العرب في بريطانيا | ما وراء ظل غزة: الحرب غير المرئية على مستقبل ال...

1447 محرم 30 | 26 يوليو 2025

ما وراء ظل غزة: الحرب غير المرئية على مستقبل الضفة الغربية

WhatsApp Image 2025-07-25 at 03.20.48

إسرائيل تتبع بعناية نموذجاً كلاسيكياً في إثارة الاضطرابات في الضفة الغربية المحتلة. آخر هذه الاستفزازات تمثّل في تجريد بلدية الخليل (التي يديرها الفلسطينيون) من صلاحياتها الإدارية على المسجد الإبراهيمي التاريخي. والأسوأ من ذلك، وفقاً لصحيفة “إسرائيل هايوم”، أنها منحت هذه الصلاحيات للمجلس الديني لمستوطنة كريات أربع اليهودية، وهي هيئة مستوطنين متطرفة.

على الرغم من أن جميع المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة يمكن اعتبارهم متطرفين، إلا أن سكان كريات أربع، البالغ عددهم حوالي 7,500 نسمة، يمثلون فئة أكثر تطرفاً. فقد أُسِّست هذه المستوطنة في عام 1972، وتعتبر نقطة استراتيجية لتبرير فرض سيطرة عسكرية مشددة على الخليل أكثر من أي منطقة أخرى في الضفة الغربية.

تعد كريات أربع مرتبطة ارتباطاً سيئ السمعة بالمتطرف باروخ غولدشتاين، المستوطن الأمريكي الإسرائيلي الذي، في فبراير 1994، شن هجوماً مروعاً. حيث اشعل النار على المصلين المسلمين الذين كانوا يركعون لصلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي، ما أسفر عن استشهاد 29 شخصاً بلا رحمة. تبع ذلك بسرعة هجوم آخر، حيث قامت القوات الإسرائيلية بقمع الفلسطينيين المتظاهرين في الخليل وأماكن أخرى في الضفة الغربية، مما أدى إلى استشهاد 25 فلسطينياً آخرين.

ومع ذلك، خلصت لجنة شمغار الإسرائيلية، التي كانت مكلفة بالتحقيق في المجزرة، في عام 1994 إلى أن المسجد الفلسطيني، وهو موقع ذو أهمية دينية كبيرة، يجب أن يُقسّم بشكل بشع: 63 في المئة للمصلين اليهود و37 في المئة فقط للمسلمين الفلسطينيين.

منذ هذا القرار الكارثي، تم فرض قيود قمعية بشكل منهجي. وتشمل هذه القيود المراقبة المنتشرة، وأحياناً الإغلاقات الممتدة للموقع، التي كانت تقتصر على المستوطنين اليهود فقط.

القرار الأخير، الذي وصفته صحيفة “إسرائيل هايوم” بأنه “تاريخي وغير مسبوق”، يعد خطراً بالغاً. فهو يضع مصير هذا المسجد الفلسطيني التاريخي في يد أولئك المتحمسين بشكل متطرف للاستيلاء على الموقع المقدس بالكامل.

لكن المسجد الإبراهيمي ليس سوى نموذج مصغر لشيء أكثر شرّاً يحدث عبر الضفة الغربية. فقد استغلت إسرائيل عدوانها في غزة لتصعيد عنفها بشكل كبير، وتنفيذ حملات اعتقال جماعية، ومصادرة مساحات شاسعة من الأراضي، وتدمير المزارع والبساتين الفلسطينية بشكل منهجي، بالإضافة إلى توسيع المستوطنات غير القانونية بشكل عدواني.

على الرغم من أن الضفة الغربية، التي كانت خاضعة في السابق لضغوط عسكرية إسرائيلية وعمليات قمعية من السلطة الفلسطينية، لم تكن طرفاً مباشراً  في 7 أكتوبر 2023، ولا في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، فقد أصبحت فجأة محوراً رئيسياً للإجراءات العسكرية الإسرائيلية.

في السنة الأولى من الحرب، تم احتجاز أكثر من 10,400 فلسطيني في حملات قمعية من الجيش الإسرائيلي، وتم احتجاز الآلاف منهم دون تهم. علاوة على ذلك، تم طرد مئات الفلسطينيين بشكل قسري، لا سيما من شمال الضفة الغربية، حيث تم تدمير مخيمات اللاجئين والبلدات بشكل منهجي في حملات عسكرية إسرائيلية ممتدة.

الهدف الأكبر لإسرائيل يبقى هو خنق الضفة الغربية. ويتم تحقيق ذلك من خلال قطع المجتمعات باستخدام نقاط التفتيش العسكرية المنتشرة، وفرض الإغلاقات التامة على مناطق واسعة، وتعليق تصاريح العمل للفلسطينيين العاملين، الذين يعتمدون بشكل شبه كامل على سوق العمل الإسرائيلي للبقاء.

تستهدف هذه الخطة الخبيثة أيضاً جميع المواقع المقدسة الفلسطينية، بما في ذلك مجمع المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، والمسجد الإبراهيمي. حتى عندما كانت هذه المواقع قابلة للوصول، فإن القيود العمرية ونقاط التفتيش العسكرية الخانقة تجعل الوصول إليها صعباً، وفي بعض الأحيان مستحيلاً، بالنسبة للفلسطينيين الراغبين في الصلاة فيها.

نواب أوروبيون يطالبون بعقد اجتماع طارئ وفرض عقوبات على إسرائيل وسط استمرار الإبادة في غزة
العدوان الإسرائيلي على غزة (الأناضول/ Mustafa Hassona)

في أغسطس 2024، صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن حملته العنيفة ضد الضفة الغربية هي جزء من مواجهة “محور الإرهاب الإيراني الأوسع”. عملياً، كانت هذه التصريحات بمثابة الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي للتعامل مع الضفة الغربية كامتداد للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. بحلول منتصف يوليو 2025، استشهد أكثر من 900 فلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بينما قُتل ما لا يقل عن 15 على يد المستوطنين.

مع الضغط المتزايد على الفلسطينيين، وعدم وجود استراتيجية موحدة من قبل قيادتهم لمقاومة ذلك بشكل فعال، قامت إسرائيل بزيادة بناء المستوطنات غير القانونية بشكل كبير، وكذلك تقنين العديد من النقاط الاستيطانية التي كانت غير قانونية حتى وفقاً للمعايير الحكومية الإسرائيلية.

إن تصرفات إسرائيل في الضفة الغربية لم تكن انحرافاً مفاجئاً، بل كانت متسقة مع خطة طويلة الأمد ومكرسة، بما في ذلك خطة تم تثبيتها في الكنيست الإسرائيلي في عام 2020 والتي سمحت لإسرائيل بضم الضفة الغربية رسمياً. هدف إسرائيل النهائي دائماً كان هو حصر غالبية الفلسطينيين في جيوب معزولة مثل “البانتوستان”، مع فرض السيطرة الكاملة على الغالبية العظمى من المنطقة.

في أغسطس 2023، عبر وزير الأمن القومي المتطرف إيتامار بن غفير عن هذه الرؤية الشريرة قائلاً: “حقّي، حقّ زوجتي وأولادي في التنقل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) أهم من حرية التنقل للعرب”.

تبع ذلك إجراءات قمعية أخرى، بما في ذلك قوانين من الكنيست للحد بشكل كبير من عمليات الأونروا، وتشريعات أخرى لترسيخ عملية الضم الفعلي. في مايو الماضي، أعلن سموترتش بشكل صارخ عن 22 مستوطنة جديدة. في 2 يوليو، دعا 14 وزيراً إسرائيلياً علنياً نتنياهو إلى ضم الضفة الغربية فوراً.

في الواقع، كل خطوة اتخذتها إسرائيل، خصوصاً منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة، كانت مدروسة بعناية لتؤدي إلى ضم الضفة الغربية بشكل لا رجعة فيه – وهي عملية ستتبعها بالضرورة إعلان أن السكان الأصليين شخصيات غير مرغوب فيها في وطنهم.

سيؤدي هذا المستوى من الضغط والقمع النظامي في النهاية إلى انفجار شعبي. ورغم قمعه من قبل وحشية الجيش الإسرائيلي، ورعب المستوطنين المسلحين، والإجراءات القمعية من السلطة الفلسطينية، فإن نقطة الانفجار باتت تقترب بسرعة.

على أولئك في الغرب الذين يرددون نداءات فارغة للهدوء والتهدئة أن يفهموا أن المنطقة تتجه نحو حافة الهاوية. لا يكفي إطلاق التصريحات الدبلوماسية أو البيانات الصحفية الباردة لتجنب الكارثة. يجب عليهم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد سياسات إسرائيل المدمرة، ويجب أن يتصرفوا فوراً.

المصدر: middleeastmonitor


إقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
7:09 am, Jul 26, 2025
temperature icon 17°C
clear sky
80 %
1017 mb
5 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 1%
Visibility 10 km
Sunrise 5:15 am
Sunset 8:58 pm