هناك مجالات أخرى يمكن توفير الأموال منها. يجب على الحكومة إصلاح “آلية القفل الثلاثي” السخية على المعاشات التقاعدية، والتي تضمن زيادة المدفوعات سنويًّا بأعلى نسبة بين نمو الأجور أو التضخم أو 2.5 في المئة. هذه الآلية غير مستدامة ولا تمثل صفقة عادلة بالنسبة للعمال. وقد قدَّر “معهد الدراسات المالية” أنه يمكن توفير ما يصل إلى 40 مليار باوند حتى عام 2050 في حال تعديل الآلية بطريقة أكثر عقلانية، بحيث تُربط بنمو الأجور فقط.
كما يجب على الحكومة أن تدرك أن بعض الحلول تكمن خارج نطاق النظام الاجتماعي. إن الطلب على إعانات الإسكان يعكس نقص المساكن بأسعار معقولة، أما زيادة المدفوعات الصحية فترتبط بزيادة الحالات المتعلقة بالأمراض العقلية والأمراض المزمنة. وهذا يتطلب تحسينات جذرية في النظامين الصحي والاجتماعي. إن تقليص الإنفاق في نظام الرفاه الاجتماعي ليس أمرًا سهلًا، ويتطلب إرادة سياسية، ودقة في التفاصيل، ونهجًا شاملًا. لكن الإغراء بالحد من الاستحقاقات بشكل كبير أو رفع معايير الأهلية لن يُنهي أزمة الإنفاق على المدى الطويل.
المصدر: فايننشال تايمز
اقرأ أيضًا:
- تحليل: تراجع الرعاية الاجتماعية للبالغين في إنجلترا رغم زيادة الطلب
- 3 أسباب ساهمت بتأخر حل أزمة الرعاية الاجتماعية في بريطانيا
- ازدياد أعداد الأطفال الذين تأخذهم الرعاية الاجتماعية من ذويهم في بريطانيا
الرابط المختصر هنا ⬇